TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جاكي عبود

جاكي عبود

نشر في: 15 نوفمبر, 2014: 09:01 م

في دول العالم المتحضر يحرص الأشخاص من كلا الجنسين وبأعمار مختلفة على زيارة العيادات الطبية التخصصية لإجراء فحوصات دورية لضغط الدم والسكر والأسنان وبقية الأمراض الأخرى ، ومن الطبيعي جدا ان يقول احدهم انه ذاهب الى عيادة طبيب نفساني من دون ان يثير التساؤلات والاستفسارات، وذات القول اذا تفوه به العراقي سيتلقى سيلا من التعليقات ، فينتقل الخبر بسرعة الصوت الى الآخرين ، وكل واحد منهم يضيف معلومة بحسب اجتهاده ،فيصبح الشخص الراغب في مراجعة الطبيب النفساني " مسودن" اي مخبل وسينتهي به المطاف في مستشفى الشماعية الرشاد حاليا ، في قسم الحالات العصية على العلاج .
تنتشر الأمراض النفسية في بلدان الأزمات ، والصراعات المسلحة ، وتتفاقم حين تتوفر وسائل إعلام تمثل الأطراف المتصارعة ، فيجد المرء نفسه معرضا للإصابة بالكآبة الحادة والانطواء والشعور بالوحدة ، وتنتابه حالات الرغبة في الانتحار ، للخلاص من العيشة المرة وإسدال الستار على الفصل الاخير من مأساة من حياته.
قبل عشرات السنين كان البغداديون يأخذون مريضهم الى الطبيب الشهير جاك عبود ،عيادته في في شارع الرشيد ، وهو من اشهر الأطباء المختصين بالامراض النفسية ، شهرته واسعة ودخلت في القاموس الشعبي ، فما ان يقول احدهم " فلان راجع عيادة جاكي عبود " حتى يتوصل السامعون الى قناعة اكيدة، بان احد الاشخاص اصبح مرشحا للدخول الى مستشفى الشماعية ، وبقرب عيادة عبود باتجاه منطقة الصدرية كان الملا جواد يتخذ من التكية مكانا لمعالجة المرضى المصابين بالامراض النفسية بطريقته الخاصة باستخدام العصا الغليظة لطرد الجن من بدن المريض وسط صراخهواستغاثتة ، وبانتهاء الجولة ينقل الى منزله محمولا على الأكتاف او بعربانة دفع ،والملا رحمه الله لم يكن يتقاضي اجورا لقاء تقديم خدمته ، وغالبا ما كان يبدي استعداده لعقد جلسة ثانية للعلاج لحين اخراج الجن الملعون من بدن المريض.
عيادة الدكتور جاك يقال انها كانت تستقبل يوميا عشرات المراجعين، بعضهم تقلهم سيارات حديثة من موديل ذلك الزمن، تحيل من يراها الى انها تعود الى شخصيات ومسؤولين وكبار الموظفين ، فاثار المشهد احد الصحفيين فاستحدث زاوية بجريدته خصصها لنشر اسماء المراجعين من الشخصيات العامة ،ثم الغيت الزاوية بقرار قضائي ،مع فرض غرامة مالية على الجريدة ، ففشلت محاولة الصحفي في الكشف عن المجانين في الاوساط الرسمية والسياسية ، ومن المؤكد انه فارق الحياة ، ولم ينقل فتوحاته المهنية الى شخص اخر ليقتفي الاثر ويحقق الهدف في كشف مخابيل السياسية ، خصوصا ان الساحة العراقية اصبحت اليوم بيئة مناسبة للاصابة بالكآبة ، تجعل الحكماء والعقلاء يضطرون الى مراجعة عيادات الاطباء المختصين بالامراض النفسية من تلاميذ الراحل جاكي عبود ، او التوجه الى تكية الملا جواد للخضوع الى جلسة علاج مجانية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram