TOP

جريدة المدى > سينما > من ألف إلى باء.. فيلم الافتتاح خارج تقاليد المهرجانات

من ألف إلى باء.. فيلم الافتتاح خارج تقاليد المهرجانات

نشر في: 12 نوفمبر, 2014: 09:01 م

ما يحسب لإدارة مهرجان أبو ظبي السينمائي هو القرار الجريء بكسر التابو الذي اعتادته الكثير من المهرجانات ، بان يكون فيلم الافتتاح فيلما عالميا ، ذا إمكانية إنتاجية كبيرة ، مع حشد من النجوم ، وأسماء مخرجين كبار ، فجاء القرار بان يكون فيلم الافتتاح عربيا

ما يحسب لإدارة مهرجان أبو ظبي السينمائي هو القرار الجريء بكسر التابو الذي اعتادته الكثير من المهرجانات ، بان يكون فيلم الافتتاح فيلما عالميا ، ذا إمكانية إنتاجية كبيرة ، مع حشد من النجوم ، وأسماء مخرجين كبار ، فجاء القرار بان يكون فيلم الافتتاح عربيا إماراتيا ، فهل كان الفيلم بمستوى القرار ؟؟

 

الفيلم توفر على جمهور عريض ومن مختلف الجنسيات ، متخصصين بالسينما ، مخرجين ونقاد وممثلين وجمهور شغوف بالسينما ، ضمهم حفل الافتتاح ، هذا الجمهور تفاعل مع الفيلم من بدايته الى اخره ، وهو أول مؤشرات نجاح الفيلم . 
(من الف الى باء) ، رغم كونها المسافة الأقصر بين الحروف الأبجدية العربية ، لكن أريد من العنوان هنا ان يكون مفارقا في الدلالة ، لان العرب اعتادت ان تقول مثلا " سأشرح لك الأمر من الف الى الياء ، وهي مسافة طويلة في حساب الحروف ، لكن الرحلة من " أ " أبو ظبي وصولا الى " باء " بيروت ستكون طويلة وتمر ببلدان عربية ويمكن لأي منا تأويل معنى الحرفين حسب السرد الصوري الحاصل فيها .
الفيلم يصنف ضمن أفلام الطريق التي شاهدنا العديد منها ، عربية وعالمية ، السيناريو الذي كتبه محمد حفظي ، محبوك ومحسوب بدقة وبلا ترهل ، الأمر الذي مكن مخرج العمل علي مصطفى الذي سبق وان حصل على جائزة افضل فيلم إماراتي في مهرجان دبي عن فيلمه (دار الحي) ، من الاشتغال على فيلم يحكي عن شخصيات تماثله في العمر ، وربما تحمل تفس همومه وتطلعاته ، رامي ويوسف وعمر ، ثلاثة أصدقاء لم يلبوا دعوة صديقهم الرابع هادي للقيام برحلة من أبو ظبي الى بيروت برا ، فذهب وحده لكن الموت كان بانتظاره فمات هناك بسبب الحرب اللبنانية الاسرائيلية ، لذا قرروا القيام بالرحلة وفاء له ولزيارة قبره في بيروت ، يطلعنا الفيلم على وضع كل منهم ، مصري وإماراتي وسوري ، الدراسة في أبو ظبي كانت سبب تعارفهم ، كل منهم له طموحاته ، يتمنون ان يرسموا مستقبلهم وفق تطلعات الشباب الذي لا توقفه حدود ، الرحلة كانت المغامرة التي تلبي حماس الشباب وطموحهم ، رحلة يتخللها العديد من العقبات والمفارقات ، تمر بقرى السعودية وآثار بترا الأردن ، حيث يتعرفون على الشابة شادية العاملة في احد مقاهي المدينة ،ليتبين انها كانت صديقة لهادي ، مرورا بمدينة درعا السورية التي شهدت انطلاقة الثورة السورية ، في درعا يلقى القبض عليهم من قبل الثوار ، ومن ثم يطلق سراحهم ، الجيش السوري يلقي القبض عليهم هو الآخر ، لكن كون والد الشاب عمر هو دبلوماسي سوري يشفع لهم ، فيطلق سراحهم ، ومن ثم يصلون بشق الأنفس الى نهاية الرحلة حيث المكان الذي دفن فيه هادي صديقهم الذي جازفوا للوصول الى قبره ، وإلقاء التحية عليه . 
الفيلم يطرح إشكالية تعامل الأسر العربية مع أبنائها ، وحرصها على ان يسير الأولاد وفق الخط الذي ترسمه لهم ، لكن واقع الحال يقول ان التطور الكبير الحاصل على كافة المستويات وتأثير الثقافات والعادات والتقاليد بهذا التطور ، قد يمنع سيطرة العائلة وتوجيهها لمستقبل أولادها ، على الأقل بموضوعة توجهاتهم وتطلعاتهم ، فاندفاع الشباب وطموحه لا تقف أمامه حدود معينة ، والجيل العربي الجديد مطلع على كافة الثقافات ، ومدن عربية كثيرة تضم أناسا من ثقافات مختلفة ، لا يمكن ان يكون تواجدها بعيدا عن التأثر والتأثير في محيط هذه المدن وفي ثقافتها كذلك ، وأول من يتأثر هم جيل الشباب المتلهف للاطلاع على كل ماهو جديد ، والعمل على الاطلاع على باقي الثقافات .
يبدو ان علي مصطفى أراد ان يذهب بعيدا في مغامرته ليس على مستوى الحكاية فقط ، بل على مستوى اختيار الممثلين الرئيسيين ، حيث لم تكن لهم تجربة سابقة في التمثيل ، فكان ان نجح في ذلك ، وأدى ممثلوه أدوارهم بعفوية وتلقائية واضحة ، وهم فهد البتيري ، شادي الفونس ، فادي الرفاعي ، مادلين زيما ، وليرسخ ذلك ويسنده ، كان ان عمد الى إشراك نجوم عرب مهمين بأدوار ثانوية ، منهم النجم المصري خالد أبو النجا ، والنجم علي سليمان ، وسامي المصري ، والمخرج نواف ابو النجا ، وغيرهم . 
الحكايات الجانبية إضافت الى الفيلم لمسة كوميديا مهمة ، حكاية الفتاتين اللتين يتعرفون عليهن في الطريق ، ليتبين أنهن من اسرائيل ، وردة الفعل المعبرة عن ردة فعل عربية عامة ، عطل السيارة وصاحب ورشة التصليح ، الحوار بين الشباب وأهلهم ، كل له حكايته الخاصة مع عائلته .
أفلام الطريق قد لا تحتاج الى مواقع تصوير خاصة ، فالجو العام يعوض عن ذلك كثيرا ، لكن ثمة حركة رشيقة للكاميرا ، والجهد المبذول في اختيار الزوايا كان واضحا فكانت دلالتها التعبيرية واضحة ، ومعبرة نجحت في إبقاء المشاهد متابعا ، خصوصا وان الفيلم اصطحبنا في رحلة سياحية بين عدة بلدان عربية .
الفيلم كان معبرا عن الجهد الذي تبذله دولة الإمارات في السعي الدائم والدؤوب للنهوض بواقع السينما الإماراتية الفتية ، وجعلها في مصاف السينمات الاخرى سواء في المنطقة او العالم ، ولم يعد من الصعب عمل أفلام روائية طويلة ، خصوصا وان الدعم موجود ، والبلاد العربية تشهد العديد من الأحداث التي يمكن ان تكون موضوعا لهذه الأفلام او العمل على هامشها والإشارة اليها كما في فيلم علي مصطفى ، حيث الانتفاضة او الربيع العربي هو الحدث الواضح وقوعه والذي كانت الحكاية تسير الى جانبه من خلال مشاهد التصوير في وسريا وحكاية الفتاة شادية التي وصلها الشباب الى مدينة درعا . 
مهرجان أبو ظبي كسر التابو القديم فكان فيلم الافتتاح عربيا إماراتيا ، فهل وفق في ذلك ، الجواب نعم ، بدليل ان الفيلم حاز إعجاب حشد الجمهور الذي حضر الافتتاح وتفاعل مع الفيلم ، لذلك جاء قرار ادارة المهرجان موفقا ، ومؤكدا اننا لم نعد نقيم المهرجانات فقط بل نقدم أفلاما مهمة ونبني سينما مهمة ومتميزة في مواضيعها وإخراجها .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن مواعيد دورته الثامنة

السينما كفن كافكاوي

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram