TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > حكومــة عاجــزة وبرلمــــان مـدبلــــج

حكومــة عاجــزة وبرلمــــان مـدبلــــج

نشر في: 9 ديسمبر, 2009: 05:33 م

وارد بدر السالمبعد "الأحد" الأحمر و"الأربعاء" القرمزي جاء "الثلاثاء" الأسود. وسيظل العراقيون يحصون ايام الأسبوع المتبقية كي تكتمل لوحة الدم السباعية بألوان الطيف الشمسي! تلك هي الحقيقة. ولن يكون بمستطاع أي مسؤول حكومي بعد اليوم أن يقنع الشعب المأزوم بأن ما وقع لن يقع بعد الآن!
فقد شبع العراقيون من التصريحات الحكومية وتلطيف الأجواء والابتسامات المصطنعة التي تبثها الفضائيات واللغات البرلمانية المدبلجة بأن ما مضى قد مضى والآتي سيكون هو المنتظَر، كبيضة الديك، لشعب عانى ويلات أربعة عقود، ليكون بالنتيجة هو الهدف في عيشه ورزقه وكرامته وكبريائه، ومن ثم إهانته بالطريقة البشعة التي تطل علينا بين وقت وآخر.وليس آخرها يوم ثلاثاء الشهداء الذين سقطوا في أروقة الدوائر وعلى الطرقات بلحظات سريعة تمزقت فيها بغداد من كل الجهات.. لن يكون بمقدور الحكومة التي أثبتت فشلها وعجزها وأداءها الضعيف وقلة تجربتها، ولا البرلمان المدبلج بنسخه المعروفة متعددة الجنسيات، أن يكونا في الموقع القيادي الذي أوهما به الشعب حينما رفع أصابعه الجريحة في صناديق الاقتراع المغلقة؛ فإن كانت هذه الدورة الحكومية والبرلمانية هي دورة (تدريبية) على فنون السياسة وألاعيب السلطة وخديعة المحاصصة الطائفية البغيضة، فنقولها صراحة أن الشعب ليس مختبر فئران للتدريب السياسي؛ وليست أرواح الناس هيّنة الى هذا الحد وليس العراق من حصة هذا أو ذاك، ومن هنا تقع على الجميع المسؤولية التاريخية في قولة الحق وملاحقة المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين والتنديد بعجزهم الذي أدخل البلاد في دوامات العنف والإرهاب؛ فهما الواجهتان المتنفذتان في واقع الحال وعليهما تقع مسؤولية حفظ الأمن وحفظ كرامة الناس وأعراضهم. فإن كانت الحكومة عاجزة الى هذا الحد؛ فالبرلمان لا يقل عنها عجزاً وانكفاء على نفسه، وبدا أنه ليس الحلقة القوية كسلطة تشريعية. ومع أن بعض أعضائه حاولوا أن يكونوا في صدارة مشهد تعنيف الحكومة بالخطب الرنانة والبكائيات يوم أمس الأول في جلستهم الطارئة، إلا أن هذا السلوك الخطابي لا يجدي نفعاً أمام شعب تُنتهك حرماته ويُحارب بأمنه وعيشه وتداس كرامته علناً أمام البرلمان والحكومة.. العجز الأمني بات يوم أمس الأول بأقصى حالاته الضعيفة، والانفجارات الخمسة المروعة طوقت بغداد من كل جهاتها،وهي رسالة واضحة الى الحكومة والبرلمان من أن هذه الجماعات الإرهابية؛ أياً كانت توجهاتها ومناشئها؛ إنما هي قادرة بالفعل على أن تضرب في العصب العراقي وفي الوقت الذي تختاره، وهي التي تبادر الى شل الذراع الأمنية في لحظات تنفيذها لجرائمها. وهذا يعكس تردياً أمنياً واضحاً وأداءً مستهلكاً للقوات الأمنية بشتى تصنيفاتها. أما اذا اعتبرنا أن هناك تواطؤات معينة من قبل البعض، فهذه مصيبة أكبر وكارثة لا يمكن تبريرها، وتعني أن اختراقاتها للمنظومة الأمنية قابلة لأن تتكرر وفي أي وقت... كثير من البرلمانيين والوزراء والحكوميين الرسميين في العالم يستقيلون عند حدوث أية هزات في المجتمع مهما صغرت؛ وذكر أحد النواب يوم أمس الأول أن وزير المواصلات المصري استقال عقب انقلاب قطار، وأن وزير الصحة الأردني استقال هو الآخر لدى معرفته بوجود (فأرة) في أحد الأحواض المائية. وما الى ذلك من أمثلة واقعية تحدث في بعض الدول؛ وكنا سنكون سعداء لو أن حضرة النائب هذا قدّم استقالته فور وقوع المجزرة الثلاثائية، ليكون ضمير المجلس وصوته المعارِض، لكن الأمثلة طبعاً تُضرب ولا تقاس كما يقال. لأننا أمة تعشق الخطابات الإنشائية وتهيم طرباً بها وتنظم الشعر على طريقة شعراء الجاهلية! مجزرة الثلاثاء لابد من أن تضع الحكومة والبرلمان والأجهزة الأمنية المختلفة في دائرة الشك، فالشعب سئم التطمينات الكاذبة. وسئم تدوير الاتهامات لهذه الجهة أو تلك، بل سئم من وجود هؤلاء في كل المرافق التي ينبغي لها أن تكون مرافق أمن وأمان، لا يأتيها الشك من أمامها ولا من ورائها..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram