احمد نوفلعندما يتحدث بعضنا بالقول ان المستوى المعيشي للفرد قد تحسن اكثر مما كان عليه في السابق من خلال الزيادات التي طرأت على الرواتب فأن الحديث عن ذلك يستدعي الدقة والتخصيص أكثر.ليست كل شرائح المجتمع العراقي طالها التحسن في هذا الجانب.
بل الحديث هاهنا يشمل شريحة محدودة أولتها الدولة الاهتمام ممثلة بشريحة الموظفين. هناك مواطنون الى الآن لم ينعموا بحياة يمكن ان ترتقي الى أدنى مستويات المعيشة الإنسانية، هناك مواطنون لا يزالون يرزحون تحت وطأة حياة وظروف قاسية لا تتوفر لديهم ولعوائلهم أدنى متطلبات الحياة الإنسانية التي يمكن ان تعاش، كثيرون منهم كانوا ضحية للنظام السابق عندما افنوا زهرة شبابهم في خدمة النظام السابق مجبرين على الانخراط في خدمة الجيش المليوني الذي كان يفاخر ويهدد به، هؤلاء لم يحصلوا على فرصتهم في الحياة لا من قبل ولا من بعد، فرحوا واستبشروا عند الإطاحة بالنظام في التاسع من نيسان عام 2003وخيل لهم بأن من سيأتي به التغيير سيتفهم ما آلت اليها أوضاعهم ولكنهم فوجئوا بأنهم لن يكونوا بأفضل حال عما كانوا عليه ففرص العمل المتاحة لهم لا وجود لها وان وجدت فالشروط الموضوعة للتعيين في دوائر الدولة وقفت لهم بالمرصاد، خاصة ان وزارات مثل الداخلية والدفاع فضلت عليهم شريحة الشباب من أولئك الذين تتراوح اعمارهم ما بين الثمانية عشر والخمسة والعشرين عاما.وزاد في الامر سوءا تعطل القطاع الخاص برمته نتيجة للوضع الاقتصادي المضطرب وانعدام فرص الاستثمار. محاولة الدولة في التقليل من مشكلتهم من خلال منحهم الإعانات او إحالة البعض منهم الى التقاعد نتيجة لحل العديد من المؤسسات التي كانوا يعملون بها لم تكن ذات فعالية فمبلغ الإعانة ومقدار الراتب التقاعدي لا يمكن ان ينأى بهم عن حالة الضنك والعوز التي يعيشونها. اما الحديث عن الفئة التي لم تحصل على منحة الرعاية الاجتماعية ولا على الراتب التقاعدي فالأمر.يختلف، فهي تعيش وضعاً معيشياً يمكن وصفه بالمأساوي.عوائل منها لا تجد ما يمكن ان تسد به رمق العيش او ثمن العلاج لمريض لديها او رعاية أطفال بحاجة الى العديد من المستلزمات خاصة وان كانوا من طلاب المدارس، هذه العوائل تجد حرجا في الحديث عن فقرها المدقع وحاجتها الى ما يمكن ان يسد أودها او يمكن ان يضمن لها حياة كريمة في بلد مثل العراق يجده البعض بأنه اغنى بلدان العالم بثرواته وتواجه أيضاً مشكلة الاصطدام بعوائق الروتين و(المحسوبية والمنسوبية) ان هي توجهت الى الدوائر المعنية للبحث عن حل لمشكلتها المستعصية مشكلة الفقر وما ينتج عنه من عوارض في مجالات الصحة والتربية والسكن الملائم. ان حل مشكلتهم عن طريق المكاتب والمراجعات التي لم يحصلوا منها الا على التجاهل وعدم التفهم لابد وان تستدعي المهتمين للقيام بمسوحات ميدانية للتعرف على هذه الشريحة التي بقيت معاناتها من دون يمد لها يد العون من المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني لكي يتم فرزهم ودراسة مشاكلهم من اجل حلها حلا ملائما اما عن طريق مكاتب الدوائر والمؤسسات فلا نعتقد بأنهم سيحصلون على شيء يذكر من ثروة بلدهم التي صارت نهبا للفساد والمفسدين.
حياة صعبة
نشر في: 11 ديسمبر, 2009: 05:39 م