TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شباب متروك للخراب

شباب متروك للخراب

نشر في: 9 نوفمبر, 2014: 09:01 م

لم نبلغ بعد المستوى من التحضّر والتطور الاجتماعي بما يكفي للتعويل على نتائج استطلاعات الرأي التي تجريها منظمات مدنية من آن لآخر، فحتى لو كانت نوايا القائمين على الاستطلاعات طيبة ومساعيهم لتحقيق النتائج المُبتغاة جدّية، ثمة مشكلة حقيقية تتمثل في أننا لم نتحرر تماماً من الخوف الداخلي لنقول الرأي بصراحة وصدق، فضلاً عن تدني الوعي بأهمية استطلاعات الرأي.
مع ذلك فأن الاستطلاعات التي تقوم بها منظمات موثوق بنزاهتها ومقاصدها تُعين في الإفادة من مؤشراتها، وبخاصة بالنسبة للقوى السياسية والاجتماعية المهتمة بأمر التغيير في حياتنا للوصول الى صيغة التعايش الاجتماعي الكفيلة بتحقيق السلم الأهلي المفتقد والتنمية المستدامة المتعثرة.
مركز المعلومة للبحث والتطوير في بغداد أعلن السبت الماضي عن نتائج استطلاع أجراه بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، حول "مشاركة الشباب السياسية"، وقد وجدت أن النتيجة الأهم التي كشف عنها الاستطلاع هي ان شبابنا يقبلون على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات والمواقع الالكترونية أكثر من غيرها من الوسائل في نشر وتبادل الآراء والأفكار وطرح المشاكل (نسبة 58%)... هذا مؤشر فائق الأهمية اذا ما أخذنا في الحسبان التدهور المستمر والمتفاقم للأوضاع الأمنية، وتردي الخدمات العامة وفي مقدمها الكهرباء، والمستويات العالية للفقر والبطالة.
القوى السياسية الوطنية، وبخاصة الليبرالية، معنية قبل غيرها بالتفاعل مع هذه النتيجة، لأنها لم تزل تعوّل كثيراً على وسائل الاتصال والتواصل التقليدية (الاجتماعات والمطبوعات)، ظانةً ان النجاح في هذا الميدان كاف للتأثير في المجتمع.
في غمرة الحرب الدولية الدائرة الآن ضد داعش، توصل المختصون الى ان هذا التنظيم الإرهابي يبدي مهارة فائقة في الحرب النفسية الإلكترونية، فهو يوظف خبرات وكفاءات عالية المستوى في هذا الميدان، ما يحقق له أهدافه في نشر الرعب من جهة وفي اجتذاب المتطوعين من الشباب إلى صفوفه.
أقل ما يمكن قوله في النشاط الإلكتروني للقوى والمنظمات التي وصفها الاستطلاع بانها "ديمقراطية وعلمانية" انه بائس لأنه يفتقد إلى عنصري الجاذبية والحيوية اللذين يتميز بهما نشاط القوى والمنظمات التي توظف الدين والطائفية السياسية، وبالأخص القوى السلفية المتطرفة ومنها داعش.
شبابنا متروك رغم أنفه لهذه القوى لكي تؤثر فيه سلبياً بأحدث الوسائل والأساليب، ما ينجم عنه التراجع المتواصل في وعي الشباب والقبول بالأفكار المتطرقة المدمرة، وهو ما يشجع عليه الشعور العالي بالإحباط في صفوف الشباب، فنتائج الاستطلاع تشير إلى أن الشعور بالإحباط يصل الى نسبة تقترب من 80 بالمئة، وهذه نسبة مهولة في الواقع تجعل الشباب ميداناً مفتوحاً من كل الجهات لأكثر الأفكار تطرفاً وتدميراً، ذاتياً ومجتمعياً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram