TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > السر فـي شعبية قرارات العبادي

السر فـي شعبية قرارات العبادي

نشر في: 14 نوفمبر, 2014: 09:01 م

في غضون شهرين فقط بعد نجاحه في تشكيل حكومته، أثبت رئيس الحكومة حيدر العبادي انه ليس من الصعب تحقيق التوافق والوفاق والإجماع والوحدة، وكل ما يمكن وصفه بالوطني والوطنية، وهو ما يحتاجه العراق أمس الحاجة في هذا الظرف التاريخي المصيري.
نعلم ان السيد العبادي لم يكن حراً في اختيار أعضاء حكومته، ولا ينبغي بالتالي تحميله كامل المسؤولية عن وجود وزراء لا يستحقون مناصبهم ولا يناسبونها، بيد ان هذا لا ينطبق على القرارات والإجراءات التي يُتيح له الدستور اتخاذها بوصفه رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، وهو مطالب دائماً باتخاذ القرارات والإجراءات المنتظرة منه لتنفيذ المهام المكلف بها ولتحقيق الوعود التي تعهد للشعب بها.
حتى الآن، معظم ما اتخذه السيد العبادي من قرارات وما أقدم عليه من إجراءات قوبل بالرضا والاستحسان والثناء والتأييد من الغالبية الساحقة من الرأي العام، وفي كثير من الأحيان ظلت بعض هذه القرارات والإجراءات حديث الشارع والإعلام أسابيع متصلة.
ما السر الكامن وراء هذا القبول الواسع بقرارات العبادي وإجراءاته؟
انه بكل بساطة: صحة القرار وصواب الإجراء.
- منع استخدام ألقاب الفخامة والدولة والمعالي كان قراراً صحيحاً لوقف العمل ببدعة مستهجنة، كان وراء العمل بها أناس عديمو الكفاءة والخبرة ظنوا ان الألقاب يمكن أن تصنع لهم اعتباراً اجتماعياً وسياسياً.
- إلغاء مكتب القائد العام للقوات المسلحة كان إجراءً صائباً، لأن المكتب كان "حلقة زائدة في الدولة" بحسب تعبير العبادي، ولأنه كان دولة داخل الدولة كما يعرف الجميع، وكان أداة للاستبداد والقمع ووكراً لخلق النفوذ والسلطة والثروة، كما يعرف الجميع أيضاً.
- إيقاف المؤتمر الصحفي للناطق باسم مكتب القائد العام كان إجراءً سليماً هو الآخر، لأن المؤتمر لم يكن في الواقع سوى آلة لإنتاج الأكاذيب الكبيرة.
- استبدال مساعدي رئيس الوزراء ومستشاريه كان قراراً صحيحاً وإجراءً صائباً، فصرف المساعدين والمستشارين الأقارب غير الأكفاء، وإحلال مساعدين ومستشارين ذوي كفاءة وخبرة وليسوا من "العيلة"، هو القرار الصحيح والإجراء الصائب على الدوام.
- وأخيرا فان إعفاء عشرات القادة العسكريين من مناصبهم أو إحالتهم إلى التقاعد هو قرار في غاية الصحة ومنتهى الصواب في هذه اللحظة التاريخية بالذات، فهؤلاء يتحملون مع قيادتهم السياسية السابقة كامل المسؤولية عن جريمة وقوع ثلث مساحة البلاد في أيدي داعش وسواه من المنظمات الإرهابية وموت الآلاف من العسكريين والمدنيين الذين تركهم القادة العسكريون المقالون لمصيرهم الفاجع ليسقطوا في مذابح جماعية.
الإجراء الأخير بالذات لاقى أوسع موجة من التأييد، فقد كان مطلباً شعبياً ملحّاً، ولم تزل هناك مطالب شعبية ملحّة هي الأخرى بإجراء تحقيق شفاف في قضية هرب القوات العسكرية أمام داعش أو استسلامها له.. وهناك مطالب ملحة باستكمال ما اتخذ في حق القيادات العسكرية بإجراءات مماثلة تجاه القيادات الأمنية، وتجاه بؤر الفساد المنتشرة كالسرطان في مؤسسات الدولة قاطبة.
قصارى القول ان قرارات العبادي وإجراءاته تلك حققت توافقاً وطنياً ووفاقاً وطنياً ووحدة وطنية.. والسرّ أنها قرارات وإجراءات في صالح المواطنين جميعاً، إلا الذين تضررت مصالحهم الأنانية. ومزيد من التوافق والوفاق والوحدة والإجماع يُمكن بسهولة تحقيقها بمزيد القرارات الصحيحة والإجراءات الصائبة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. واثق العاني

    هذا يدلل على ان قدراً ولو بسيطاً من الوطنيه يرادفه مستشارين مهنيين ممكن ان يأتي بنتائج مبهره. ما يؤسف له السنوات الثمان التي ضاعت واضاعتنا معها

  2. د عادل على

    اتصور انه من الممكن ان نقول بان ثورة اصلاحيه بدات عند التغيير من المالكى الصلب والقاسى واقل ثقافه الى المرن والديموقراطى والبشوش العبادى الدى راى العالم الاخر وتعلم كثيرا منهم--انه واضح تماما بان الوحده السنيه والشيعيه بدات--سبحانه تعالى يقول فى محكم كتا

  3. عطا عباس

    ببساطة يكمن السر في شعبية القرارات للأن ،يكمن في محاولة الأبتعاد عن موبقات سلفه وطاقمه المعروف ، والذين لم يتركوا بابا للفساد الاّ وطرقوه ! نعم كان الأمر هكذا : محسوبيات وأفارب وأحباب وأبعاد وملاحقة كفاءات ( سنان الشبيبي مثلا ! ) ، بل وصعود صبيان وأولاد

  4. ابو محمد العراقي

    كلامك يا يبد عدنان حسين صحيح ولكنك في مقال لك قبل يومين او ثلاثة وكان بعنوان كلام الفساد الفارغ لم تكن موفقا حيث انك قلت اين هي الاجراءات وبعد يوم واحد فقط كان صوت العبادي مدويا بتنظيف المؤسسة العسكرية والامنية والاجراءات مستمرة اتوقع انه من المناسب ان تق

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram