أعتذر مقدماً من القراء الأعزاء، لأنني أتحدث في هذه الزاوية كثيراً عن تجارب الشعوب، وأعيد على مسامعهم حكايات الكتب وروايات الماضي ، ولكن ماذا يفعل كاتب مثلي مطلوب منه كل يوم أن يملأ هذه المساحة بحادثة من حوادث هذا العصر"الداعشي" ماذا أكتب وأنا أرى العراق منذ سنوات يحتل "بأقتدار"ذيل قوائم الرخاء والأمان والاستقرار.. ماذا افعل حين اجد إمبراطورية جيبوتي مصرَّة على أن تنافسنا الموقع والمكانة في سجل الرخاء والرفاهية، فيما استطاعت الصومال أن تتجاوزنا بنقطة واحدة.
طبعاً هناك دول نحن أفضل منها،، نحن قبل اليمن، وفي المركز 128 عالمياً في مجال الازدهار، ولكننا وهذه نعمة من الباري، أفضل بكثير من العام الماضي فقد تقدمنا خطوتين في مجال حرية التعبير! بمعنى أنك تستطيع أن تكتب وتتحدث عن السرقة والفساد الحكومي والسياسي وحتى عن عمليات القتل على الهوية.. وبإمكانك أيضا أن تسخر من كبار السياسيين المسؤولين لا كبار"قادة الملـ......" فقط تحدّث، لا شيء سيحدث، لا أحد يقرأ و لا أحد يسمع ، فما يجري مجرد حكاية يملأها العنف والضجيج والبلادة ولا تعني شيئا كما أخبرنا المرحوم شكسبير ذات يوم.
أيها القارئ العزيز لعلّ أسوأ ما نمر به اليوم أنك وأنا لم نعد بحاجة إلى أصحاب أجندات يشككون بمنجزات ساستنا الافاضل، الناس تعرف كل شيء، وكل مواطن يملك من المعرفة حول فضائح المسؤولين أكثر بكثير مما تتسع له هذه الزاوية الصغيرة، ودعوني أستشهد بالجنرال الروماني بومبيوس حين قال لمواطنيه يوماً"إلامَ تسألوننا عن القانون، ونحن من نحمل السيف في وجه الأعداء؟"وكان السيد بومبيوس صاحب نظرية إن القيصر فوق المساءلة لأنه فوق الشبهات.. وهؤلاء الذين يعيشون فوق الشبهات لم نجد أحداً منهم، يسأل لماذا الصومال أفضل منا، ولماذا نحن نراوح في سلم جيبوتي وأفغانستان؟!
في الصومال التي تذكرتها الفضائيات مؤخرا سمعنا رئيسها الحاج عبد الولي يحذر من ان بلاده ربما تصبح مثل العراق.. هل ساءت سمعتنا إلى هذا الحدّ؟ في الماضي كانت خلافات العراقيين مفرحة مثل أزمنتهم هل القبانجي مطرب العراق الاول أم ان حضيري ابو عزيز يتفوق عليه سمعة ومكانة؟، الآن السعي الى تجذير الخلافات، لكي ينفصل الواحد عن الاخر.
في نهاية السبعينات كانت بعض وسائل الإعلام تطلق على الرئيس الصومالي الراحل محمد سياد بري لقب الاشتراكي الأول، وكان الرجل الذي يخطب عن اليسار صباحا، يجلس في الليل ليعدّ النقود التي تسلمها من اليمين، وأتذكر ان احد الصحفيين نشر عام 1987 أثناء حضور بري مؤتمر القمة العربية في بغداد مقالا بعنوان الاشتراكية العلمية في منهج محمد سياد بري، لا أريد أن أنقل لكم أجزاءً مما كتبه صاحبنا، فستتهمونني بتضييع الوقت ، ولكن أذكّركم فقط ان السيد بري بعد هذا المقال بعام انقلب على الاشتراكية وأصدر مرسوما جمهوريا بمنحه عددا من المنصب فإضافة لمنصب الرئيس تولى بري قيادة الجيش وزعامة الحزب الحاكم ورئاسة المحكمة العليا ومسؤولية الأمن والدفاع،والاشراف على وزارة المالية، ورئيسا لقطاع الرياضة والشباب!
هكذا أصر"الاشتراكي"سياد بري أن يُنشئ نظاما على مقاسه الخاص ، ولمّا رحل، أفاق الصوماليون فوجدوا بلدا أنهكته المجاعة والفساد، ومدن تحتلها جماعات مسلحة ورجال قبائل يتقاسمون علانية ما تبقى من الجمهورية الاشتراكية الديمقراطية ، وحلّ النهب العلني لأرزاق الناس ، وانطلق سباق السطو الطائفي وتشريد الملايين.. أتمنى أن لا يقارن أحد منكم بين عصر سياد بري، وزمان الوصل في جمهورية مختار العصر.
عندما يبحث العراق عن سياد بري
[post-views]
نشر في: 11 نوفمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
بغداد
والله قصة متنحچي ولكن للتاريخ قلتها الحجي متولي يخاف على الصومال ان يصير مصيرها مثل العراق؟!!! أتفضل بعد شنريد اكثر من هيچي سعادة ؟ لو الشعب العراقي عرف كيف يأخذ حقه بقوة من الذين سلبوا حقه بالقوة ما كان صار اللي صار ؟ لا يفل الحديد الا الحديد ! وهنا يجب
محمد سعيد العضب
كلام منطقي وحق...لكن تطرح تساؤلات حول مدي احقيه تسميه اولياء امور البلد الضائع المسكين , ساسه او حكام سواء نجحو او اخفقو . عليه نحتاج التعمق في مفردات قواميس اللغه لاستنباط تسميات جديده ملائمه تنطبق علي هذا الرهط الذي ترك ما حوله ,قبله وما بعده