تعتبر التكنولوجيا الحديثة سلاحا ذا حدين، حيث يفترض الكثير من الناس أن التليفونات وأجهزة الكمبيوتر المحمولة هي الدليل الأساسي على التقدم في بعض النواحي، بالطبع هذا صحيح، فعلى سبيل المثال هناك العديد من التطبيقات التي يمكن أن تُعزز من أنشطة ووظائف المخ
تعتبر التكنولوجيا الحديثة سلاحا ذا حدين، حيث يفترض الكثير من الناس أن التليفونات وأجهزة الكمبيوتر المحمولة هي الدليل الأساسي على التقدم في بعض النواحي، بالطبع هذا صحيح، فعلى سبيل المثال هناك العديد من التطبيقات التي يمكن أن تُعزز من أنشطة ووظائف المخ، ولكن في المقابل نجد أن التطورات التقنية الهائلة قد تتسبب في عواقب غير مقصودة، الأمر الذي جعل الخبراء يحذرون من أن تأثير التكنولوجيا على الذكاء البشري قد يكون "قاتلا"، وبالتالي نطرح سؤالا مهما، كيف تؤدي التكنولوجيا إلى ارتباك العقل البشري؟ الإجابة في السطور الآتية:
أولاً: تأثير التكنولوجيا على النوم السليم
أظهرت الدراسات الحديثة أن الضوء الأزرق المُنبعث من الأدوات مثل التليفونات الذكية، أقراص وأجهزة الكمبيوتر المحمولة يؤثر على قدرة جسم الإنسان على إفراز هرمون ميلاتونين Melatonin (المفتاح المسؤول عن تنظيم الساعة الداخلية للفرد)، فهو الذي يعطي الإشارة للجسم عندما يكون الوقت ليلا، للشعور بالنعاس، ويعمل الضوء الأزرق على تعطيل تلك العملية، وبالتالي استحالة وضع جدول زمني مناسب للنوم، ففقدان النوم له الكثير من الآثار السلبية على صحة الفرد، حيث إذا لم يستطع الفرد النوم لمدة 7 ساعات على الأقل، قد يؤدي ذلك إلى سوء الحالة المزاجية بشكل متزايد، انخفاض التركيز في العمل، وارتباك في الذاكرة.
ثانياً: التقنيات الرقمية مصدر للتشتّت الذهني
من أهم المشاكل السلبية التي تواجه الفرد عند استخدامه للتقنيات الحديثة، الشعور بالتشتت سواء كان ذلك من خلال الانتقال من الهاتف الذكي أو التصفح بين علامات الويب المتعددة دون التركيز على هدف واحد فقط، مما يؤثر على أداء واجبات الفرد اليومية. وهنا نجد أن فئة المراهقين هم الأكثر عُرضة لهذا التشتت، فوفقا لاستطلاع أجراه مركز الأبحاث الأميركي "بيو Pew" على ما يقرب من 2400 مُعلم، وجد أن 87 % يرون أن الطلاب أكثر تشتتا من الأجيال السابقة مؤكدين أن التكنولوجيا الرقمية ساعدت بسهولة على نشأة جيل مُشتت.
ثالثاً: ارتباك الذاكرة
إن الاعتماد على التكنولوجيا بشكل كبير من شأنه يعوق قدرة الفرد على تكوين ذاكرة قوية، حيث نجد أن هناك نوعين من الذاكرة هما، الذاكرة العابرة والذاكرة طويلة الأجل، وتتطلب عملية تخزين المعلومات داخل المخ، الانتقال من الذاكرة العابرة إلى طويلة الأجل، وفي حال حدوث أي انقطاع في الذاكرة العابرة يمكن أن يمحو المعلومات من مخ الإنسان، فعلى سبيل المثال، توقف مراجعة البريد الإلكتروني أو إرسال رسالة نصية في منتصف قراءة مقال ما. هذا بالإضافة إلى وجود حد معين للمعلومات التي تستوعبها الذاكرة العابرة، وبالتالي إذا زادت المعلومات عن هذا الحد (خاصة أثناء التصفح على الانترنت) يحدث ارتباك في الذاكرة.
رابعاً: استبدال الذاكرة بشبكة الإنترنت
من الطبيعي أن يكون للفرد قدرة على تخزين كمية هائلة من المعلومات، مثلا قراءة رواية بأكملها، بينما أظهرت الدراسات أن التكنولوجيا أدت إلى القضاء على تلك القدرة، خاصة مع اعتماد الفرد على تخزين المعلومات من خلال محرك البحث جوجل أو الهاتف الذكي، وهو ما وصفه العلماء الأميركان بـ "الأقراص الصلبة الخارجية" لمخ الإنسان، أي الاستعانة بمصادر خارجية للحصول على المزيد من المعلومات على شبكة الانترنت.
خامساً: الشعور بالنسيان
إن جيل الألفية (المُعتمد على استخدام التكنولوجيا في كثير من مهامه) أكثر عُرضة لنسيان ما حدث أثناء اليوم عن الأجيال التي تزيد أعمارها علي 55 عاما، وعادة تتفاقم تلك الظاهرة بسبب قلة النوم.
سادساً: نظام «جي بي أس» يُضعف الذاكرة
أثبتت الدراسات أن الأفراد الذين يعتمدون على نظام الخرائط GPSلتحديد المواقع الجغرافية، يكونون أكثر عُرضة لمشاكل في الذاكرة من خلال ضعف نشاط الذاكرة المكانية التي تعتمد على الإشارات البصرية لتطوير الخرائط الجغرافية التي تُذكّر بالأماكن، كما أظهرت الدراسات أن سائقي التاكسي يمتلكون نشاطا في الذاكرة المكانية يتفوق بكثير على سائقي السيارات الخاصة، نظرا لاعتيادهم على التنقل باستخدام تلك الذاكرة بدلا من الاعتماد على نظام GPS.
سابعاً: إدمان الإنترنت
أثبتت الدراسات أن قضاء وقت طويل على شبكة الانترنت من شأنه أن يُسبب تشوهات في المخ لا تقل خطورة عن إدمان المخدرات أو الكحوليات، ونجد أن أبرز مُدمني الانترنت هم لاعبو الألعاب الذين يتجنبون تناول الطعام، الذهاب إلى المدرسة، النوم من أجل لعب الألعاب طوال اليوم، الأمر الذي يؤدي إلى ارتباك مناطق المخ المسؤولة عن تنظيم الانتباه واتخاذ القرار، كما أن إدمان الإنترنت يتسبب في انهيار العلاقات الزوجية.