في احدى غرف مجلة (صباح الخير) كانا يتحاوران بحرارة اثنان من الشباب.. احدهما يبدو وقد تجاوز عمر صديقه بسنوات قليلة.. الاصغر يبدو عليه من محرري الشؤون الفنية.. كان فيلم (ابي فوق الشجرة) مدار احاديث مختلف اوساط الفن في القاهرة..
وبالاخص المخرجين.. قال الاول.. *ماذا تعتقد به الان؟ -من؟ عبدالحليم حافظ؟ -نعم.. اقصد الجديد الذي ظهر به؟ -لقد كتبت عنه في مجلة (الفن) الجديدة وقد صدر العدد الاول منها.. لقد قلت ان هنالك لحظات متنوعة تلتقي بها في ابي فوق الشجرة.. في لحظة تلتقي باستعراض يسيل شبابا وانطلاقا ومرحا وحيوية. وفي لحظة اخرى تلتقي بجرح جيل كامل وسياج تقاليد مرسوم على الشفاه.. وبين لحظة واخرى يعطيك عبدالحليم حافظ بصوته وادائه الاصيلين، عطر النغم، حلوه ومره، انه يغني للحب والمرح.. ويغني على العذابات التي يحياها الشباب. وبين الاغتراب والضياع والحب والانطلاق تجد عبدالحليم في هذا الفيلم ممثلا ومطربا ومعبرا عن الشباب بجرأة وحيوية.. *بعد يومين كان لنا موعد مع عبدالحليم حافظ في منزله.. واستقبلنا في المنزل بواجهتين.. الاولى مرضه.. كان يأن من المرض.. سألته.. قال لي: انها نوع جديد من الانفلونزا تسمى الانفلونزا الصينية.. والله يااخي لا ادري لماذا اختارتني هذه (الانفلونزا) من دون عباد الله.. الواجهة الثانية الديكور اقصد ديكور المنزل.. فيه بساطة.. بساطة فنية تلائم ذوق عبدالحليم حافظ. وكانت بداية الحديث عن ابي فوق الشجرة.. بداية اعتيادية في وقت كان الحديث عنه في اكثر (المنازل) يفرض نفسه.. تماما كالاغنية.. قلت للفنان عبدالحليم حافظ.. *كيف فهمت (ابي فوق الشجرة)؟. -انا تقبلت دوري لمعنى كبير اقتنعت به.. المعنى الموجود في القصة معنى يعكس الافكار الخاصة بالجيل الجديد.ز جيل يتغير يحصل له تغيير مستمر وعرفت ان الوقت قد حان للسينما كي تخاطب هذا الجيل بشكل غير مباشر على الاقل.. تمرد الشباب لايمكن ان تعرضه السينما بشكل مباشر او وجها لوجه امام المجتمع.. ولكن هناك وجوب تجسيد افكار الشباب في السينما، لذلك غلفنا مطاليبا في هذا العمل بجو استعراضي غنائي.. اقتنعت بالدور لان بطل الفيلم حاول ان يخرج من ازمته.. ثم انهار مرة اخرى.. ثم عندما وجد نفسه انه لابد ان يثور، تراه قد ثار حتى ينقذ نفسه وينقذ الجيل الذي سبقه. *هناك رأي يقول ان الفيلم كان عودة للافلام الاستعراضية ولم يقدم سوى حلا افتراضيا سطحيا لمشكلة تخص الشباب؟ -هناك اراء كثيرة لكنني اعتقد ان مخرج الفيلم قام بخطة جريئة في علم السينما عندنا، ان كانت من ناحية البناء العام للفيلم او من ناحية مخاطبة الجيلين القديم والجديد بلغة سينمائية معقولة وبشكل جمالي لايثير الملل، اما من ناحية الافلام الاستعراضية فمن رأيي باننا لحد الان لانملك افلاما استعراضية بالمعنى الصحيح، ولم تكن هنالك افلام بهذا المعنى سوى فيلم (عنبر) للفنان المرحوم انور وجدي وفيلم (غرام في الكرنك). اما فيلم (ابي فوق الشجرة) فلقد اخذ شكلا جديدا في النوع الاستعراضي، لقد اعتمد الفيلم مثلا على الالوان،، واللون هناك يتحرك كجزء من مضمون القصة في الفيلم.. اللون في الفيلم اندمج مع المضمون.. وانني اعتبر هذا دلالة لاستعمال جديد للالوان في الفيلم العربي، وبشكل عام لو تجاوزنا اهتمامنا بالفيلم من الناحية الفنية فان (ابي فوق الشجرة) كان يحمل هدفا، يعالج مشكلة تخص الشباب وهدف الجرأة على التغيير وهو يقول لكل العاملين في السينما: ياناس تقدموا ولاتخافوا.. هذه مسائل ارجو من النقاد ان يأخذوها بنظر الاعتبار. *وماذا عن الاغنية في الفيلم.. اقصد موقعها الجديد؟. -هذا ما اردت ان اقوله لك.. الاغنية كانت جزءا من الحدث يكمل الرواية مئة في المئة.. الاغنية كانت تنسج الديكور الخلفي الذي يعيش فيه ابطال الفيلم والجمهور في آن واحد.. تصور الاغنية وابطال الفيلم الشباب.. يحلمون واحدهم يحلم بحبيبته.. بزوجته وعروسته.. يطير في السماء.. يلفون الدنيا بحاجات جميلة تعيش بجمال الشباب.. الاغنية كانت الاجواء الحقيقية للشباب. *اردت ان اسألك عن الجيل الجديد من المخرجين.. -انا لم اشتغل مع احد من هؤلاء سوى المخرج الشاب حسين كمال.. انني شاهدت افلامه.. لقد اقتنعت به وايماني بقدراته جاء من اقتناعي بأعماله.. *احاسيسك وانت تؤدي الاغنية؟. -اقول لك الحقيقة.. انا شاب اغني لجيلي.. اغني لقطاع كبير من الشباب احاول ان اكون صادقا معهم.. افرح وابكي واحزن معهم.. اعطي فني للطبقة التي تعمل وللفئات المثقفة الشابة، واغني لكل الناس.. وانا اعتقد بأن الاداء الصادق للاغنية هو الذي يصل الى الجماهير.. لانها تحس به وتتقرب اليه. *بماذا تفسر ارتياد الشباب لاجواء اغنيتك؟. -افسر ذلك بحقيقتين، انني احس بمشاعرهم وهم يحسون بمشاعري، انني افكر بهم ولانني واحد منهم.. انني احس بالسعادة عندما اجدهم يعيشون الاغنية التي تحكي عواطفهم وتواددهم.. * وبالنسبة للاغنية الوطنية.. اقصد ذات المنطلق السياسي؟. -الاثنان قريبتان الى نفسي.. احاول ان اعيش الصدق معهما.. واعتقد ان التكوينات الفنية والصور الجمالية تؤدي دورا فعالا في نجاح الاغنية، خذ مثلا اغيية (المسيح) انا كنت
ناظم الغزالي صوت فقدته الاغنية العراقية
نشر في: 11 ديسمبر, 2009: 04:53 م