ما ان أشاهد اسم الممثلة الفرنسية جولييت بينوش على بوستر اي فيلم الا وأحرص على مشاهدته ، فمنذ ان شاهدتها في دورها الرائع والمهم في الفيلم الكبير " المريض الانكليزي " والذي فازت فيه بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة ثانوية ، وانا احرص على مشاهدتها كل أفلامها
ما ان أشاهد اسم الممثلة الفرنسية جولييت بينوش على بوستر اي فيلم الا وأحرص على مشاهدته ، فمنذ ان شاهدتها في دورها الرائع والمهم في الفيلم الكبير " المريض الانكليزي " والذي فازت فيه بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة ثانوية ، وانا احرص على مشاهدتها كل أفلامها ، اخر ما شاهدته لها فيلم المخرج " فريد شيبسي " كلمات وصور" ، بطولة الممثل " كليف أوين"
فيلم كوميدي هادف يطرح موضوعة مهمة ضمن منافسة بين مدرسة الرسم في مدرسة ثانوية تأتي اليها حديثا وتعاني من مرض مزمن في مفاصلها ، وبين مدرس اللغة الانكليزية المدمن على الكحول والمغرم باللغة ، ويضع الأسئلة التنافسية لطلبته خصوصا لتك الكلمات التي تتكون من اكثر من مقطع ، يبدأ بمشاكسة مدرسة الرسم وطرح الأسئلة عليها وتحديها ان هي ذكرت كلمات تتكون ن سبعة مقاطع لتبدأ المنافسة ، ثم لتتحول الى منافسة عن سؤال من هو الأهم درسها ام درسه ، من الأهم الكلمات او الصور ، ولماذا ، الطلبة ينقسمون بين مؤيد للأستاذ وآخرين مؤيدين لمدرسة الرسم ، سلوك المدرس كمدمن يعرضه الى الكثير من الإشكالات ، حين تتوطد العلاقة بينهما وتصل الى علاقة حميمة ، لكنه يفسدها ويفسد لوحتها التي تعتز بها بعد شرب قنينة فودكا كاملة ، فتطرده من البيت . وبسبب إدمانه يتعرض مستقبله المهني للتهديد ، وتشكل لجنة تحقيقية ، تقف هي الى جانبه وينجو من الفصل . في النهاية تقام حفلة التنافس بين الطلبة المنحازين للكلمات ومدرسهم وبين الآخرين المؤيدين للصورة ومدرستهم ، فيكون الحل توفيقيا ، وجاء كذلك لأنه لا يمكن لاحد ان ينتصر للكلمة دون الصورة او بالعكس ، والتوفيقية هنا ضرورية كحل لحكاية كوميدية ممتعة .
ثمة حكاية جانبية ، أرى أنها أقحمت في الفيلم ، حيث يقوم احد الطلبة بمشاكسة زميلته من اصل آسيوي ، ويرسم لها تخطيطا خليعا ، الجميع يتهمه الا مدرسه لأنه يرى ان هذا التخطيط ليس أسلوب تلميذه ، لكنه وبالمصادفة يكتشف انه الفاعل ، فيخبر الإدارة ويفصل في ضوء ذلك ، واعتقد ان هذه الحكاية جاءت لتطيل من وقت الفيلم ليس إلا .
لم يكن مفاجئا ان تؤدي جولييت دورها ببراعة ، خصوصا الإيحاء بانها تعاني من مرض مزمن ، وحركة جسدها أثناء رسمها للوحات عدة داخل مرسمها ، تتنقل من امرأة قوية وحتى عنيفة بسبب مرضها الى شفافة ورومانسية ، تتجاوز كل شيء من اجل ان تحيا حياة جديدة ، وهو ما تحقق لها في اخر الحكاية .
كليف اوين نجح الى حد ما بلعب دور المدرس الكحولي المضطرب ، الذي يعاني الكثير من المشاكل بسبب إدمانه ، والذي يحمل الكثير من الطيبة والانسانية تجاه الجميع في داخله ، وجاء أداؤه متناغما مع براعة جولييت بينوش.
الملفت للنظر هو الأداء الطبيعي لمجموعة الطلبة والطالبات ، وبالتأكيد فان ذلك يعود الى قدرة مخرج الفيلم بتحريك ممثليه ، حتى لو كانوا مبتدئين .
الفيلم الكوميدي قد لا يحتاج الى الكثير من التقنيات والخدع والمواقع المميزة ، فالحكاية في مدرسة ثانوية ، حيث كانت مكان الفيلم الرئيسي ، من هنا تأتي سهولة السيطرة على أدوات العمل ، او بالأحرى التمكن من استخدام عناصر اللغة السينمائية دون تعقيد ، او إعاقة ممكن ان تتشكل لو كان الفيلم من نوع اخر من الأفلام . ونجح المخرج " فريد شيبسي " بذلك ، ولو انه كان بالإمكان الابتداء بالحكاية لكي نعرف من أين جاءت هذه المدرسة ، وماهي خلفية المدرس ، بدل من ان نضع حكاية جانبية غير مقنعة .
لايمكن لمن يشاهد هذا الفيلم الا ان يحاول ان يعقد مقارنة بين الكلمة والصورة ، من هي الأهم ومن كان في البدء ، ولمن الدور الأكبر الآن ، وهي مقارنة وأسئلة مطروحة منذ زمن بعيد ، ولم يتفرد الفيلم بطرحها بالتأكيد ، لذلك فان المتلقي ربما لايبقى في باله الكثير من أحداث الفيلم فيما لو فكر في الدخول بهذه المقارنة ، بل ربما يستدعي ذاكرته ووعيه الجمعي .
لكن ذلك لا يمنع من ان المشاهد سيستمتع بمشاهدة الفيلم وحكايته والقفشات الكوميدية فيه .وهو فيلم خفيف الظل ، يمكن ان يصنف ضمن الأفلام العائلية ، لما يتوفر عليه من تسلية.
مَن الأهم الكلمة أم الصورة ، هذا ما طرحه الفيلم ، لكن الإجابة لم تنتصر لأي منهما ، فالاثنان مكملان لبعضهما ، رغم ان البعض يقول ، في البدء كانت الصورة ، او في البدء كانت الكلمة.