لا يحتاج المرء الكثير من النباهة ليعرف مقدار ترابط الأوضاع السياسية في مصر والدورة الـ 36 لمهرجان القاهرة السينمائي. فالدورة عادت بعد توقف لأسباب لها صلة مباشرة بالحراك السياسي المصري والشروع بالعودة لا يمكن ان تشذب منه تأثيرات السياسة التي تجد تجليا

لا يحتاج المرء الكثير من النباهة ليعرف مقدار ترابط الأوضاع السياسية في مصر والدورة الـ 36 لمهرجان القاهرة السينمائي. فالدورة عادت بعد توقف لأسباب لها صلة مباشرة بالحراك السياسي المصري والشروع بالعودة لا يمكن ان تشذب منه تأثيرات السياسة التي تجد تجلياتها في أحاديث الزوار وأبناء البلد وتمتد الى ساعات الفجر، إلا في استثناء لافت عندما ألقى رئيس الدورة سمير فريد كلمة الافتتاح . ولم يشير مطلقاً الى السياسة ولم يقدم مديحاً مجانياً لمؤسسات الدولة ما بدا نافراً مع المشاهد التي كانت تنقل مباشرة على الشاشة خلفه ويظهر فيها ضيوف من فنانين وإعلاميين مشهورين يوزعون المدائح، ولا يذكرون السينما إلا اقتضاباً. قال في كلمته التي أشار فيها الى جديد البرمجة في الدورة ".. لهذا الجمهور وهؤلاء السينمائيين والنقاد تفتتح هذه الدورة لأول مرة في تاريخ المهرجان على أجناس السينما الثلاثة (الروائية والتسجيلية والتشكيلية التي تعرف باسم التحريك) في كل الأقسام داخل وخارج المسابقة". فيما أهدى الدورة الى فريق عمل المهرجان وبخاصة الشباب منهم "هذا جهد أكثر من مائة فرد عملوا لمدة سنة كاملة، ويعمل أكثر من ضعفهم أثناء انعقاد المهرجان وفي ثقافتنا أن من اجتهد وأخطأ فله أجر، ومن اجتهد وأصاب فله أجران".
بين كلماته والصورة المنقولة لمقابلات "المشاهير" تتشكل صورة نافرة لكنها تعبر عن اللحظة التي تعيشها البلاد وقد أصبح الفن والسينما فيه يواجهان تحديا حقيقيا لا يتخلص من براثن السياسة إلا بالتوكيد على السينما نفسها وهذا ما سعت اليه الدورة الـ 36 ويظهر بوضوح من خلال برنامج طموح ربما سترافق تنفيذه صعوبات وأخطاء ولكن لا بأس بها ما دامت تنشد تسيير عجلة المهرجان نحو آفاق ابداعية سينمائية لمصر فيها الكلمة الفصل.
مراجعة للبرنامج الذي افتتح بفيلم "القطع" لفاتح أكين يبين شدة الترابط بين السياسي والسينما، ما يضع مصر ومهرجانها، ضمن سياق عام تشهده مناطق كثيرة من العالم وبخاصة عالمنا العربي. الفيلم يراجع مجزرة الأتراك ضد الأرمن والصمت الذي أحاط بواحدة من أبشع المجازر في التاريخ البشري، مأساة لا تقل عن المأساة الفلسطينية التي جربت هذه المخرجة نجوى نجار تناولها من خلال حكاية حقيقية بطلها القناص "الغامض" الذي قتل ببندقيته عدداً من الجنود الإسرائيليين. الفيلم بحاجة الى مراجعة متأنية وفي مساحة أخرى ما بعد المهرجان، لكن وتساوقاً مع تغطيتنا هذه نشير الى ان مستوى "عيون الحرامية" يعد تراجعاً عن فيلمها السابق "المر والرمان". غير المسابقة الرسمية التي تضم كما كشف المخرج سعد هنداوي مدير برنامج سينما الغد الدولي (10-15 نوفمبر) عن تنافس 32 فيلماً من 25 دولة في في أول مسابقة للأفلام القصيرة يستضيفها مهرجان القاهرة خلال تاريخه. المسابقة التي ينظمها اتحاد طلبة المعهد العالي للسينما، يرأس لجنة التحكيم بها المخرج المصري خيري بشارة، وعضوية السينمائي الفرنسي جورج بولون (أحد مؤسسي مهرجان كليرمون فيران السينمائي)، والممثلة اللبنانية ندى أبو فرحات، وتمنح اللجنة جائزة يوسف شاهين لأفضل فيلم قصير، وجائزة محمد كريم لأفضل فيلم للطلبة، ويبلغ مجموع الجائزتين 60 ألف جنيه.
أما أفلام المسابقة الدولية فمنها: "خمس نجوم" لكيث ميللر و"كان مساء وكان صباح" للايطالي إيمانولي كاروز الى جانب فيلم التحريك البرازيلي "الصبي والعالم" من إخراج آلي أبريو وللإيرانية نيما جاويدي سيعرض
"ملبورن".هناك قسم "مهرجان المهرجانات يقدم أفلاماً شاركت في المهرجانات السينمائية الكبرى حول العالم خلال 2014، ومنها فيلم جون لوك غودار "وداعاً للّغة" الحائز على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي و "دبلوماسية" وهو أحدث أفلام المخرج فولكر شولندورف الذي يُكرمه المهرجان عن مجمل أعماله، وفيلم حياة رايلي، وهو آخر أفلام عميد السينما الفرنسية آلان رينيه الذي توفيّ مؤخراً.
وتتضمن أقسام المهرجان الرسمية قسم "أفلام عن السينما"، ويضم 8 أفلام روائية وتسجيلية تم إنتاجها في 2013-2014 وتتخذ من السينما موضوعاَ لها، بالإضافة إلى قسمي كلاسيكيات الأفلام الطويلة، وكلاسيكيات الأفلام القصيرة. واختار المهرجان السينما اليونانية لتكريمها ضمن قسم السينما الوطنية ضيف الشرف، وذلك من خلال عرض 11 فيلماً يونانياً أنتجت فيما بين عامي 1955 و2011، وتنتمي لكبار المخرجين اليونانيين مثل مايكل كاكويانيس، نيكوس كوندوروس، جول داسان، بانتيليس فولغاريس، ثيو أنغلوبولوس ومينيلاوس كارماجيليوس. ويمنح المهرجان جائزة نجيب محفوظ (الهرم الذهبي الشرفي) للسينمائيين الذين سيتم تكريمهم خلال هذه الدورة عن مجمل أعمالهم طوال مسيراتهم في عالم السينما، وتضم قائمة التكريمات كلا من: المفكر الفرنسي جاك لانغ، المخرج الإيطالي سيمون ماسي، المخرج الألماني فولكر شولندورف،السينمائي المغربي نور الدين صايل والممثلة المصرية نادية لطفي التي تتصدر أفيش الدورة.
مسابقة (آفاق السينما العربية) أحد البرامج الموازية التي ستُقام على هامش المهرجان في الفترة من 10 إلى 18 تشرين الثاني، وتنظمها نقابة المهم السينمائية في مصر، وكشف مدير البرنامج سيد فؤاد عن اختيار 8 أفلام من إنتاج 2013-2014 للمشاركة في المسابقة، منها فيلم "ذيب" للمخرج الأردني ناجي أبو نوَّار "القط" للمصري إبراهيم البطوط واللذان عرضا مؤخراً في مهرجان أبو ظبي السينمائي، "تمبكتو" للموريتاني عبد الرحمن سيساكو، "فلسطين ستيريو" للفلسطيني رشيد مشهراوي، وفيلم "يوميات شهرزاد" للبنانية زينة دكاش. وتتكون لجنة تحكيم المسابقة من النجمة المصرية ليلى علوي (رئيساً) وعضوية كل من: الناقد اللبناني محمد رضا والمنتج التونسي نجيب عيّاد. وأسوة بمهرجانات السينما الدولية الكبرى، ولأول مرة في تاريخ مهرجان القاهرة، يتم إطلاق أسبوع النقاد الدولي الذي تنظمه جمعية نقاد السينما المصريين (عضو الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية "فبريسكي")، وهي مسابقة يتنافس بها مخرجو الأفلام الطويلة بأعمالهم الأولى والثانية على جائزة شادي عبد السلام لأفضل فيلم (40 ألف جنيه مصري)، وجائزة فتحي فرّاج لأفضل إسهام فني (25 ألف جنيه). وكشف مدير البرنامج أحمد حسونة عن لجنة التحكيم التي يرأسها الناقد التونسي خميس الخيّاطي، وعضوية الأميركية ديبورا يانغ، والألمانية باربارا لوري، وأضاف حسونة أن المسابقة يتنافس عليها 7 أفلام، وسيتم افتتاح الأسبوع (10-16 تشرين الثاني) بفيلم "الرقص مع ماريا".