عمار التحفيليس كأي صباح الذي شهدته الايام قبله انه يختلف تماما صبيحة الاول من نيسان 1977 وشاع الخبر واخذ دروبا متعرجة وراحت الالسن تتحرك في كل الاتجاهات كلهم رددوا ان هي الا دعابة سمجة واشاعة تظهر عند بداية هذا الشهر واتفق علي نعتها بانها كذبة نيسان ومر وقت ليس طويلا هرع الكثيرون
الي اجهزة المذياع واقراص الهواتف وتأكد الخبر الصدمة لقد توفي العندليب الاسمر عبد الحليم حافظ في احد مستشفيات عاصمة الضباب لندن بعد ان فشلت ولم تفلح كل المحاولات والاجراءات الطبية والعلاجية الطارئة واللازمة لابقائه حيا وديمومة رمق الحياة له والحفاظ علي استمرارية انفاسه. منذ صغره اعوامه الاولية بعد تموز 1929 عاش عبد الحليم حياة صعبة في بيئة ريفية (قرية الحلوات) التي تعود اداريا الي محافظة الشرقية كان الوليد الرابع لوالده الشيخ شبانة واخوته اسماعيل ومحمد واخته علية.. فقد والديه مبكرا فحرم من حنان الأم وعطف الأب فتحملت مسؤولية تربيته ورعايته اخته التي اصبحت الأم والأب في آن واحد. ظروف العائلة بعد فقد المعيل واجهت مشكلات عدة مما اضطر خال الاسرة الي ان يتكفل بها مما استوجب ان يعيشوا معه في (الزقازيق) ويتركوا القرية ومحافظة الشرقية. كان عبد الحليم يحظي برعاية متميزة من الاسرة خاصة اخته وهو في سن مبكرة يتميز بالذكاء مشخصا الظروف غير الطبيعية التي يعيشها وواعيا لها من كل الجوانب حيث فرض شظف العيش ان يودع عبد الحليم في ملجأ للايتام لاعوام عدة ، وهناك نشط في حفظ الاغاني السائدة في ذلك الوقت اضافة الي ادائه عددا من الاناشيد وتعلم العزف علي آلة (الكلارنيت) وبرع فيها واصبح المسؤول عن فرقة الانشاد في مدرسة الملجأ، وبسبب ظروف البيئة التي عاش فيها عبد الحليم خاصة عدم توفر الاجواء الصحية السليمة مما ادي الي اصابته بمرض صار مزمنا في ما بعد مرده مياه الشرب الملوثة. وكان الاخ الكبير في العائلة اسماعيل يتابع عن كثب مواهب اخيه الصغير فقد فوجئ في احد الايام ان يطلب اخوه منه الالتحاق بمعهد الموسيقي ومن هنا كانت بداية طريق جديد اتصف بالاهتمام والدراسة للموسيقي الامر الذي تتطلب ان ينتقل عبد الحليم الي القاهرة في 1942 وامام لجنة القبول والاختبار نال الرضا والنجاح برغم صغر سنه ودخل المعهد واختص بالعزف علي آلة (الاوبوا) وصارت مصاحبة له كالظل . في المعهد ارتبط عبد الحليم بعلاقات حميمة مع زملائه وكان من بينهم (كمال الطويل). بداية الطريق عقب حصول عبد الحليم علي شهادة (الدبلوم) عين مدرسا للموسيقي في احدي مدارس البنات في محافظة (طنطا) بيد ان طموحه ونظرته المستقبلية ابتدأت بالتحرك وكان يعي ويعرف تماما ان الطريق نحو ما تهفو النفس اليه ليس يسيراً، وان طموحه ان اراد له ان يتحقق فعليه ان يتحمل وان يكون مستعداً لمواجهة الصعوبات في ظروف زمن مزدحم بعدد غير قليل من المغنين والمطربين، وتقدم بخطوات راسخة وثقة عالية الي لجنة خاصة في دار الاذاعة لامتحان الاصوات والاستماع اليها وكان من بين اعضاء اللجنة (حافظ عبد الوهاب) الذي كان له التأثير الكبير في (مشوار عبد الحليم) فحضه وشجعه ووقف الي جانبه كي يكون مغنيا وتقديرا لدور حافظ عبد الوهاب ومواقفه تحول اسم عبد الحليم شبانه الي عبد الحليم حافظ حيث كانت من هنا خطوة التسلق باتجاه القمة ويعد (حافظ عبد الوهاب) هو الذي قدم عبد الحليم الي اذاعة محافظة الاسكندرية عام 1949). في دائرة الضوء وبمناسبة مرور العام الاول علي ثورة 23 تموز 1952 اقيم حفل جماهيري في احدي الحدائق بمحافظة القاهرة اسهم فيه عدد من الفنانين وحين جاء دور عبد الحليم قدمه عميد المسرح العربي الفنان يوسف وهبي قائلا: (سيداتي وسادتي يسرني ان اقدم لكم في هذه السهرة مطربا جديدا صغيرا في السن) ثم بصوت عال (الاستاذ عبد الحليم حافظ) . ووقف عبد الحليم امام حشد غفير من الناس وقدم اغنيته (صافيني مرة) وللمرة الاولي يسمع المطرب الجديد التصفيق واستقبال الجمهور له بالرضا . وتؤكد المصادر ان نجم عبد الحليم بدأ يسطع في مطلع الخمسينات 1954 حيث بدأت الاضواء تسلط عليه. العندليب وعبد الوهاب حين سئل الموسيقار محمد عبد الوهاب عن رأيه بالمطرب الجديد عبد الحليم حافظ كان رايه انه معجب به وكان عبد الوهاب لايعارض ان يغني عبد الحليم اية اغنية من اغانيه وهذا مما جعل العلاقة بين الاثنين متينة وحميمة وتتوطد يوما بعد يوم وعطاء بعد عطاء. اخذ عبد الحليم من الموسيقار عبد الوهاب اغاني عديدة كان اولها اغنية (توبة 1956) ثم (فوق الشوك انا لك علي طول، انت قلبي، ضي القناديل، ياخلي القلب، الويل الويل، فاتت جنبنا، نبتدي منين الحكاية) اما اخر لحن كان اغنيته (من غير ليه) للشاعر مرسي جميل عزيز لم يغنها عبد الحليم لوفاته فقدمها (عبد الوهاب ثم المطرب هاني شاكر في ما بعد). المطرب الممثل بالرغم من نجاح عبد الحليم في مجال الغناء الا انه في التمثيل كشهرة لم تكن بالمستوي نفسه ، حيث يؤكد النقاد ان عبد الحليم المطرب افضل وانجح من عبد الحليم الممثل. ومع ذلك قدم عبد الحليم العديد من الافلام كان اولها فلم (لحن الوفاء) مع الفنانة شادية ، ومن الجدير بالذكر انه اكثر من مرة يتوقف العمل الفني بسبب المرض والنزف الدموي لعبد الحليم الذي كا
غنّى لكل الناس ومات بعيداً عنهم
نشر في: 11 ديسمبر, 2009: 04:46 م