TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بعوض بغداد 

بعوض بغداد 

نشر في: 10 نوفمبر, 2014: 09:01 م

حكومات الدول المصرة على التخلف  بعلاماتها الفارقة  تدني مستوى الخدمات واضطراب أوضاعها الأمنية والسياسية ، تنتشر فيها أمراض القرون الوسطى ، وكأن الفايروسات والميكروبات والجراثيم والحشرات  بعد  طردها والقضاء عليها في دول العالم المتحضر ، اضطرت الى الانتقال  لأماكن اخرى تعرف باسم العالم الثالث واحيانا المتخلف ، فوجدت   البيئة المناسبة بمعنى  الملاذ الآمن لتكاثرها ، ونشاطها.
الإصابة  بمرض الليشمانيا المعروفة محليا باسم "حبة بغداد" سببها البعوض ناقل المرض ، ويوم كانت العاصمة العراقية قبل عشرات تحيطها المستنقعات والمسطحات المائية من جميع الجهات  ويخترقها "شطيط" تحول في ما بعد الى نهر الخر او الخير في زمن "التحولات الثورية" ولكثرة إصابة البغداديين بحبتهم شاع استخدام التسمية المحلية وأزاحت العلمية ، والإصابة بالمرض  تركت آثارها في وجوه الجيل السابق ، ودونت في الوثائق الرسمية ودفتر الخدمة العسكرية كعلامة فارقة " اخت على الخد الأيمن " والأخت تسمية محلية اخرى لحبة بغداد.
المراكز الصحية في مناطق تقع في ضواحي العاصمة وحتى في داخلها استقبلت أعدادا كبيرة من الأطفال المصابين بحبة بغداد ، وسط استياء الآباء والأمهات من انعدام توفر العلاج ، لان  الشركات الأجنبية المصنعة للأدوية الخاصة بهذا المرض ، توجهت لإنتاج علاجات اخرى ، وربما يعتقد أصحاب تلك الشركات  بان المرض انقرض ، مع الطاعون والجدري ، ولم يضعوا في اعتبارهم تجديد الإنتاج ، فالقضية خاضعة لقانون العرض والطلب ،وهي ليست مهمة  بقدر تلبية طلبات الراغبين في الحصول على المنشطات ، وعقاقير التنحيف  وشفط الدهون وتكبير أعضاء في الجسم ،  وتبييض البشرة ، للحصول على إشراقة وجه تضاهي وتنافس وجوه نجوم السينما ، ومذيعات  بعض الفضائيات العربية وليست العراقية.
الوقاية من مرض "حبة بغداد" يتطلب ردم المستنقعات ، والقضاء على البعوض من قبل دوائر  البلدية ،  والتنسيق مع الجهات الصحية للحصول على مبيدات ، واذا عجزت عن ذلك لأسباب تتعلق بتأخر إقرار الموازنة ، وانعدام التخصيصات المالية ،  وكتابنا وكتابكم ، والحصول على موافقة معاليه ، وجناب السيد العام ، بالإمكان رش المستنقعات ، بالنفط الأسود ومخلفات  المصافي ، او توزيع الناموسيات "الكلل " مع مفردات البطاقة التموينية بين سكنة الأحياء المتضررة من غزوات البعوض ، للحصول على ساعات" نوم العوافي" مع أحلام سعيدة ، ثم النهوض على صوت  مذيع يعلن في خبر عادل  بشرى تحرير نينوى من سيطرة الجماعات الإرهابية، والقضاء على البعوض في العراق. 
الجيل القديم من  العراقيين كانت لديهم  أساليبهم البدائية للوقاية من الأمراض ، الرمد يعالجونه بالوشم على  الصدغين ، وحرق روث الحيوانات للتخلص من البعوض وبعودة حبة بغداد ربما سيلجأ الجيل الجديد الى استخدام  أساليب أجدادهم ، بإشعال المزيد من الحرائق  للوقاية من المرض لكن المشكلة في احتمال تعرضهم لقصف جوي ، لاعتقاد القادة العسكريين بان مصدر انبعاث  الدخان ينطلق من مقرات داعش ، وليست من  نيران صديقة لطرد  البعوض والحرمس والبراغيث أجلكم الله .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عادل زينل

    اذكر ايضآ ب ابو خريان او جدري الماء فاكثر ما يقلق الامريكيون هنا هو احتمالية ان يجلب احد الوافدين ابو خريان معه الى الولايات المتحدة فيقوم المختصون بفحصه بدقة وحذر حتى ان احدى الممرضات شككت بندبة صغيرة جدآ في وجهي يحتمل ان تكون نتيجة لاصابة سابقة بهذ

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram