اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المحاكمات .. لمن؟

المحاكمات .. لمن؟

نشر في: 10 نوفمبر, 2014: 09:01 م

كشف محافظ نينوى أثيل النجيفي أخيراً، لفضائية "سكاي نيوز عربية"، عن أن عدداً من ضباط الجيش قد أحيلوا إلى القضاء لمحاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى، لأنهم سهّلوا على داعش الاستيلاء على ثلث مساحة البلاد، بمدنه المهمة كالموصل وتكريت وسائر بلداته وقراه الممتدة رقعتها من الحدود الغربية مع سوريا الى مشارف العاصمة بغداد.
إذا صحّ هذا، فهي خطوة صحيحة تماماً لتحديد المسؤوليات ولضمان ان القوات المسلحة التي تخوض الآن حرباً شرسة ضد داعش يُمكنها أن تحقق الهدف المنشود بهزيمة التنظيم الإرهابي وتحرير المناطق المحتلة وإعادة سكانها النازحين الذين يتجاوز عددهم المليوني نسمة.
نعم، الخطوة صحيحة لكنها ليست كافية أبداً.. ستظل قاصرة حتى لو شملت كل القادة العسكريين وسائر الضباط الذين أصدروا الأوامر للقوات بالقاء سلاحها وعدم أداء واجبها الوطني والمهني، أو فرّوا بأنفسهم وتركوا قواتهم لتقتدي بهم أو تواجه الغدر والقتل السهل... الخطوة ستظل قاصرة لأنها لن تنفذ الى العمق لتعالج الأسباب التي حملت الضباط وقادتهم على الاستسلام أو الفرار من ساحة المعركة من دون قتال.
أسّ المشكلة برمتها سياسي بحت.. الضباط وقادتهم الذين تصرفوا على نحو غير مهني وغير وطنية هم نتاج العملية السياسية غير السليمة القائمة في البلاد منذ 2003.. هؤلاء القادة والضباط عُيّنوا في مواقعهم من دون استحقاق مهني ووطني في الغالب .. نظام المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية والعشائرية والشخصية الذي اعتمدته الطبقة السياسية الحاكمة بديلاً عن الدستور وبالتعارض مع مبادئه وأحكامه، هو الذي جعل من ضباط مطعون في مهنيتهم ووطنيتهم يتولون مواقع قيادية ومناصب رفيعة، فتقدّم لديهم الولاء لأولياء نعمتهم على الولاء للوطن والعسكرية، وتفشّى الفساد المالي والإداري في صفوفهم على نحو لم يشهده تاريخ العراق، وندر مثيله في دول العالم الأخرى.
المحاكمات المنتظرة يجب ألا تقتصر على القادة العسكريين وسائر الضباط المتورطين في قضية الاستسلام لداعش أو الفرار أمامه، فهؤلاء يقف خلفهم قادة سياسيون (من كل الكتل النافذة في الحكومة والبرلمان) أصدروا إليهم الأوامر بإلقاء السلاح. وقبل هذا كان هؤلاء السياسيون هم الذين تمسّكوا بنظام المحاصصة الذي اخترعوه بأنفسهم ورسّخوا ممارسته واستقتلوا، ولم يزالوا، في سبيله، لاعتبارات شخصية وحزبية وطائفية.. وهؤلاء السياسيون هم الذين مهّدوا الأرض لأن يُصبح داعش قوة تستطيع التمدد على مساحة دولتين، العراق وسوريا، ويتطوع في صفوفها المقاتلون من عشرات الدول في مختلف قارات العالم.
الطبقة السياسية المتنفذة في الحكم منذ عشر سنوات تقع عليها المسؤولية الرئيسة في كل ما جرى في البلاد من محن وويلات وكوارث، ليس أولها احتلال داعش لثلث مساحة البلاد، ولن يكون الأخير.
المحاكمات العسكرية المرتقبة، إذا ما حدثت، تلزمها محاكمات سياسية موازية أو تالية ليصحّ الصحيح في نهاية المطاف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. محمد توفيق

    المحاكمة هي الخطوة الأخيرة في الإجراءات القضائية التي تبت بالجُرم، وما ينقص العراقيين اليوم شيئان: غياب دور القضاء بما فيه المدعي العام فيما حدث ،وغياب دورالصحافةوالإعلام في كشف المستور، وذلك يعود الى جو الخوف الذي زرعه مختار العصر وازلامه للتعتيم على دور

  2. السماوي

    تتصاعد من ثنايا مقالك أيها الكاتب المحترم رائحة مادة كريهة تحاول بها ، بوعي أو دونه ، إزالة البقع الفاقعة عن صفحتي أثيل النجيفي الذي كان أول الفارين من الموصل وعن القيادة الكوردستانية ودورهم المكمل لضباط جيش المالكي في جريمة سنجار و فتح الموصل أمام جحاف

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram