TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الخليج العربي وربيعه

الخليج العربي وربيعه

نشر في: 8 نوفمبر, 2014: 09:01 م

سيكون مدهشاً أن تنام دول الخليج العربي على حرير بُعدها عن "الربيع العربي"، وأن تظن أنها استثناء من تداعياته، الناجمة عن العديد من العوامل الاقتصادية والسياسية والثقافية، وقد انتشرت نتائجه في الدول التي مر عليها هذا الربيع مخلفاً الفوضى والخراب، وناشراً للحرب الأهلية التي ستنتهي بتقسيم المقسم، وتعيد رسم خرائط سايكس بيكو، فالمنظومة الخليجية تحمل في أحشائها كل المعطيات المؤدية للانفجار، ما لم يتدارك حكامها الوضع قبل أن تتلاشى دول وتنشأ أخرى، وينبغي القول إن هذه النظرة المتشائمة لمستقبل الدول الخليجية، ليست من عندياتنا، فقد صدرت عن عدة مؤسسات عربية وأجنبية، معنية بدراسة حاضر المنطقة ومستقبلها.
ما يدعو لهذا الاستنتاج الممكن وصفه بالتحدي، هو طبيعة الأنظمة الحاكمة من جهة، ومصادر الدخل من الجهة الثانية، فالدول الخليجية محكومة من عائلات لم تحاول الوصول إلى الدولة المدنية، بصفاتها المعروفة من انتخابات وبرلمانات تنبثق عنها الحكومات، ولاهي آمنت بتداول وتقاسم السلطة أو سيادة الديمقراطية، أو حتّى الحرية الشخصية لمواطنيها، وليس هذا اعتراضاً على وجود عائلة حاكمة، فثمة العديد من العائلات المالكة في أكثر الدول الديمقراطية، لكنها عائلات لم تحتكر السلطة بقدر ما أعادتها لشعوبها عبر الانتخابات وتشكيل الحكومات البرلمانية، بينما اعتبرت العائلات الحاكمة في الخليج، أن السلطة لها وحدها والشعب رعية، وليس غريباً أن تتشكل حكومات بعضها من وزراء أغلبهم من أفراد العائلة، خصوصاً الوزارات السيادية التي تظل حكراً عليهم، يتوارثونها في مجتمعات سعى الحكام لأن تظل محكومة بثنائية المحافظة والدين، وبحيث توالدت فيها أشكال متعددة من الفكر التكفيري العابر للحدود، في دول لم يقتنع الجميع بحدودها المصطنعة.
يتعلق الأمر الثاني بمصادر الدخل، حيث يعتبر النفط المصدر الأول الذي أنعم بالرخاء والوفرة، غير أن تطور العلم ينبئنا أن هذه الثروة التي تدفقت على الخليج، ليست مرشحة للاستمرار على حالها، وبينما يتوقع انخفاض أسعار هذه السلعة بتسارع مدهش، فإن على الجميع انتظار تحول المجتمعات الاستهلاكية بنهم إلى مجتمعات فقيرة، بينما تشهد الموازنات الحكومية عجزاً متزايداً، خصوصاً أن الاتكالية منعت تنفيذ مشاريع تنويع مصادر الدخل، كما منعت من التحضير لمستقبل نضوب النفط أو انخفاض أسعاره، وليس سرا أن العديد من مراكز صنع القرار في العالم، بدأت التحسب لانحسار الظاهرة الخليجية، التي تعاظم دورها منذ ما يقارب الأربعة عقود، وما إذا كانت قادرة على الاحتفاظ بمجتمعات موحدة، اعتادت العيش برخاء والاستهلاك بغير ضوابط في دول لازالت متماسكة، ولكن لا يعرف أحد شكل اقتصادها المستقبلي، إن صدقت التنبؤات بالنسبة للنفط، وما إذا كان سيستمر كسلعة استراتيجية يحتاجها العالم، ولا يمكنه الاستغناء عنها.
ليس ممكناً هنا إغفال تأثيرات قيام "دولة الخلافة" في بلاد الشام والعراق، نتيجة الواقع المرفوض شعبياً، والمحافظ عليه باستماتة من الحكام، وهل من الممكن التخلص من مأزق قيامها، قبل أن تتمدد إلى شواطئ الخليج وجزيرة العرب، خصوصاً وأن كل الدلائل تؤشر أن المنطقة بأكملها، ستواصل العيش في حال من عدم الاستقرار لعقدين على أقل تقدير، لن ينقضيا قبل رسم خرائط جديدة، وولادة دول جديدة بعد 100 عام على حدود سايكس بيكو، التي ستتغير بأيدي أبناء المنطقة أولاُ، وبدعم العديد من دول العالم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المنافذ تحقق أكثر من 2.2 تريليون دينار إيرادات جمركية في 2025

التشكيلة الرسمية لمنتخبنا الأولمبي لمواجهة عُمان ببطولة كأس الخليج

الأمم المتحدة: 316 مليون متعاطٍ للمخدرات عالمياً

القضائية تستبعد نجم الجبوري من مقاعد نينوى الانتخابية

ثلاثة منتخبات تحجز مقاعدها مبكراً في ربع نهائي كأس العرب 2025

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram