TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إسلاميو الأردن الدواعش

إسلاميو الأردن الدواعش

نشر في: 28 أكتوبر, 2014: 09:01 م

تثير مسألة إعادة السلطات الأردنية اعتقال منظر السلفية الجهادية عصام البرقاوي "المقدسي"، رغم أنها كانت أخلت سبيله قبل أربعة أشهر، سؤالاً حول موقف إسلاميي الأردن بكل تلاوينهم من تنظيم داعش الإرهابي، فيما تعلن الحكومة الأردنية أنه لا يمكن التعامل مع الآراء، التي تدعم وتغذي فكر التطرف والإرهاب إلاّ وفقاً للقانون، وبعيداً عن أي مهادنة، وأن آراء المقدسي لم تتوقف عند الحدود السياسية، بل اشتبكت مع الفكر الأيدولوجية المؤيد للإرهاب، علماً بأن هناك أحزاباً ومجموعات وشخصيات أبدت موقفها السلبي من التحالف ضد داعش، ولم يتم تعقبهم، ما يؤشر إلى تفهم الدولة لانتقاد توقيت المشاركة في الحلف ضد داعش، أو عدم الرغبة في المشاركة بالحلف من أساسه، لكن المقدسي اخترق المساحة السياسية، لينتقل إلى دائرة التحريض والدعوات المشبوهة للقتال والاحتراب، وهذا أمر غير مقبول.
في مسألة المقدسي، ترفض عمان أن يتم النظر إلى القصة، على أساس أن أميركا جزء من الحلف الدولي ضد داعش، وأنه لا بد التصدي لها بالإرهاب، والوقوف إلى جانب داعش ضدها، وتعتبر ذلك تبنياً للأفكار الظلامية الهدامة التي تهيئ للخراب، علماً بأن المقدسي حث جبهة النصرة وداعش على التوحد، لمحاربة التحالف الدولي الذي تنخرط به الأردن ضد التنظيم الإرهابي، الساعي عملياً لتشويه الدين ووصمه بما ليس فيه، لكن المثير للتساؤل هو تغاضي السلطات الأردنية عن موقف جماعة الإخوان المسلمين المعلن على لسان بعض قياداتهم، وفحواه أنه لا خيار أمام الكثيرين من المعتدلين، الرافضين للتدخل الأميركي والحرب الدولية على الإسلام، إلا تأييد داعش، وفي تعبير عن الانغلاق المتزمت طائفياً، تعتبر الجماعة أن هناك تهاوناً دولياً كبيراً عن "ما تقوم به مليشيات في العراق وحزب الله في لبنان، وتسهيل سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية"، وترى في ذلك مبرراً للتعاطف مع داعش لمناكفة التحالف الدولي، وفي ذلك تطبيق للمثل القائل" نكاية بالطهارة يبول في المسجد".
المقدسي قبل الإفراج عنه أيد جبهة النصرة حين اختلفت مع داعش، واعتبرها تنظيماً منحرفاً عن جادة الحق، لكن سلفيين آخرين أيدوا دولة الخلافة، باعتبارها قلعة الإسلام وحصن التوحيد، وسفينة النجاة، ما يؤكد أن المجتمع الأردني يضم إسلاميين كثر يؤمنون بالفكر الإرهابي، داعشياً كان أو نصروياً أو إخوانياً، ويعتبر هؤلاء أن التحالف الدولي يقود هجمة صليبية على عموم أهل الإسلام وعلى الإسلام نفسه، وأردنياً يرون أن النظام الأردني يدق المسمار الأول في نعش استمرار مهادنتهم له، صحيح أن السلطات الأردنية اعتقلت الكثير من مؤيدي داعش السلفيين، لكنها في مفارقة غير مفهومة تغض النظر عن الإخوان، وهي تعرف أنهم متطرفون تكفيريون، وإن تستروا ببعض التصريحات على موقفهم هذا، والمهم أنهم عملياً يخشون فقدان مؤيديهم لصالح الدواعش.
فتحت حرب التحالف الدولي على داعش المجال لكثيرين لإعلان مواقفهم، بعد أن طرأ تغيير في المزاج الجهادي تجاه الدولة الإسلامية، بسبب ما يرونه نجاحاتها المتحققة على أرض الواقع، وإمكانياتها المادية والمعنوية، من هؤلاء إخوان الأردن وإن راوحت مواقفهم في المنطقة الرمادية، وتشبثوا بسياسة اللعب على الحبلين، وإذا كان الأردن ينخرط بالحرب الدولية ضد إرهاب داعش، فإن الأولى أن يتابع ما يجري على أرضه، وأن يراقب تحركات دواعشه بعين يقظة، دون اعتبار أن الإخوان يمثلون الإسلام الوسطي المعتدل، فلا اعتدال مطلقاً عند الإسلام السياسي مهما اختلفت مسمياته وتلاوينه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram