ما زالت اغلب فضائياتنا تعاني من نمط خطاب اقل مايوصف بالدعائي، ولم يشفع الكم الهائل منها في خلق أجواء من المنافسة، ترتقي بمستوى خطابها مما يحقق نسب مشاهدة عالية، بافتراض ان التلفزيون لم يعد يمارس تأثيره المباشر حسب ، بل ان تاثيره امتد الى كل مجالات الانتاج الثقافي الاخرى.
ومصطلح الاوديمات في الدراسات الاعلامية الحديثة يشير الى مقياس نسبة الاقبال التي تتمتع بها القنوات التلفزيونية المختلفة ، حيث تتوفر حاليا وسائل فنية لدى بعض القنوات تسمح بقياس نسبة الاقبال كل خمس عشرة دقيقة، بل يمكن رصد التنويعات المختلفة بين المشاهدين وفقا للفئات الاجتماعية التي ينتمون اليها.
ولاشك ان اللجوء لهذا الاجراء في قنواتنا الفضائية سيعطي نتائج مخيبة للامال ، والاسباب كثيرة ولامجال للخوض فيها هنا. ولعل التحديات العديدة التي يفرضها الوضع الاتصالي العالمي الجديد والذي ليس بالامكان تجاهله، وخاصة في ظل عولمة امتدت اثارها الى تركيبة الانماط الثقافية والسلوكية لتلكؤ وتدني مستوى البرامج.. فان ذلك لايمنع من تأشير اكثر من خلل في إداء هذه الفضائيات لعل اهمها الاحادية التي اتسم بها خطابها الاعلامي وطغيان الدعاية والترويج لافكار بعينها على حساب المهنية.
ففي عصر السموات المفتوحة، تفرض اليوم في كل مكان وخاصة في الدول التي تعتمد التكنلوجياالحديثة قضية تهيئة الظروف لمواجهة مايعرضه البث المباشر فيما يخص تحديد مفهوم المشاهد الذي يمثل في النهاية الجانب الاهم في تسويق المنتج التلفزيوني.
واذا طرحنا جانبا مايمكن ان نؤشره من خلل في اداء هذه الفضائيات، فاننا لايمكن ان نتجاهل الخلل الاهم والمتمثل في اهمال موضوع الهوية الوطنية ، خاصة مع ما يفرضه التطور الاتصالي بتعدد المضامين المقترحة من عمل القنوات الفضائية من جهة التعبير عن الهوية والتي اصبحت قضية اجتماعية وسياسية واعلامية في الوقت نفسه.
التطور المذهل في الوسائط الاعلامية وفي مقدمتها التلفزيون والحال هذه يجعل من مهمة فضائياتنا في مايخص تكريس واشاعة الوعي بمفهوم المواطنة امرا اساسيا.. فيما لوضعت في توجهاتها المضمرة والمعلنة اهمية تكريس هذا الخطاب.
ان التوجه الى المشاهد بمفاهيم جديدة وباسلوب شيق واعتماد برامج بمضامين قريبة من انشغالات وهم هذا المشاهد بعيدا عن التزمت والتعصب لفكر معين تسهم في اشاعة الوعي بمفهوم المواطنة.. وان اعتماد الية جديدة في صياغة منهاج هذه القنوات سيسهل كثيرا من ادائها ، كالخروج من الاستوديوهات المغلقة والندوات التي يرى فيها عالم الاجتماع بورديو سيناريو معدا ومزيفا لتمرير رسالة ما، وتوجه الكاميرا الى فضاءات تضفي على الصورة التلفزيونية الكثير من المصداقية والاقناع، خاصة ان كانت هذه الفضاءات ذات مساس مباشر بذاكرة جمعية تجرد المشاهد المستهدف من ولاءاته الضيقة الى الولاء الارحب المتمثل بالوطن .. وكل ذلك يتم من خلال (عقلية اوديماتية) ان صح التعبير لكنها لاترى في السوق مصافها النهائي، بل في مشاهد يتطلب الامر اعادة تشكيل وعيه.
"المواطنة" في فضائياتنا
نشر في: 12 نوفمبر, 2014: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)