TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نافذة على العالم: أوباما.. والسلام

نافذة على العالم: أوباما.. والسلام

نشر في: 11 ديسمبر, 2009: 05:49 م

محمد مزيدالتصريحات التي قالها الرئيس الأمريكي باراك أوباما قبيل وبعد تسلمه جائزة نوبل للسلام تنم عن تواضع الرجل الذي يعد مفوهاً لبقاً، إذ قال: إنه يتسلم الجائزة لكنه يخشى ألا يستحقها.. ونعتقد أن اعترافه باستحقاق غيره لها يدل على لباقة سياسية أيضاً.
 لدى المعارضين لأوباما من ترشيحه وثم استلامه الجائزة أسبابهم ملخصها، أن أمريكا هي التي تقود الحروب ضد الدول والحكومات المارقة ودليلهم حربها ضد أفغانستان والعراق، وأن أوباما في نظر المعارضين لم يفعل شيئاً خلافاً لسابقيه سوى أنه متحدث لبق في البديهيات ويعد كثيراً ولن تكون لوعوده فرص للتحقيق، أي انه يرسم بالكلام أحلاماً لا يمكنها ان تترجل الى أرض الواقع. يجب الإشارة هنا الى فقرة من حديثه أثناء تسلمه الجائزة، قد تلقي الضوء على فلسفة الرجل، فقد قال: انه معجب بغاندي ومارتن لوثركنغ، بما يمثل غاندي رمزاً في فلسفة سياسة اللاعنف. والعالم كما نعتقد يحتاج الى اللاعنف في إدارة شؤونه بعد تفاقم مشاكل المناخ والانبعاثات الغازية التي ولدت الاحتباس الحراري. ويحتاج العالم الى وسيلة عاجلة للقضاء على الأمراض الفتاكة التي أصبحت مثل الوباء كأنفلونزا الخنازير، ويحتاج العالم الى سدود لوقف الفيضانات وآبار عملاقة لوقف التصحر، ويحتاج قبل هذا وذاك الى قلوب نظيفة تتعامل مع الأحداث بمنطق ومسؤولية. نرى ان أوباما الذي أثار جدلاً في سياسته الخارجية قد يكون مستحقاً للجائزة لأسباب نعتقد أنها خليقة به.. واحدة منها أسلوبه في الإعلان عن فض الإشكالات مع الحكومات التي لا ترغب بها واشنطن من خلال اتباع سياسة "التفاهم" و"الحوار" و"الفضاء الدبلوماسي". وقد رأينا ذلك في الدعوة الموجهة الى إيران بضرورة التخلي عن منطق الحرب وعدم مواجهة برنامجها النووي بضربها الذي يعني دماراً كبيراً للعالم الى أسلوب المفاوضات وإعطاء الفرص. ورأينا ذلك أيضاً بالإصرار على الانسحاب من العراق وفق الجداول المرسومة في الاتفاقية الأمنية بين واشنطن وبغداد. صحيح ان ما قاله الرئيس الأمريكي لم يتحقق على أرض الواقع ولكن المعطيات التي يقرأها المراقبون تدل على ان الرجل يسعى الى جعل أمريكا قريبة الى قلوب العالم بدلاً من الصورة المشوهة التي رسمت بيد من سبقه.. وهنا لابد من التأكيد على ان دور أمريكا في القضاء على الدكتاتورية في العراق قد ساهم في القضاء على نظام شمولي كان يهدد السلام العالمي، كما سبق له ان احتل جيرانه وهدد سواه. وإذا ما كان احتلال أفغانستان قد ترك أسئلة كثيرة فإن المنصفين يسجلون لأمريكا تضحياتها في القضاء على نظام طالبان الظلامي الذي ما زال يهدد العالم بالتفجيرات والمفخخات. نعتقد ان السلام الذي تسعى أمريكا إليه برئاسة أوباما في غير مكان من العالم يحتاج الى وقفة تأمل.. قد يخالف الفكرة التي جاء بها فوكوياما في كتابه نهاية التاريخ.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram