يكثف الكاتب والمخرج المبدع " صباح عطوان" اللحظات الدرامية الحياتية في أعماله التي يصعب حصرها، وهو من اعتمد على التثقيف الذاتي والدراسة العلمية والحرفية والمونتاجية، ومن الخبرة العملية ليصقل خبرته الفنية الغنية بالعطاء ال
يكثف الكاتب والمخرج المبدع " صباح عطوان" اللحظات الدرامية الحياتية في أعماله التي يصعب حصرها، وهو من اعتمد على التثقيف الذاتي والدراسة العلمية والحرفية والمونتاجية، ومن الخبرة العملية ليصقل خبرته الفنية الغنية بالعطاء السينمائي والمسرحي، والتلفزيوني، وحتى الروائي ، وينجح في ترك ارث فني يفتخر به الوطن العربي، وكما قال لي أثناء الحوار معه :" السيناريو هو لغة العصر وهو مستقبل الرواية والفكر عامة." تمارس السينما او التلفزيون والمسرح تأثيرا كبيرا على المتفرج من حيث التأثر والتأثير ، والإقناع والمعرفة المتنوعة عند المؤلف الدرامي مع الدقة في بناء المشهدـ وضمن اعلى درجات الرؤية الفنية التي تتماشى مع الأزمنة المتعاقبة حيث يترجم أفكاره المكتوبة في سيناريو ما الى لغة فعل سينمائية او مسرحية او تلفزيونية ، ولكي نفهم اكثـر هذه اللغة المتنامية الفكر والجمال في أعماله كافة أجريت مع المؤلف والمخرج العراقي " صباح عطوان"هذا الحوار :
* من مسرحية معن بن زائدة الى تشكيل فرقة مسرحية وصولا الى كتابة سيناريو ؟.ماذا بعد؟
- كانت ولا تزال عند نهاية كل عام دراسي تقام حفلات في المدارس والجامعات، وفي قريتنا " التنومة" أقيم عام 1955 حفل مدرسي ، وعرضت فيه مسرحية مدرسية مثلت فيها انا، وقمت بدور الأعرابي الجلف الذي يفد على مجلس" معن بن زائدة" المعروف بالحلم والحكمة، وقد تراهن مع احدهم على إغضابه ، ودخل مجلسه فلم يسلم عليه بل بادر بالقول : أتذكر اذ لحافك جلد شاة، واذ نعلاك من جلد البعير، فما زلت اذكر ذلك ولا أنساه . رد الأعرابي : فسبحان الذي أعطاك مُلكا وعلمك الجلوس على السرير ، حتى نهاية القصيدة التي لم يفلح الأعرابي بها في إغضاب الأمير... بعد عامين بالمدرسة ذاتها مثلت مسرحية " القائد والأسير" ، وكنت قائدا فرنسيا يجهز على شيخ وامرأة في حرب الجزائر . في عام 1960مثلت وأخرجت مسرحية " المتهم بريء " و" بيت الطرشان" ولها صور فوتوغرافية في موقعي، وعام 1968 مثلت وأخرجت مسرحيتين مصورتين هما " العاطفة والاحتقار" و" الجسر " وذلك في البصرة على مسرح التربية بالعشار مركز المحافظة.
* عناوين مختلفة لمسلسلات درامية عراقية ، هل من أفلام سينمائية تطمح لها؟
- في رصيدي اكثر من ثلاثين فيلما تلفزيونيا طويلا ، واكثر من تسعين سهرة دراما، واكثر من ثلاثين مسرحية، واكثر من الفي نص إذاعي، واكثر من سبعين مسلسلا تلفزيونيا طويلا، كلها أنتجت ومنتشرة وموجودة اضافة الى ثمانية كتب واربع روايات. اما الآن فلدي فيلم رعب اطمح بإنتاجه في أوروبا . كما ان أمام المكتب الإعلامي العراقي للإنتاج ثلاث مسلسلات .
* ممثل مؤلف مخرج سيناريست ، حقيقة الفن هو الفن وهوية واحدة ، ولكن لكتابة السيناريو قدرات خاصة كيف تفسر هذا للناقد والمتلقي؟
- انا كنت قرويا بالبصرة أحببت السينما جدا، وأعمامي كانوا يضمنون بوفيه في دور السينما بالبصرة لذا كنت ليلا نهارا أرى الأفلام التي تعرض تباعا في دور السينما، ومن ثم اقتنيت مكتبة بأربعين كتابا حرفيا أوروبيا بالسينما . درستها نظريا وطبقتها عمليا ، كانت لدي كاميرات سينما وعارضات وكنت أصور وأمنتج بيدي ، وتعلمت من المدارس الفنية كلها الشاعرية " لأرنهايك" الرمزية " لارنيشتاين" التوازي والتضاد، فالمونتاج لأكبر مخرجي أميركا " غريفث" والواقعية الاشتراكية" لروسيليني" التعبيرية والنفسية " لانجمار بريجمان" الواقعية الجديدة " لكلود ليلوش " الواقعية الحديثة" لصلاح ابو سيف" والكثير مما تعلمته وقارنته ، وطبقته لذلك ان النص الذي اكتبه لو ان الف فاحص يقرأونه لن يرفضوه.
*لماذا لا يصل المبدع العربي بسهولة الى مهرجانات عالمية مثل مهرجان" كان" وغيره والبعض يبقى طي النسيان ؟
- لان المدراء الحكوميين ليسوا انا او انت.
* ما هي اهم المحاور والقضايا التي تمت معالجتها دراميا ؟ وهل من توجه سياسي ما في الدراما العربية الحالية برايك؟
- انا عالجت اغلب المواضيع وكتبت عن كل شيء عدا تفاصيل العلاقة الزوجية بالسرير، لم ادع شيئا في الريف وفي المدينة والتاريخ والجغرافيا، وفي العلوم النفسية والبوليسية. الأعمال العربية عشرة بالمئة منها يقترب من الواقع ويعبر عنه . اما أعمالي فأي ناقد عراقي سيقول لك رأيه وخذي به. لكني أقول ان أعمالي نالت جوائز عالمية وذهبية وتؤخذ بها شهادة دكتوراه ، هي حقيقية وخالدة في الصميم. انا حالة ربما شاذة في الواقع الدرامي العراقي، فأنا من أربعين سنة نجم كمؤلف درامي، وهذا لا يحصل حتى بمصر ان يستمر الشخص طوال السنين مرغوبا، فأنا لم تظهر لي الأعمال منذ سنوات على العراقية . لكن اللقاءات معي ليل نهار . هذا ربما غرور مني أعوذ بالله منه. لكن هذا ما أراه وقد أكون مبالغا نرجسيا أعوذ بالله .
* هل من تكتيك معين يفصل بين الإخراج والتأليف والتمثيل ؟ وكيف تصف كتابتك للسيناريو؟
- المخرج الكبير هو شاعر كبير وخيالي يقول:" لايكون الفيلم جيدا ما لم تكن الكاميرا عينا في راس شاعر." اما كتابتي للسيناريو فتجعل من قليل الخبرة مخرجا. فأنا افرش الأحداث صوريا وموضوعيا، ومكانيا، وزمانيا، وسايكولوجيا أمام المخرج ، فما عليه سوى ان ينصب كاميراته ويصور من زوايا مختلفة.
* أنت رسام ومخرج وروائي وشاعر وكاتب سيناريو هل من منهج ذاتي تتبعه لتحقق توازنات بين الثقافة والفن؟
- انا أعيش في روض الفضائل كلها ارضع الجمال والحرية والتعبير من مناهلها المتناهية الصغر.
* هل من إشكاليات تعيق الانطلاق السينمائي العراقي بشكل خاص ؟ والعربي بشكل عام؟
- السينما في العالم الثالث أصبحت بروتوكولا، و كرنفالات للمهرجانات الدولية والسفر والبحث عن الجوائز . المنطقة العربية ممزقة ولا دور سينما ولا جمهور مطلقا عدا القليل في مصر.
* هل تضع نفسك أمام النقد الذاتي بعد هذا التاريخ الزاخر بالعطاء الفني؟
- ليل نهار، وانا اشعر بي هاويا لامحترفا، وما فعلته او كتبته ربما أكثره شخابيط على الجدران كان لي شرف المبادءة والمحاولة والتاريخ من يحكم.
* هل من نقد تخصصي يقنعك أدبيا او صحفيا على صعيد الوطن العربي بشكل عام؟
- نعم، ولكنه قليل ومحدود في اطار النخب. الناس لا تقرأ ، انها تلتهم المسلسلات التافهة ، وهي ترمي اللب بالأفواه بعمى بصيرة واضح تماما.
* هل من عمل سينمائي هو الأمثل في المفضلة لديك؟
- " شيء من القوة " و" فجر يوم حزين" ، هذان من أعمالي الرائعة.
* تكتب بخلاف الواقع العربي لماذا؟
- نعم ، انا اكتب بخلاف الواقع العربي ، أسلوبي هو أميركي بحت لأنني تتلمذت على هذا الأسلوب، وبما قرات كما عظمت جميع مدارس السيناريو وسادتها ومنظريها وكتابها منذ عام 1903 لذلك اطل على العالم من عين سمكة او فلاح فقير او عامل او موظف وأعمالي لا تشبه الأعمال العربية..انها لبوس آخر لمضمون مختلف.
* ما رأيك الشخصي بالفيلم القصير والفيلم الوثائقي، وهل تشجع الجيل الجديد على الأفلام القصيرة؟
- مؤ سف! ان لا احد يراها بجدية ، ولا محطات تعرضها واذا عرضتها تعرضها لمرة واحدة وانتهى ، عدا في الغرب فهذه مفيدة وعلمية.
* تؤثر الدراما على مختلف جوانب الحياة وبشكل خاص على الشعب وتوجهاته هل هذا صحيح؟ وما هي خطورة مؤثرات الدراما على العقول؟
- نعم.. نعم.. نعم ان كانت الدراما رصينة وعلمية انها تتلاعب بمزاج الناس ، فالتلفاز هو اخطر وسيلة إعلام ، وهو ليس محاضرا في صف فيه ثلاثون تلميذا او قاعة فيها الاف الأشخاص، فالتلفاز يحاضر يوميا على ملياري انسان، فكيف لا يتأثرون؟
* فروع العمل الدرامي او بالأحرى التلفزيوني او السينمائي كثيرة برأي المؤلف والمخرج المعطاء " صباح عطوان" اي الفروع هو الأهم للمؤلف والمخرج والممثل وسواهم؟
- التلفزيون طبعا لأنه الأوسع انتشارا، ولأنه انتاجيا ارخص من غيره .كما انه بيتي الطابع وجماري الملتقى .
* كلمة اخيرة تتركها في سجل التاريخ؟
- ما ينفع الناس يبقى على الأرض اما الزبد فيذهب جفاء .