يؤكد السيد دي مارشيه فورتهيسن مؤسس مؤسسة "خيزن الهولندية للتشجيع على بناء محطات الطاقة الشمسية"، أن أرضا منبسطة في الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا بمساحة فرنسا، تنصب فيها مرايا عاكسة تقوم بعكس الأشعة الشمسية ومن ثم تجميعها يمكنها تلبية احتياج الأرض كلها
يؤكد السيد دي مارشيه فورتهيسن مؤسس مؤسسة "خيزن الهولندية للتشجيع على بناء محطات الطاقة الشمسية"، أن أرضا منبسطة في الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا بمساحة فرنسا، تنصب فيها مرايا عاكسة تقوم بعكس الأشعة الشمسية ومن ثم تجميعها يمكنها تلبية احتياج الأرض كلها من الطاقة الكهربائية.
إنه ولاشك تصريح في غاية الأهمية في هذا الوقت الذي يشهد الطلب العالمي على الطاقة تزايداً متواصلاً ، وحيث تعاني جميع دول العالم تقريباً من نقص الطاقة لأسباب مختلفة ،أهمها النمو في أعداد السكان، وتطور اقتصاد الكثير من الدول كثيفة السكان كالصين والهند والبرازيل. وفي هذا المجال يؤكد البروفيسور ستيفان هاوكنغ (وهو واحد من اكبر علماء الطبيعة بعد اينشتاين) في كتابه الذي أصدره عام 2001 وفي إحصاءات مثيرة للانتباه، أن سكان العالم قد زاد خلال الفترة ما بين العصر الحجري والقرون الوسطى بضع مئات من الملايين ، لكن عدد السكان قد زاد في الفترة المحصورة بين عام 1500 حتى الوقت الحالي بوتيرة حادة ليبلغ الآن أكثر من (7) مليارات إنسان. ويستطرد هاوكنغ ليؤكد تضاعف سكان الأرض بعد فترة الأربعين سنة القادمة استناداً إلى نسبة الزيادة السنوية الحالية البالغة (%1.9 ). ويخلص هاوكنغ إلى أنناإذا أخذنا (100) كأساس لاستهلاك الطاقة الكهربائية في عام 1900 فان الاستهلاك الحالي هو (1300) أي أن الكمية المستهلكة من الطاقة الكهربائية قد تضاعفت خلال القرن الواحد أكثر من ثلاث عشرة مرة .
ويتوقع المتخصصون في مجلس الطاقة العالمي أن يتضاعف الطلب العالمي على الكهرباء ثلاث مرات خلال السنوات الخمسين المقبلة، وتختلف الحلول التي تنتهجها هذه الدول للتخفيف من هذا النقص.
وقد دفع القلق بشأن ارتفاع درجة حرارة الأرض والتغير المناخي، الدول الصناعية إلى الموافقة على تخفيض الانبعاثات من الغازات الضارة بالغلاف الجوي للأرض التي هي من صنع الإنسان، بما ينسجم مع الأهداف التي تم تحديدها في بروتوكول "كيوتو" وماتلاه . وقد أعلنت دول أخرى تعهدات طوعية مماثلة. وتحوز الطاقة المنتجة من أنواع الوقود القابل للنضوب على إنتاج نحو نصف الغازات الضارة المنبعثة بفعل نشاطات الإنسان.
وفي حين أن هناك آمالاً كبيرة معلقة على مصادر(نظيفة) للطاقة، فإن الحقيقة هي أننا إذا استثنينا الطاقة النووية والطاقة الشمسية ، لا يوجد حتى الآن خيار آخر قابل للتحقيق اقتصادياً لتوليد الطاقة الكهربائية على نطاق واسع بدون ان يخلف عواقب بيئية ثقيلة. فالطاقة المائية لديها قدرة نمو محدودة وكذلك الطاقة الهوائية. وعلاوة على ذلك، يتنبأ مجلس الطاقة العالمي أنه حتى مع وجود مخصصات ودعم هائلين للبحث، فإن المصادر غير التقليدية القابلة للتجديد التي تقارب 1% من الإمدادات العالمية للطاقة لن تنمو إلى أكثر من 3 إلى 6% من الإمدادات العالمية بحلول العام 2020.
ولو بدأنا الحديث عن الطاقة النووية، فإننا سرعان ما سنصاب بالغثيان من جراء تجارب البشرية معها فقبل ثلاثة عقود، كانت تعتبر طاقة المستقبل، أما اليوم فإنها تقع على مفترق طرق في معظم أنحاء العالم، إذ يعتمد مدى إسهامها الإيجابي في التنمية الثابتة على ضمان استخدامها الآمن والسلمي..
فالطاقة النووية تلعب دوراً مهماً في الإمدادات العالمية من الطاقة. ففي العام 1998 وفر نحو (434) مفاعلا نوويا تعمل في (31) دولة أكثر من 16% من الكهرباء العالمية، وأسهمت بذلك في تجنب نحو 8% من الانبعاثات العالية للكربون. وبلغت خبرات التشغيل المتراكمة لمفاعلات الطاقة النووية أكثر من (9000)عام. وعلى أساس هذه الاعتبارات، بمقدور المرء أن يتوقع نمو الطاقة النووية كجزء أساسي في الستراتيجيات الوطنية للطاقة من أجل التنمية الثابتة إلى جانب الاستخدام المتزايد للمصادر المتجددة واستخدام أفضل للوقود التقليدي وكفاءة أكبر في نظام الطاقة. إلا أن الإحصاءات والتوقعات الأخيرة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تشير إلى عكس ذلك. فالطاقة النووية تمر بحالة من الجمود في أوروبا الغربية وأميركا الشمالية، وتنمو في بعض الاقتصادات السريعة النمو في آسيا وفي أجزاء من أوروبا الشرقية فقط. وبشكل إجمالي، يتوقع أن تنخفض حصة الطاقة النووية من الإمدادات العالمية للكهرباء إلى نحو 13% في العام 2010 وإلى نحو 10% في العام 2020.
ويأتي في مقدمة أسباب انحسار التأييد العالمي للاستثمار في مجال الطاقة النووية تحديان رئيسان، أولهما القلق العالمي حول السلامة النووية حيث ان ماضي استخدامها التكنولوجيا النووية يعج بالكوارث (المعروف منها على الأقل) هو:
حادثة تشيليابينسك في الاورال في الاتحاد السوفياتي عام 1957، حادثة سيللافيلد قرب ليفربول – إنكلترا عام 1957، حادثة 22 آذار 1975 في براون فيري الاباما في الولايات المتحدة الامريكية،حادثة 28 آذار 1979 في ايسلاند قرب هاريسبرغ، كارثة 1979 المفاعل النووي ثري مالي في بنسلفانيا،كارثة تشيرنو بيل في الاتحاد السوفيتي28 نيسان 1986وتسرب الكثير من الشعاع النووي. تسونامي اليابان في 11 آذار عام 2011.
أما التحدي الثاني فهو إدارة المخلفات، حيث أن النفايات النووية تبقى نشطة إشعاعياً لآلاف السنين، ومشكلة عدم وجود حلول جذرية للتخلص من النفايات تشكل الآن عاملاً حاسماً في ما يتعلق باتخاذ قرارات لبناء محطات جديدة في أوروبا.
واضح أن التحدي العالمي الحالي يتمثل في تطوير ستراتيجيات تساعد على تحقيق مستقبل ثابت للطاقة يكون أقل اعتمادا على مصادر الطاقة الناضبة. وتحتاج خيارات الطاقة للمستقبل أن تأخذ بعين الاعتبار الأهداف والجداول الزمنية لتخفيض الانبعاثات من ثاني أكسيد الكربون. وبالنسبة للكثير من الدول سيبقى تنوع مصادر الطاقة أولوية أساسية للأمن القومي.
ولكن، إذا ما توسعنا أكثر في بحث موضوع السلامة في منطقة مثل العراق لابد أن نتوقف عند مايأتي:
أولا: إن منطقة الشرق الأوسط منطقة غير مستقرة سياسياً ولا تكاد تخلو أي محاولة لاستغلال الطاقة النووية من قبل أي دولة فيها، من شكوك حول إمكانية وجود برامج ظل سرية ستستخدم لاحقاً للأغراض العسكرية وأمامنا كمثال الضجة الدائرة حول برامج كوريا الشمالية وإيران وباكستان. ثانيا:عدم استقرار المنطقة سياسيا وجنينية النظم الديموقراطية والعمل المؤسساتي فيها يجعل من الصعب الوثوق من عدم تغيير وجهة الأبحاث النووية السلمية إلى وجهة غير سلمية حال تغيير النظام السياسي ثالثا: ضعف البنى التكنولوجية والرقابية الذي يمنع توفر الضمانات الفنية لمنع نشوء الكوارث واتساعها. رابعا: وقوع العراق ضمن منطقة متوترة بين إيران والكيان الإسرائيلي وفي منطقة تقاطع مصالح دول عديدة، يجعل من تواجد المفاعلات النووية في العراق مصدر ابتزاز سياسي تحاول الأطراف المتصارعة من خلاله بالإرهاب الموجه للأفراد والمؤسسة النووية الحصول على مكاسب سياسية معينة.
*مهندس إنشاءات بيئية وفقاً لمفهوم التنمية المستدامة ، هولندا آمسفورت