تخلت إسرائيل عن دور المراقب المتحفز عمّا يجري في سوريا وحولها من تمدد للجماعات المسلحة ،وبدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية تعير اهتماما استثنائيا للنزاعات الدموية الدائرة في الدول العربية القريبة من حدودها بعد ان ظلت ترى في الفوضى التي تخلقها في مجتمعات
تخلت إسرائيل عن دور المراقب المتحفز عمّا يجري في سوريا وحولها من تمدد للجماعات المسلحة ،وبدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية تعير اهتماما استثنائيا للنزاعات الدموية الدائرة في الدول العربية القريبة من حدودها بعد ان ظلت ترى في الفوضى التي تخلقها في مجتمعاتها إزاحة للمخاطر التي تهدد امنها القومي . وهذا الانتباه و الاهتمام تزايد بعد الكشف عن مشاركة فلسطينيين من مواطني العام 1948 في القتال في صفوف ( داعش) و (جبهة النصرة )في سوريا و العراق.
وأفردت الصحف الإسرائيلية مساحات واسعة من اهتمامها لموضوع عثمان ابو القيعان الطبيب العربي الإسرائيلي المتدرب من مستشفى بارزيلاي الذي تطوع للقتال في صفوف (داعش) و شهد مصرعه خلال المعارك الجارية في كوباني ،مشيرة الى انه لم يكن شابا محبطا وعديم الفرص ،بل العكس تماما فلقد كان متميزا في دراسته للطب في جامعة اربد في الأردن ،بل حتى انه جذب الانتباه الى ذكائه وقدراته خلال تدربه في مستشفى عسقلان. وخرجت جريدة ( معريف) بمانشيت عريض ( داعش في داخلنا) ،وتحدث بعض الصحف عن بضع عشرات من العرب الإسرائيليين الذي يقاتلون في صفوفه، وأشار بعضها الى موقع للتنظيم نشر مقابلة مع شاب عربي إسرائيلي ملثم يشرح "لماذا دولة الخلافة الإسلامية هي فكرة هامة". ما دفع المحلل الإسرائيلي ران ادلست الى اطلاق صرخة ( النجدة!).
عرب إسرائيل والاغتراب و التمييز
يشكل العرب الذي يعيشون داخل إسرائيل أقلية تصل نسبتها الى 20% من سكان الدولة ،ويشكو العرب المسلمون والمسيحيون على حد سواء من انتهاج الدولة العبرية حيالهم سياسات تمييزية ما تسبب في رفع منسوب الاغتراب والانعزال في نفوسهم و أجج فيهم مشاعر التمسك بهويتهم الفلسطينية وانتمائهم القومي و الديني. وتقر جريدة ( هآرتس) بأن احد دوافع تطوع الشباب العربي في إسرائيل في صفوف (داعش) هو مشاعر الإحباط و اليأس وارتفاع مستوى البطالة بينهم مقارنة بالشباب اليهودي".
ومنذ انطلاق حركة الاحتجاجات السلمية ضد نظام بشار الأسد دعمتها بشكل كبير الأقلية العربية في إسرائيل واطلقت حرة تضامن واسعة مع المعارضة السورية. وتشير تقارير الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الى " ان عدد الإسرائيليين العرب الذي غادروا للقتال في سوريا لا يتعدى ال30 شخصا ،منهم من قتل ،فيما الاخر اعتقلته السلطات الإسرائيلية فور عودته، وبقي بعضهم مجهول مصيره حتى الان.
وسلط تحقيق نشرته جريدة ( هآرتس)الضوء على الأسباب التي تدفع عربا إسرائيليين الى التطوع للقتال في صفوف الجماعات المسلحة ،مركزا على المشاهد التي تبثها الفضائيات العربية عن الغارات التي ينفذها الجيش السوري وما توقعه من القتلى من الأطفال و النساء السوريين وما تلحقه من دمار شامل للبلاد، وكذلك على التحريض الذي يمارسه أئمة المساجد ودعواتهم لتقديم الدعم للمقاتلين ضد النظام السوري ،والدعم الذي تقدمه الحركة الإسلامية في إسرائيل التي تتماهي مع حركة الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية الأخرى المعارضة لدمشق ،الى صعود المد الديني وسط الشباب ،ودور وسائل الاتصال الاجتماعي في تعبئة الشباب المتدين الملتزم و جذبهم للتطوع في التنظيمات المسلحة".
ثلاث مجموعات
وتحدد الباحثة الاجتماعية العربية في إسرائيل بشرى خلايلي ثلاث مجموعات من الشباب الفلسطيني تقاتل الى جانب (داعش) هي : المتعلمون الذين تابعوا دراستهم في الخارج وتعرفوا على التيارات المسلحة ،والعاطلون عن العمل ،و معتنقو الأيديولوجيا الدينية المتشددة".
ويترك التأييد و الدعم المتنامي للجماعات المسلحة في أوساط العرب الإسرائيليين انعكاسات سلبية على صعيد العلاقة باليهود او على العلاقات بين المسلمين والمسيحيين ،وفقا ل( خلايلي ) التي دعت الى " التوقف عن التحريض الديني في المساجد داخل اسرائيل".ولم تعد اسرائيل تخفي قلقها من اقتراب ( داعش) من حدودها مع سوريا ،بل هي تتوجس من احتمال وجود خلايا نائمة تابعة لها داخل البلاد .وقالت ( معاريف) ان " انضمام الشباب العربي في اسرائيل الى ( داعش) هو للتنفيس عن إحباطهم ،كما هو مغامرة مفعمة بالانفعالات " وأضافت" اذا لم نعرف كيف نعالج هذه السمكة من الرأس حتى الذيل فسيصبح تهديد ( داعش) حلما لذيذا في مواجهة المشادة التي ستقع داخل الوطن".
جميع التعليقات 1
خيري حمدان
قراءة عميقة ورؤية متزنة للدوافع التي أدّت لمشاركة فئات مختلفة للقتال في صفوف داعش، وأسباب الفراغ السياسي وانعدام الحلول الممكنة في إقليم شائك يتصف بقدرته على الانفجار والتشرذم في لحظات. وكم نحن بحاجة لحلول سياسية ديمقراطية لإخراج المنطقة من دوامة الموت ال