هناك أشياء كثيرة تأتي بعد فوات الأوان كأن يندم أحدنا على عقوقه مع والديه بعد رحيلهما أو يكتشف رجل كم اخفى عن زوجته الكثير من عبارات حب كانت تتوق إلى سماعها قبل ان تودعه فجأة ..في السياسة ، كما الحياة ، نسمع عن قرارات خطيرة أو مؤثرة تطبل لها وتزمر وسائل الإعلام وتلوكها ألسنة المحللين ومقدمي البرامج المختصة أياما وأسابيع لكنها تأتي أيضا بعد فوات الأوان، منها إعلان حركة عصائب أهل الحق قبل أيام عن براءتها من 53 مسلحا من عناصرها في محافظات عدة لاستغلالهم اسم العصائب لممارسة عمليات ( الابتزاز والخطف ) داعية الأجهزة الأمنية إلى التصدي بحزم لكل من يعبث بأمن المواطن ..
جاء هذا الإعلان بعد أن تعرضت احدى مناطق اطراف بغداد لهجوم داعشي مباغت وفضل رجالها مغادرتها مع عوائلهم على القتال إلى جانب داعش تاركين منازلهم ومركباتهم وكل ممتلكاتهم وبعد انسحاب داعش منها دخلتها ميليشيات ( ادعت ) أنها من أبناء حركة عصائب اهل الحق ولم تلبث بعد السيطرة على المنطقة إلا ان استباحت محتويات المنازل ثم أحرقتها مع المركبات الحديثة ثم تم تصوير تلك المنطقة ونشر بعض الصور على صفحات التواصل الاجتماعي على اعتبار انه نصر للقوات الأمنية على داعش ..ولم ينته الأمر عند هذا الحد بل اختفى قبل أيام اثنا عشر رجلا من المنطقة المجاورة لتلك المنطقة بعد اعتقالهم على أيدي نفس تلك الميليشيات ولم يعرف لهم أهلهم طريقا حتى الآن رغم مراجعتهم جميع الجهات الأمنية وحتى مكاتب الميليشيات ..فهل سيمكن لهذا الإعلان ان يرد لهم منازلهم وأملاكهم بعد ان التهمتها النيران ام سيعيد الرجال المعتقلين دون أسباب ظاهرة إلى عوائلهم خاصة وان منهم ثلاثة أشقاء أخذوهم من بين أيدي والدتهم الأرملة وكيف سيمكن للأهالي وحتى الجهات الأمنية التمييز بين مجموعات مسلحة تجاهد وتضحي من اجل راحة وأمان العراقيين وأخرى تستغل اسمها لترويعهم بأعمال الخطف والابتزاز والقتل ...هل جاء هذا الإعلان بعد فوات الأوان وان لم يفت الأوان بعد لمن اختطفتهم تلك المجاميع المسلحة فكيف سيصل اليها المواطن العادي وكل من يسأله من الجهات الأمنية ينفي معرفته لأي من أفراد تلك المجاميع ..هل تحول بلدنا فعلا إلى بلد عصابات تفعل مابدى لها تحت لواء القانون ودون ان تخشاه ..؟
الحل إذن لايكون بإعلان أي من تلك المجاميع المسلحة البراءة من عناصر تخرج عن طاعتها أو تستغل اسمها لإرهاب المواطنين بل بأن تعلو يد القانون فوق أيديهم وان تتم محاسبة تلك الجهات على نزولها إلى الشارع.
قرار آخر آمل ألا يكون قد جاء بعد فوات الأوان وهو إعلان الحكومة عن تسليح العشائر في المناطق الساخنة للقتال مع الجيش ضد داعش ..كان يمكن ان يأتي قبل ان يفقد مئات المواطنين أرواحهم وأملاكهم على يد داعش لأنهم قرروا مواجهتها ومنهم أهالي ناحية يثرب وقرى قضاء بلد ثم عشائر البونمر وغيرها ممن فقدوا العديد من رجالهم لأنهم قرروا مواجهة الإرهاب ..
اذا كان قد كتب علينا ان نؤجل أحلامنا حتى أشعار آخر لما يمر به بلدنا من أزمات فليس علينا ان نمنح حياتنا ثمنا لقرارات تأتي غالبا بعد فوات الأوان !
بعد فوات الأوان
[post-views]
نشر في: 7 نوفمبر, 2014: 09:01 م