TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أنقره وهواجس دولة الكرد

أنقره وهواجس دولة الكرد

نشر في: 7 نوفمبر, 2014: 09:01 م

لم يتوقع أردوغان في أسوأ كوابيسه أن يجد نفسه مجبراً على الاعتراف بوحدة القومية الكردية، من خلال السماح لكرد العراق بنجدة إخوتهم في كوباني السورية والعبور بأسلحتهم من أراضي تركيا بعد مماطلات وشروط غير قابلة للتحقق ولم يكن في ظنه أن ولادة "دولة خلافة" تنافس بحد السيف مساعيه الإسلاموية قد يؤدي إلى ولادة دولة علمانية ستكون شوكة في خاصرة دولته وحزبه الحاكم، وهو الذي يعتبر كرد تركيا إرهابيين بخطورة الدواعش، صحيح أنه بنى علاقات جيدة مع كرد العراق، لكن الصحيح أيضاً أنه قام بذلك لمناكفة بغداد، على خلفية خلافاتها مع أربيل، وربما لتأكيد سُنيّته في مواجهة تمدد النفوذ الإيراني الشيعي في بلاد الشام والرافدين، وإمكانية توسع هذا النفوذ إلى مناطق أخرى، كان أمله أن يجد فيها موطئ قدم لطموحات استعادة أمجاد العثمانيين، وهو بذل جهوداً في هذا المجال، اصطدمت وتحطمت عند صخرة الوطنية المصرية، ووصل به هذيان زعامة المسلمين، حدّ الطلب من العاهل الأردني أن يتنازل له عن امتياز رعاية المقدسات في القدس المحتلة، وبديهي أن طلبه قوبل بالرفض المطلق والاستهجان.
في معركة كوباني ابتز أردوغان الغرب، بالعمل على عدم السماح بانتصار أي من الفريقين، وسعى من ناحية ثانية لجر التحالف الدولي إلى مخططه الذي لا يرى خطورة لداعش تساوي خطورة استمرار الأسد رئيساً، وهو بالطبع لا يرغب برؤية خصومه الكرد ينتصرون، ما يعني هزيمة ساحقة لكل مخططاته، ابتداءً بمصر وبعدها سوريا والكرد، وهو لن يحتمل إضافة لذلك خسارة طموحات بلاده في الانضمام لنادي الاتحاد الأوروبي، وهو لذلك يفتعل نزاعاً طائفياً مع طهران، باعتبار أن دعمها للأسد ساهم في صموده، ويحتفظ بتحالفه مع الإخوان المسلمين معادياً السعودية ومصر، وينتقد التحالف الدولي ضد الإرهاب رغم مشاركة تركيا "الصورية" فيه، وتظل بين يديه مناورة حل المسألة الكردية، وهي باتت أكثر صعوبة، فما بعد كوباني ليس كما قبلها، وقد بات انتصار الكرد قاب قوسين أو أدنى.
كان في مخططات أردوغان أن يستغل حصار داعش لكوباني، لوأد أي طموح لدى الكرد لبناء دولتهم القومية، لكن السحر انقلب على الساحر بعد انتصارات داعش في العراق وسوريا، ما أبرز قوة الكرد كعامل وحيد، قادر على مواجهة الإرهابيين، إذ لم يعد في الميدان من يُعتمد عليه غيرهم للوقوف في وجه الإرهاب الداعشي، تدفقت عليهم الأسلحة من دول الغرب، فتنامت مخاوف أنقره وتحذيراتها من أن تسليح الكرد سيتحول قنبلة موقوتة في المنطقة، في حين كانت كوباني تصد هجمات داعش لتحصد الأمة الكردية المزيد من الاحترام والدعم.
أنقره وبرغم المناشدات الدولية رفضت التدخل، وزادت بأن منعت كرد تركيا من العبور لشد أزر أبناء أمتهم، ورفضت السماح لمقاتلات التحالف باستعمال قاعدة أنجرليك، فحرمتها من الحصول على مدة كافية للتحليق وقصف مراكز داعش، حيث أن انطلاقها من حاملات الطائرات والقواعد الخليجية، يحرمها من وقت طويل كان ممكناً استغلاله لتنفيذ عملياتها، ظلت تشترط خضوع التحالف لشروطها ملوحة بسقوط المدينة، غير أن الغرب واجه ذلك بتسريب معلومات عن نواياه بضم الكرد إلى التحالف الدولي، ونتيجة ذلك معروفة تتمثل ببروز الدور الكردي، وتقدم فاعليته في التطورات الميدانية في سوريا والعراق، ما يسمح للرئيس مسعود بارزاني بالذهاب إلى إجراء استفتاء، لإعلان الدولة الكردية المستقلة في شمال العراق، وذلك ما تخشى أنقره وعواصم إقليمية، أن يكون خطوة في بناء الدولة القومية الكردية.
ثمة خرائط جديد تُرسم للمنطقة بعد سقوط حدود سايكس بيكو، ولن تجدي مناورات أردوغان في منعها أو محو آثارها وتداعياتها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المنافذ تحقق أكثر من 2.2 تريليون دينار إيرادات جمركية في 2025

التشكيلة الرسمية لمنتخبنا الأولمبي لمواجهة عُمان ببطولة كأس الخليج

الأمم المتحدة: 316 مليون متعاطٍ للمخدرات عالمياً

القضائية تستبعد نجم الجبوري من مقاعد نينوى الانتخابية

ثلاثة منتخبات تحجز مقاعدها مبكراً في ربع نهائي كأس العرب 2025

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram