مثل كل مواطن عراقي محاصر بالخطب والهتافات والشعارات المزيّفة أمضي معظم نهاري ، وجزءاً من الليل متسائلا عن أسباب فشلنا: لماذا نحن والجارة العزيزة سوريا وجمهورية أنصار الشريعة"ليبيا سابقا" نحتل بنجاح ساحق شاشة الخراب والدمار، لماذا هذه البلاد تتفوق على الصومال وأفغانستان في معدلات القتل والتهجير وسرقة المال العام؟
لماذا لم نعـد نهتم بمعدلات التنمية وخطط استثمار المستقبل.. اليوم وغداً وبعده، سيبقى العنوان الرئيس في معظم صحفنا هو إحصاء عدد السيارات المفخخة التي تتجول بكل حرية وأمان؟
يقول شاعر فرنسا الكبير بول ايلور"إن الحروب لا تخلّف شيئاً إلا الأسى في نفوس الضعفاء".
لا تسأل عن عدد ضحايا العمليات الإرهابية التي وقعت في مدن العراق خلال الأشهر الأخيرة، وأتمنى عليك ان تمسح من ذاكرتك أرقام المهجرين التي فاقت بلاد الهجرة الأولى"فلسطين"! يرفض ساستنا الكرام حديث الخيبة والفشل، فهم مصرّون على ان يملأوا الشاشات بخطب ومعارك نارية من نوعية"رفض الوجود البري للقوات الأميركية"و"لا مكان لتواجد أجنبي على أرض العراق".
في صبيحة كل يوم مطلوب منك ايها العراقي"المسكين"ان تضحك على حالك ، وتردد مع ابو العلاء:
ضَحِكنا، وكان الضّحكُ منّا سفاهةً
وحُقّ لسُكّانِ البَسيطةِ أن يَبكُوا
وانت تستمع لعدد من سياسيينا ومسؤولينا، وهم يحذّرون سكان البيت الابيض من دسّ أنوفهم في الشأن العراقي، وأسأل العديد من الزملاء: هل قرر أوباما أن يغزو العراق من جديد؟ فيأتي الرد ساخراً من الزملاء مع إحالة"جنابي " ألى عدد من التصريحات التي أطلقها قادة الغرب وأبرزها:
- حسم الرئيس الأميركي باراك أوباما الأهداف 'النهائية لهجوم التحالف الدولي المرتقب ضد تنظيم داعش بإقراره بأن قواته لن تشارك في أي عمل برّي في العراق، هل تريد المزيد؟ تفضل قال رئيس الوزراء البريطاني"ديفيد كاميرون”، إن بلاده لن تتدخل برياً في مواجهة تنظيم"داعش”، وإليك الأهم ايضا، قال الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند، إن بلاده لن تتدخل برياً في العراق، ولم يبتعد حلف الناتو كثيرا عن هذا الرأي فقد أصدر القائمون عليه بيانا أكدوا فيه ان الحلف لن يتدخل برياً ضد عصابات داعش .
للأسف حربنا في العراق، فيها منتصر واحد هو الفشل ويلاحقه في المرتبة الكذب.
كان العراق،أول من أنشأ تلفزيوناً في الشرق الاوسط، ولم يكن الملك غازي وهو يصرّ على إدخال هذا الجهاز الساحر إلى بيوت العراقيين يتوقع ان تتحول شاشته إلى حلبة للمناكفة والمصارعة وبث الخديعة، وأن يحتلها مشعان الجبوري باسم النزاهة وحنان الفتلاوي باسم الدفاع عن عراق واحد!
أتخيل المواطن المحاصر بفوضى الأمن والبطالة وشرور الطائفيين، وهو يتأمل صور ساستنا وهم يخبرونه، أنهم محررو البلاد من الفساد، ومنقذوها من الخراب، ثم يفرك المواطن عينيه متسائلا: هل نحن نعيش في بلاد تسخر من مواطنيها وتستغفل عقولهم بشكل قاسٍ إلى هذا الحد؟
مَن فعل بنا كل هذا؟ مَن أوصلنا إلى هذه المسرحية الساذجة؟ مَن نقل الأمل بإقامة دولة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، إلى دولة مراهقي السياسة؟ مَن قادنا وسلّمنا إلى هذا المصير البائس؟
في كتابه"كناشة النوادر"يتحدث محقق التراث الشهير عبد السلام هارون في مسألة اختلاف استخدام الكلمات، حيث يكشف لنا الباحث الراحل، أن وصفنا لبعض الأشخاص بأنهم"طراطير"ليس أمرا حديثا، فكلمة"طرطور"كلمة من صميم العربية وأخذها عنهم الفرس والترك، وجاء في لسان العرب:"الطرطور: الوغد الضعيف من الرجال، والجمع الطراطير"وقديماً قال الشاعر:
قد علمتْ يَشكُرُ من غُلامِها إذا الطراطيرُ اقشعرَّ هامُها.
آسف.. إنه ضَحِكٌ متواصل
[post-views]
نشر في: 21 أكتوبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 3
باسم محمد صالح
شكراً لمقالاتك .. التلفزيون دخل العراق في مايس 1956 بعد ان شاهده في المعرض الصناعي الوصي عبد الاله وتم التعاقد مع شركة باي ونصبت معدات التلفزيون ببنكلة في مدخل الاذاعة .. مع التحيات
د عادل على
سمعنا من الرئيس اوباما قوله بان الحرب ضد داعش ستكون طويله وسمعنا منه ان التدخل الامريكى سوف يكون فقط بالقوة الجويه---ولكن قبل مدة ليست طويله اعلن الرئيس ان قوات بريه ستدخل العراق لان داعش خطر كبير على العالم الغربى---تصريحات الرئيس البريطانى والرئيس الف
محمد سعيد العضب
الاخ الكريم الكاتب , معني الطرطور في معاجم المعاني الجامع , ليس فقط الدقيق الطويل او القلنسوه الطويله الدقيقه الراس ,بل تعني الرجل التافه , من لاقيمه له,ضعيف لايملك اتخاذ القرارات وهذا ما تم توكيده في عراق الرافدين ,حينما تمكنت هذه الحفنه من الطرا