كان مفاجئاً أن تستضيف عمان قمة ثلاثية، تجمع العاهل الأردني برئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزير الخارجية الأميركي، لبحث السبل الكفيلة بتهدئة التوتر في القدس، وتهيئة الظروف للعودة إلى مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، وكانت المفاجأة الثانية عدم حضور الرئيس الفلسطيني للقمة، رغم تواجده على بعد أمتار من مقر انعقادها، وليس سراً أن ملك الأردن كان دينمو القمة، على أساس أنه يمثل الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس المحتلة.
قبل القمة التي اكتسبت أهميتها الفعلية من مشاركة نتنياهو، كان كيري بحث مع عبد الله الثاني التطورات في القدس والمنطقة، كما التقى عباس بهدف تهدئة الأوضاع المتوترة التي تشهدها الأراضي المحتلة، خصوصاً في المدينة المقدسة، وكاستمرار للسياسة الأردنية المعلنة، فإن العاهل الأردني دعا واشنطن لتهيئة الظروف المناسبة، من أجل إحياء عملية السلام، وأكد أن بلاده تنسق مع الأطراف ذات العلاقة لإحياء العملية التفاوضية المجمدة، بينما ظلت محادثات كيري مع نتنياهو مغلفة بالسرية، ولم يتطرق أحد لما جرى خلالها، غير أن المؤكد أن التوصل إلى حال من الهدوء في القدس، هو الهدف الرئيس عند الحكومة الإسرائيلية أكثر من غيرها، رغم أن سياساتها وتجاوزها الخطوط الحمراء بالنسبة للأقصى هي التي فجرت الموقف، ودفعت المقدسيين لانتفاضة يخشى الجميع امتدادها إلى كل شبر من فلسطين.
كيري كما قيل أوضح في عمان، جهود بلاده وتحركاتها المتصلة بتحقيق السلام في المنطقة، وجهودها لمحاربة التنظيمات الإرهابية المتطرفة، وكأن العاهل الأردني يجهل موقف واشنطن، وأنه بحاجة ليسمع من كيري تقديره دور الأردن المهم، في دعم مساعي تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وجهوده في التصدي للفكر الإرهابي ومحاصرة التطرف. غير أن الرد الإسرائيلي على كل ذلك لم يأت من نتنياهو، وإنما من بلدية القدس الإسرائيلية التي أقرت خططاً لبناء 200 وحدة سكنية استيطانية جديدة في القدس المحتلة، ويقال إن ذلك أثار استنكار واشنطن.
لاشك أن مستقبل السلام الأردني الإسرائيلي، والذي وضع على المحك نتيجة الانتهاك الإسرائيلي للأقصى، إضافة لانهيار مسار السلام مع الفلسطينيين، دفعا الوزير كيري للقدوم إلى العاصمة الأردنية، ويبدو مثيراً للدهشة قبل الاستنكار، تحذير رئيس الحكومة التركية لإسرائيل، من أن بلاده لن تسكت وإن سكت الجميع، وكأن الرجل "غايب فيله" عن ما يجري على الأرض، وكأن المواطن العربي يجهل عمق علاقة أنقره بتل أبيب، وعنوانها الأبرز حجم التجارة المتبادلة بين البلدين، وقد تجاوزت أرقامها الخمسة مليارات دولار سنوياً، ما يدعو للشك بأن التصريحات "العنترية"، تستهدف التغطية على تلك العلاقة بين عاصمة الإخوان المسلمين ودولة الاحتلال.
تتجاوب مع تصريحات " العصملي" أبواق الإعلام الإيراني الناطق بالعربية، وهي تحلل أن قمة عمان الثلاثية، استهدفت البحث عن كيفية احتواء الحراك الشعبي الذي أحرج الجميع، ووضع القيادتين الفلسطينية والأردنية أمام اختبار جديد، كما حصر الخيار باتجاه المشاركة في خطة احتواء الشارع من دون أي إنجازات فعلية، أو حمايته وتثميره في سياق حركة الصراع، حتى لو كانت وفق منطق التسوية الذي تتبناه السلطة، ويؤيده الأردن، ولسنا هنا بصدد الدفاع عن خيار السلام، بقدر ما يجب التأكيد على أن البعض معجب بتوتر الوضع في الأراضي الفلسطينية، باعتبار أنه يخدم أجندته دون أن يدفع أثمان ذلك، ويترك دفعها للدم الفلسطيني، رافعاً أكثر الشعارات تطرفاً بأغطية دينية.
قمة عمان الثلاثية
[post-views]
نشر في: 14 نوفمبر, 2014: 09:01 م