التحرك في الهواء الطلق والوقوف على أرض الواقع أضفيا الكثير من معالم التفاؤل على مهمة وزير الشباب والرياضة عبدالحسين عبطان إذ لم يكتف بمغادرة مكتبه لتلمس الحقائق بلا تزويق ، بل صار التفاعل المجتمعي مؤشراً بارزاً على اهتمامه يستخلص منه تأثير العمل الرياضي بمختلف ميادينه على الجماهير ، وبالتالي يمكن أن يجد أرضية مشتركة بين الجميع كي يسهموا بالبناء ويتفقوا مبدئياً على أن سمعة البلد في محافل خارجية تسمو من احترام أهله للعناوين المكلفة بالدفاع عنه مثلما يتواصل منتخبنا الوطني في محطة الإعداد الأخيرة بمدينة البصرة قبيل الانطلاق إلى خليجي 22.
إنه لأمر جيد أن تستأثر قضية جماهير البصرة اهتمام مكتب وزير الشباب والرياضة وتدفعه إلى تبني سياسة التفاعل الشعبي الذي يقضي بتفهم موجبات مطالب الجماهير إن كانت تستحق فعلاً، لكن صدور بيان من مكتبه الإعلامي يناشد فيه عدداً من الأشخاص المسيِّرين لحملة الاحتجاج ضد مدرب المنتخب الوطني ولاعبيه الذين تسربت معلومات تفيد باتصال الوزير نفسه بأحد قادة الحملة بهدف ثنيه عن استمرارها وسحب الجماهير من بوابة الفندق المخصص لبعثة المنتخب وعدم إعاقة استعداداته في ملعب المدينة الرياضية يؤشر حالة خطيرة لا تنسجم أبداً مع أطر العلاقة المفترضة بين منتخب البلد وجماهيره وتشجع على التمرد والعصيان وتعرض الملاكات التدريبية والمنتخبات الوطنية لمأزق التهديد الحقيقي بذريعة عدم ضم هذا اللاعب أو ذاك الحارس ويمكن أن تتكرر هذه الظاهرة المرفوضة في بقية المحافظات إذا ما قرر المنتخب التواجد هناك سواء في النجف أو الانبار أو غيرهما مستقبلاً فماذا سيكون رد فعل الوزير؟!
نقدّر بإيمان عميق أن البصرة منجم لاعبي المنتخبات وقدمت للعراق قوافل من المبدعين والمضحين إداريين كانوا أم مدربين ولاعبين وهكذا بالنسبة لبقية التخصصات الرياضية، ويكفي البصرة نجمها الكبير هادي احمد شاغل العرب والخليج منذ ربع قرن كلما هبّ نسيم التفاخر بنجوم الكرة في المنطقة مع إطلالة كأس الخليج التي نترقب نسختها 22 الخميس المقبل، لكن ليس من المعقول أن تتحول قضية اللاعب علي حصني المستبعد لأكثر من مرة بإصرار عجيب من المدرب حكيم شاكر تحت ذرائع شتى، إلى شرارة احتجاج عارم والتلويح بمنع المنتخب من إجراء التدريبات على ملعب المدينة فذلك يعد تصرفاً متخلفاً لا ينسجم مع وعي وكياسة الجمهور البصري المتحفز لمرحلة جديدة من النهوض الرياضي والكروي بعد احتضان مدينتهم واحدة من أبرز جواهر الملاعب في غرب آسيا.
ومثلما وقفنا مع حقوق البصرة في تضييف الدورة الخليجية المسلوبة ثلاث مرات (21و22و23) نتيجة تلكؤ مراحل الانجاز منذ عام 2012 وسحب التخصيصات المالية للمشروع بأمر وزاري من المهندس جاسم محمد جعفر على خلفية إناطة السعودية تنظيم الدورة 22 وإعلانه انسحابنا منها، فإننا نرى في الاحتجاج وتبعاته التي لمّح البعض بمحاصرة الفندق والتنديد بالمدرب والمنتخب وربما يتطور الموقف إلى سلوك عدائي لا سمح الله من نفر سيء يستغل التجمع الجماهيري لارتكاب حماقة لا يُحمد عقباها رسالة مرعبة للأشقاء الخليجيين لاسيما إذا ما أنيطت البصرة تضييف الدورة مستقبلاً ، وما زاد من قلق النقاد والمراقبين في وسائل إعلام دول الخليج تدخل أعلى سلطة رياضية ممثلة بالوزير عبطان عبر مناشدته الكف عن الحملة وتأجيلها لما بعد انتهاء خليجي 22، وهذا يقودنا إلى التساؤل : ما دور مجلس محافظة البصرة ومديرية الشباب والرياضة في المدينة إزاء هذه الظاهرة، وكيف سينجح مشروع الوزير بانجاز ملف تنظيم دورة الخليج وتأمين سلامتها وهناك 100 مشجع وربما أكثر قضّوا مضجع مسؤولي المحافظة على مدى الأيام القليلة الماضية في حملة تستهدف منتخب البلد فماذا سيكون الحال مع منتخبات السعودية والكويت وقطر وغيرها ، هل المطلوب عزل مقرات الوفود من الملعب إلى الفندق طوال أيام الدورة ؟!
نطالب القائمين على شؤون المحافظة لامتلاك المبادرة أولاً قبل غيرهم في وضع إجراءات رادعة تحد من اندفاع الجماهير للتعبير عن حقوق مدينتهم بطرق سلبية ، ويمكن أن تجتمع رابطة المشجعين وترفع خطاباً واضحاً متضمناً جميع المقترحات التي تعيد الحقوق لمنظومة كرة القدم إلى المحافظة ومتى ما عجزت الأخيرة عن ذلك بإمكان إيفاد ممثلين عنهم إلى الوزارة لحسم أية مشكلة وفق صيغ حضارية تؤمن بالرأي الجماهيري شريطة ألا يخلّ بمصلحة البلد.
رسالة البصرة المرعبة
[post-views]
نشر في: 9 نوفمبر, 2014: 09:01 م