TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > وفي عز الغناء سكت الغناء

وفي عز الغناء سكت الغناء

نشر في: 11 ديسمبر, 2009: 04:42 م

محمد نعمان مرادفي الثلاثين من آذار عام 1977 رحل الفنان الكبير عبد الحليم حافظ عن عمر ناهز الثامنة والأربعين، الذي عدَّ علماً من أعلام الغناء العربي في القرن العشرين فهو من مواليد 21 حزيران من عام 1929، وقد عانى عبد الحليم حافظ معظم حياته من مرض (البلهارزيا)
 التي نخرت مثانته وكبده والذي أصاب كبده منذ منتصف خمسينيات القرن العشرين، وظل طوال أكثر من عشرين عاماً، وهي سنوات تألقه الفني، أسير العلاج ورحلاته الطويلة، وفي كثير من الأحيان كان يسافر الى لندن لكي يتلقى فيها العلاج. وقد تفاقمت عليه الحالة المرضية في بداية عام 1977 اضطر خلالها الى رحلة بدت طويلة للعلاج لم تأتِ بثمار طيبة وجاءت أخبار وفاته في الثلاثين من آذار لتنهي معاناته من المرض ويتنهي في الوقت ذاته عطاء فنان قديم ضحى من أجل الفن وإسعاد الناس. لا يملك عبد الحليم حافظ صوتاً قوياً حتى مجيئه وهو شاب وسط عمالقة الغناء في بداية الخمسينات، فكيف إذن حقق ذلك النجاح الكبير واعتلى قمة الغناء العربي ؟ إن من أهم أسباب نجاح عبد الحليم حافظ انه ظهر في فترة كان الغناء العربي بحاجة ماسة الى التغيير من نمط القالب الكلاسيكي الى نمط يلبي متطلبات العصر الشبابية، إن جاز لنا التعبير عنها، فلون عبد الحليم الغنائي لون جديد في الغناء العربي مزيج بين الكلاسيكية والأصالة الشرقية مؤطرة بروح الشباب المتجدد. فلو تأملنا أغنية (الهوى هوايا) أو (جانا الهوى، على سبيل المثال لا الحصر، لنجد ان إطلاق على اي منهما ووصفها بالأغنية الشبابية بل ونموذج لها لأنها شبابية في كل العصور دون ان تتأثر بتغير عوامل الزمن. وقد ساعد عبد الحليم في تحقيق النجاح هو ذلك الثالوث من عمالقة جيله الذي ما برح يقدم الألحان العذبة والجميلة والرائعة، هذا الثالوث العبقري (كمال الطويل ومحمد الموجي وبليغ حمدي) الذين رفعوا عبد الحليم على أكتافهم ليكون نجماً لامعاً في سماء الأغنية العربية. وفي الوقت نفسه وضع عبد الحليم وسواه من مطربي ومطربات عصره هؤلاء الملحنين وسواهم الى اعتلاء منصة التتويج لعمالقة القرن العشرين في الموسيقى العربية. ومن جانب آخر، فإن صوت عبد الحليم لم ينجح بقوته لكنه نجح بعذوبته ورقته وتلكما خاصيتان ذاتا أطوار عجيبة في الغناء سيفتقد لها الغناء العربي لوقت ليس بالقصير. وقد جعلت تلك الخصائص من صوت عبد الحليم أن يكون صوتاً موسيقياً حتى بدون غناء أو موسيقى. نعم إنها الحقيقة لقد ترك عبد الحليم حافظ تراثاً ثراً من الأغاني الخالدة التي تبقى على الدوام في ذاكرة الناس وأسماعهم وترددها الشفاه في كل العصور.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram