TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "المواطنة" في فضائياتنا

"المواطنة" في فضائياتنا

نشر في: 12 نوفمبر, 2014: 09:01 م

ما زالت اغلب فضائياتنا تعاني من نمط خطاب اقل مايوصف بالدعائي، ولم يشفع الكم الهائل منها في خلق أجواء من المنافسة، ترتقي بمستوى خطابها مما يحقق نسب مشاهدة عالية، بافتراض ان التلفزيون لم يعد يمارس تأثيره المباشر حسب ، بل ان تاثيره امتد الى كل مجالات الانتاج الثقافي الاخرى.
ومصطلح الاوديمات في الدراسات الاعلامية الحديثة يشير الى مقياس نسبة الاقبال التي تتمتع بها القنوات التلفزيونية المختلفة ، حيث تتوفر حاليا وسائل فنية لدى بعض القنوات تسمح بقياس نسبة الاقبال كل خمس عشرة دقيقة، بل يمكن رصد التنويعات المختلفة بين المشاهدين وفقا للفئات الاجتماعية التي ينتمون اليها.
ولاشك ان اللجوء لهذا الاجراء في قنواتنا الفضائية سيعطي نتائج مخيبة للامال ، والاسباب كثيرة ولامجال للخوض فيها هنا. ولعل التحديات العديدة التي يفرضها الوضع الاتصالي العالمي الجديد والذي ليس بالامكان تجاهله، وخاصة في ظل عولمة امتدت اثارها الى تركيبة الانماط الثقافية والسلوكية لتلكؤ وتدني مستوى البرامج.. فان ذلك لايمنع من تأشير اكثر من خلل في إداء هذه الفضائيات لعل اهمها الاحادية التي اتسم بها خطابها الاعلامي وطغيان الدعاية والترويج لافكار بعينها على حساب المهنية.
ففي عصر السموات المفتوحة، تفرض اليوم في كل مكان وخاصة في الدول التي تعتمد التكنلوجياالحديثة قضية تهيئة الظروف لمواجهة مايعرضه البث المباشر فيما يخص تحديد مفهوم المشاهد الذي يمثل في النهاية الجانب الاهم في تسويق المنتج التلفزيوني.
واذا طرحنا جانبا مايمكن ان نؤشره من خلل في اداء هذه الفضائيات، فاننا لايمكن ان نتجاهل الخلل الاهم والمتمثل في اهمال موضوع الهوية الوطنية ، خاصة مع ما يفرضه التطور الاتصالي بتعدد المضامين المقترحة من عمل القنوات الفضائية من جهة التعبير عن الهوية والتي اصبحت قضية اجتماعية وسياسية واعلامية في الوقت نفسه.
التطور المذهل في الوسائط الاعلامية وفي مقدمتها التلفزيون والحال هذه يجعل من مهمة فضائياتنا في مايخص تكريس واشاعة الوعي بمفهوم المواطنة امرا اساسيا.. فيما لوضعت في توجهاتها المضمرة والمعلنة اهمية تكريس هذا الخطاب.
ان التوجه الى المشاهد بمفاهيم جديدة وباسلوب شيق واعتماد برامج بمضامين قريبة من انشغالات وهم هذا المشاهد بعيدا عن التزمت والتعصب لفكر معين تسهم في اشاعة الوعي بمفهوم المواطنة.. وان اعتماد الية جديدة في صياغة منهاج هذه القنوات سيسهل كثيرا من ادائها ، كالخروج من الاستوديوهات المغلقة والندوات التي يرى فيها عالم الاجتماع بورديو سيناريو معدا ومزيفا لتمرير رسالة ما، وتوجه الكاميرا الى فضاءات تضفي على الصورة التلفزيونية الكثير من المصداقية والاقناع، خاصة ان كانت هذه الفضاءات ذات مساس مباشر بذاكرة جمعية تجرد المشاهد المستهدف من ولاءاته الضيقة الى الولاء الارحب المتمثل بالوطن .. وكل ذلك يتم من خلال (عقلية اوديماتية) ان صح التعبير لكنها لاترى في السوق مصافها النهائي، بل في مشاهد يتطلب الامر اعادة تشكيل وعيه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram