TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شغبُ الذئابِ

شغبُ الذئابِ

نشر في: 27 أكتوبر, 2014: 09:01 م

أثارت الأحداث المؤسفة التي جرت في مباراة القوة الجوية مع ضيفه الكهرباء أسئلة كثيرة بحاجة إلى إجابات مقنعة من أهل الشأن (اتحاد كرة القدم ونادي القوة الجوية) أهمها: هل بات الشغب الرياضي غير مُسيطر عليه مدنياً وعسكرياً على حد سواء في أندية تعود ملكيتها إلى مؤسسات رسمية وشبه الرسمية، وأخرى تشهد مدرجاتها انقلاباً وتمرداً ضد قيم ومبادىء الرياضة في ملعب عائد إلى مؤسسة عسكرية معروفة بتاريخها العتيد ودورها الريادي في ساحة الإنجاز؟!
إن اللقطات التي أظهرتها بعض محطات التلفزة المحلية والعربية والمواقع الالكترونية تدين بشكل لا لبس فيه القائمين على إدارة نادي القوة الجوية لعدم التنسيق المُحكم مع الجهات ذات العلاقة بضبط الأمن وتوفير العناصر المكلفة بحماية الملاعب بين أسوار نادٍ عسكري يفترض أن تكون أرض ملعبه محمية من الدُخلاء وغير المسموح بأن يطأوها وإذا به يصبح خلال دقائق مرتعاً لنفر أهوج تعامل بوحشية مع طاقم التحكيم الذي وجد نفسه فريسة اللكمات والركلات وصفعات جمهور مشاغب اقتنص فراغ جنبات الملعب من رجال الأمن وراح يثأر لقرار الحكم زيد ثامر بالرغم من انه يُخطئ ويصيب حاله حال أي إنسان مكلف بمهمة ما!
ماذا ستقول إدارة نادي القوة الجوية إزاء إخفاقها بتأمين سلامة الطاقم التحكيمي، كيف تسنى لها التفرج بدم بارد لمشهد مطاردة الحكام الأربعة وكأنهم ارتكبوا جريمة لا تغتفر لم يجدوا غير المدرب ناظم شاكر ليحميهم وراء ظهره من اعتداءات سافرة وهوجاء ، ما موقف إدارة النادي واتحاد اللعبة فيما لو بقي ثامر ومساعدوه محاصرين بالضرب تحت قبضة أكثر من 30 متهوراً ممن استعرضوا سلوكيات العنف والشراسة كادت تصل إلى القتل لولا دخول ثلاثة من عناصر الأمن بشكل مفاجئ ليطاردوا عدداً من المشجعين، ولا نعلم أين كان هؤلاء قبل أن يستدركوا حجم الخطر الذي أحدق بالحكام في مكان إئتمنوا عليه؟!
ما حصل في ملعب القوة الجوية إساءة كبيرة لسمعة النادي ومرجعيته المطالبة بتشكيل تحقيق عاجل لمجريات الحادث وتسمية المقصرين وإحالتهم إلى القضاء فوراً وتنظيف ملعبهم من المشجعين السيئين الذين كانوا في حالة هيستيريا لم تجد مَن يحكم السيطرة عليها، مثلما على لجنة الانضباط في اتحاد كرة القدم تفعيل قرارات اجتماعها الطارئ الذي صدرت عنه إجراءات رادعة أن تأخذ بالحسبان عدم التهاون في هكذا انفلات جماهيري مستقبلاً.
كيف سُمح للحكم بانطلاق صفارة المباراة في ظل غياب شبه تام لرجال حماية الملعب، مثلما نتساءل كيف أجاز الاتحاد سلامة ملعب الجوية لخوض مباريات الدوري وهو يعاني ثغرات أمنية واضحة استغلها الجمهور بيسر للدخول إلى ارض الملعب؟ فضلاً عن صعوبة خروج الحكام إلى غرفة المنازع ويعلم الاتحاد أن هناك أحداثاً سابقة في الملعب ذاته واجهت الفرق المضيفة صعوبات جمة في تكملة المباراة وسط غضب عارم للجمهور الأزرق وتصرفات المتعصبين منه لإفساد اللقاء.
ما حصل في ملعب السليمانية صورة أخرى من التهوّر الصارخ لنفر من الجمهور حاصر لاعبي النفط لأكثر من ساعة وقذفهم بالقناني والحجارة مستغلين ثغرات واضحة للأسوار الفاصلة بين الجمهور والملعب وسط تفرّج القوة الأمنية على أحد المشجعين وهو يقتحم دكة احتياط فريق النفط ويرفع حذاءه في وجه المدرب ثائر جسّام قبل أن تنقلب المباراة إلى ساحة مشاجرة وسط دور ضعيف لرجال حماية الملاعب مثلما نقل الزميل جمعة الثامر مشاهدات مؤسفة في رحلته مع النفط التي تلحق ضرراً كبيراً بسمعة أحد أندية إقليم كردستان الذي عودنا على استقبال مشرّف ونموذجي للفرق الرياضية الزائرة واحتضانها ودعمها طوال السنين الماضية بفضل سياسة قادة رياضته وحنكتهم في نبذ التعصب وتعميق أُطر السلام والإخاء بين أبناء الشعب الواحد وسعيهم لرفع الحظر الجزئي لعودة منتخباتنا التباري على ارض كردستان.
بالأمس قُتل المدرب محمد عباس في كربلاء بعمد وإصرار.. واليوم حفظت العناية الإلهية حياة الحكم زيد ثامر من تهديد مرعب في الجوية.. فمن التالي غداً خاصة إن ملاعب الأندية باتت مضرب الأمثال للنماذج السيئة في دوريات المنطقة بسبب افتقادها معايير التنظيم ومواصفات الأمان وهي مسؤولية مشتركة تضع وزارة الشباب والرياضة راعية الأندية واتحاد كرة القدم منظم المسابقة في قفص اتهام واحد ما لم يتخذا تدابير احترازية عاجلة تؤمّن سير مباريات دوري الكرة بلا خسائر بشرية ومادية وتصون كرامة الحكام وتقطع الطريق على (ذئاب) المدرجات من تهديد استقرار اللعبة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram