تواجه حكومات دول البلقان و هيئاتها الأمنية و الاستخباراتية تحديات خطرة مع تنامي نفوذ التيارات الأصولية العنفية في مجتمعاتها ،وفي هذا تتساوى البوسنة و ألبانيا و مقدونيا وكوسوفو وصربيا والجبل الأسود، مع اختلافات ملفته عن بلغاريا التي تعيش فيها أقلية مس

تواجه حكومات دول البلقان و هيئاتها الأمنية و الاستخباراتية تحديات خطرة مع تنامي نفوذ التيارات الأصولية العنفية في مجتمعاتها ،وفي هذا تتساوى البوسنة و ألبانيا و مقدونيا وكوسوفو وصربيا والجبل الأسود، مع اختلافات ملفته عن بلغاريا التي تعيش فيها أقلية مسلمة يصل عددها إلى أكثر من مليون نسمة تميل غالبيتها الكبرى إلى الاعتدال والوسطية وتنبذ التطرف مع استثناءات محدودة .و تتشكل هذه الأقلية من إثنيين أتراك ومسلمين من أصول سلافية يعرفون باسم ( البوماق) أو " المسلمون المحمديون" .

ويعيش أكثر من 5 ملايين مسلم من إجمالي عدد السكان البالغ 20 مليونا في البلدان التي كانت تشكل الفيدرالية اليوغسلافية السابقة ،ويشير تقرير صادر عن ( وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إلى " أن المئات من مسلمي هذه البلدان انضموا إلى الجماعات المسلحة التي تقاتل في سوريا والعراق ،وبشكل خاص تنظيم ( داعش) بحيث اصبحوا يشكلون المجموعة الرابعة بعد أولئك الذين التحقوا بالتنظيم من الأردن و السعودية و تونس والمغرب".ووفقاً للخبير في شؤون الجماعات المسلحة في جامعة بريشتينا بليريم لطيفي فإن" الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها كوسوفو والفساد المستشري في مؤسسات الحكم، ووسط النخب السياسية ولّدت نزوعا دينيا لدى الشباب العاطل الذي وقع فريسة لدعايات جماعات إسلامية تحصل على دعم خارجي تجندهم للقتال في سوريا والعراق".وفي هذا السياق أكد الصحفي فيسار دوريقي المختص بالقضايا ذات الصلة بالجماعات المتطرفة والذي تلقى تهديدا من متطرفين في كوسوفو بحز رأسه" ان التعبئة الأيديولوجية الدينية و التجنيد يستهدفان الفئات الأكثر فقرا بين السكان وخصوصا الطلاب" ،موضحا" ان أئمة المساجد المتطرفين الذين تلقوا تعليمهم الديني في دول عربية يتولون مهمة حرف أفكار زائري المساجد ومن ثم تجنيدهم و تسهيل سفرهم إلى تركيا، و منها إلى سوريا و العراق"،وأضاف" يشكل طلبة المدارس الفقراء تربة خصبة للفكر السلفي المتعصب الذي يعتقد معتنقوه بأنه طريق تحسين أوضاعهم الاجتماعية و المعيشية".
وكانت حكومة البوسنة ،وكذلك كل من حكومتي كوسوفو و صربيا قد أصدرتا قوانين صارمة تجرّم التطوع للقتال في النزاعات و الحروب في دول أخرى.ويقول المستشرق الصربي داركو تاناسكوفيتش " إن البرامج الدينية المتطرفة و القومية جاءت لتسد الفجوة الأيديولوجية التي نشأت عن تفكيك يوغسلافيا السابقة في تسعينات القرن الماضي" ،مبينا " ان مسلمي البلقان الذين ينتمون إلى تبني الإسلام التقليدي المعتدل كانوا يشكلون ضمن يوغسلافيا السابقة جزءا من مجتمع علماني إلى حد كبير إلا ان الوضع تصاعد مع نشوب النزاع الأهلي المسلح في البوسنة ،ومن ثم في كوسوفو الذي أتاح لعناصر متشددة ورجال دين متشددين نشر التطرف في المنطقة".وكانت كوسوفو قد أعلنت عن اعتقال أكثر من 50 من الإسلاميين الذين عادوا من القتال في سوريا أو من الذين كانوا في طريقهم للانخراط في الصراع الجاري في العراق وسوريا".
وتنسق حكومات دول المنطقة عملياتها الأمنية ،وتتبادل مع هيئات الاستخبارات الأوروبية والأميركية المعلومات عن تحركات هذه الجماعات و نشاطاتها ،في سياق تعاون جدي يهدف إلى مواجهة مخاطر وتهديدات الجماعات المتطرفة التي يمكن ان تُنشئ خلايا نائمة تخطط لهجمات إرهابية في الداخل و في دول أوروبا المجاورة.