اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عراقيون ... مَنْ يزايدُ على مَنْ

عراقيون ... مَنْ يزايدُ على مَنْ

نشر في: 1 نوفمبر, 2014: 09:01 م

مع رفضي لفكرة المزايدة في المواطنة، لكني لو كنت مواطنا أمريكيا أو بريطانيا أو فرنسيا أو ألمانيا أو لأي أنتمي في المواطنة لدول من دول العالم الحر المتحضر وعرضت علي حكومة العراق حيازة الجنسية العراقية مقابل تنازلي عن جنسيتي الأوروبية لرفضت بكل تأكيد، ذلك لأني هناك أتمتع بما لا يمكنني التمتع به في العراق، وما هذه بنقيصة، لأن المنطق والعدل يقول بان الإنسان يفضل العيش في البلاد التي تحفظ له كرامته وتؤمن له العيش والأمان والمواطنة الحق، ولا أجد من يؤمن لي هذه في العراق اليوم. ترى لماذا التنابز والتشاتم والسباب بيننا نحن أبناء البلاد التي لم تحفظ لنا سوى الخراب والموت؟
وكافتراض غير قابل للتصديق بان سكان الجنوب جاءوا من الهند او من بلاد فارس أو من بلاد الواق واق، ولم يكونوا عربا أقحاحا، ترى هل انبثق الحجر العراقي عن اهلنا في المناطق الأخرى، أو هل كانوا بمأمن ومنجاة من الوافد الغازي، غير العربي عبر السنوات الطوال التي كان العراق فيها مسرحا للغزاة من الاخمينين والسلوقيين والبارثيين والساسانيين والمغول والأتراك والصفويين والفرس ومحاربي الأناضول والغزاة التتاريين الهولاكيين ودولة الخروفين والماليك العثمانيين وحتى دخول الإنجليز؟
أمر معيب أن نتحدث عن عرق طاهر، عن دم أزرق وقد قال أبو نؤاس : ليس الأعاريب عند الله من احد.
ولو قمنا بفحص دقيق لأي واحد منا في مختبر الـ DNA لوجدنا العجب العجاب، ليس لنا نحن العراقيين إنما لكل مواطن في العالم. إذا كان الانفتاح لعنة فالانغلاق تخلف ولعنة.
لكننا ومع الاسف أمة تربت على النبذ والإقصاء والتقليل من شان الآخر، وكتب تأريخنا ترفدنا بكل ما هو شوفيني وعنجهي، تقول الكتب ذات النزعة القومية بان العرب المسلمين حين دخلوا البصرة سنة 14 للهجرة لم يقف أحد في وجوههم، فقد وجدوا المدينة خالية سوى من فئة تابعة لإمارة ميشان الفارسية سرعان ما ولت هاربة أمام جيوش المسلمين الغازية، فيما تحدثنا كتب منصفة تاريخية أخرى على أن مدينة الأبلة او بسي ره أو بصرياثا أو طريدون وكلها أسماء تعني البصرة كانت مسكونة بأقوام عدة منها العرب والفرس والقبط والروم والزنج والسييايجة والزط، وهي أرض يزرع فيها النخل والحبوب والفاكهة ولها تجارة وفيها أسواق ... الخ . لكن النزوع العربي القومي آنذاك كان بالضد من وجود مدينة متنوعة مختلفة متآخية. كما ان العنت القومي هذا لم يستمر طويلا إذ سرعان ما عادت المدينة إلى طبيعتها بقبول الآخر والتعايش معه.
تصاعدت نبرة الخلاف التي أثارها النائبين طه اللهيبي وحنان الفتلاوي إلى ما هو أبعد من وجودهما في ستوديو القناة التي كانت محطة لحوارهما حتى أصبح أشده على صفحات الفيس بوك، وما نقرأ من تعليقات يكاد يوصلنا إلى حافة القتل، وكأن مقاتلنا على أيدي الارهاب والمليشيات غير مجزية لنا. لكن أمر القتل والخراب ومستوى الدم الذي أريق على شوارعنا الذي بات يستوقف كل ذي عقل وحكمة لا يستوجب المزيد، وما حدث في الرمادي من قتل بشع لأبنائنا من عشيرة البو نمر يوازن او يقل بقليل عن ما حدث لأبنائنا من أهل الجنوب في سبايكر، وما تشهده البلاد من امتحان طائفي لا يحتمل المزيد، وما في البلاد من ويلات سياسية وأمنية واقتصادية لا يحق لأحد تجاوزه إلى ما هو ضيق وقبيح.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. محمد توفيق

    من البلايا التي نزلت على العراق هي الطائفية المشرعنة بقوانين المحاصصة التي ترسخها وتضمن بقائها. والمناظرة التلفزيونية المخجلة بين النائبين بينت درجةانحطاط ثقافة الحوار ،وانقطاع جسور التواصل بين من يدعون تمثيل طوائفهم زوراً وبهتانا. كان الأجدر بمجلس النوا

  2. سلام محمود احمد

    المشكلة ليست في الطائفية بل في طريقة معالجتنا لها. لو كانت المعالجة عادلة وبدون دماء فما المشكلة ان كنا شيعة سنة اكراد عرب تركمان مسيحيين يزيديين صابئة وغيرها من الامور. وحتى اللقاء بين حنان الفتلاوي و طه اللهيبي لو لم يكن هناك اراقة دم في العراق فهم احرا

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram