كان قريبنا الضابط المعروف بوطنيته وكلما دعي الى وليمة عراقية يكثر فيها الرز و( الثريد ) تمنى لو كان بإمكانه مشاركتها مع أهل دارفور ..كنا نعتبرها مزحة ونضحك لكنه كان يقصد ما يقول فهو لايجد عدلا في إسرافنا في الطعام بينما يتضور البعض جوعا !!
رحل قريبنا مغدورا على يد تنظيم القاعدة وهبط بعده عدد كبير من العراقيين الى ما تحت خط الفقر وباتوا يستحقون ما يتبقى من ولائم الأغنياء ..صحيح انهم لم يبلغوا حد المجاعة الذي بلغه اهل دارفور لكنهم عرفوا الفقر والذل في بلد يطفو على آبار النفط ..
قبل أيام اظهر مؤشر الرخاء ان العراق يقع في المرتبة (128 ) في سلم الرخاء عالميا والمرتبة (12) عربيا بعد جيبوتي وموريتانيا ..هي حقيقة صادمة اذا ما عرفنا ان العراق طالما قدم مساعدات مادية لبلدان عديدة منها جيبوتي وموريتانيا ولم يفكر أبناؤه يوما في التطلع الى مساعدات من دول اخرى لولم يصبح العراق غابة تصول وتجول فيها الذئاب والوحوش الغريبة وتغادر فيها الارواح العراقية البريئة الطيبة عالمنا يوميا بأعداد متفاوتة وتحت أسباب مختلفة ، وينسحب فيها الرخاء ليحل محله العوز بعد أن أصبحت للحكم في العراق فلسفة جديدة فكل من يجد له مكانا في هيكلية الحكم لابد ان يغرف ويغرف قبل ان يجد نفسه خارج اللعبة وهكذا اختل توازن البلد ماليا وسقطت ورقته الأخيرة ( النفط ) حين فردهتها الأيادي الطويلة وبالتالي أوصلتها ( ممنونة ) الى داعش لتمول بها ارهابها وترويعها للعراقيين ولتصبح ( داعش ) في النهاية شريكة للعراقيين في امتلاك نفطهم وسبب رخائهم الذي لم يجنوا منه شيئا بعد سيطرتها على حقول نفطية في الشمال وعلى خط نقل النفط العراقي – التركي ..
لوكان قريبنا الضابط الشهيد المعروف بوطنيته بيننا الآن لصدمه تعامل جهات حكومية متنفذة وشخصيات سياسية معروفة مع داعش بشراء مشتقات نفطية منها ضمن صفقات فساد ضخمة ولصدمه اكثر إشهار بعض المحافظات إفلاس خزينتها وكيف سينسحب ذلك على سير الحياة والعمل فيها ...سيحلم ان يلملم بقايا ولائم المسؤولين والأثرياء ليطعم افواه النازحين والفقراء لكنه لن يوفق في انقاذ العراقيين من مستقبل تلوح فيه تهديدات الإرهاب والفقر معا فالأول أدى الى تزايد الثاني والاثنان معا يعني ان يستقبل العراقيون يوما بقايا ولائم أثرياء الدول الأخرى رغم ان بلدهم العراق مازال يطفو على آبار النفط !!
العراق ... ودارفور
[post-views]
نشر في: 10 نوفمبر, 2014: 09:01 م