رغم ترحيب حاكم قطر الشيخ تميم، ب "الأشقاء" قادة دول مجلس التعاون الخليجي، في قمتهم التي كان مقرراً أن تستضيفها الدوحة، وإعلان أمله الخروج من هذه القمة بالقرارات التي تلبي وتحقق التطلعات والطموحات، وتساهم في تحقيق ودعم الأمن والاستقرار في المنطقة، فإن الشكوك تتزايد حول انعقاد تلك القمة في العاصمة القطرية، خصوصاً بعد إلغاء اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون في الدوحة، وفشل جولة أمير الكويت على قطر والإمارات والبحرين، في تحرك استهدف إنقاذ الموقف في اللحظات الأخيرة، وهو ما لم يتحقق، ما يؤشر أن الأمور الخلافية مع قطر لم تصل إلى نهاية سعيدة، وأن النتيجة المحتملة هي فرض مزيد من أطواق العزلة، على حكام المشيخة التي تواجه موقفاً كهذا للمرة الأولى.
نتيجة للسياسات القطرية، إن على مستوى مجلس التعاون، أو على المستوى القومي العربي، يبدو أن الوضع الخليجي بات على نار حامية، شديدة الوضوح في الاتصالات الحثيثة، لتسريع عقد قمة استثنائية لدول مجلس التعاون خلال اليومين القادمين في الرياض، باعتبار أن انعقادها يشكل الفرصة الأخيرة لقطر لتصحح وضعها، والالتزام ببنود اتفاق الرياض الذي وقعت عليه لكنها تنكرت لتوقيعها، ما دفع لبروز اعتراض سعودي بحريني إماراتي على انعقادها في العاصمة القطرية، وشذت عن ذلك مسقط، ووقفت الكويت على الحياد، إن لم نقل إنها وضعت كل ثقلها لإنقاذ الموقف، حتى لو انتقلت القمة إليها لتقتنع الدوحة ومسقط بحضورها.
واصلت قطر سياسة التدخل في الشؤون الداخلية للبحرين والإمارات ومصر، مع أنباء غير مؤكدة عن تورطها في الحادث الإرهابي الأخير بالإحساء في السعودية، وإذا كان نصف أعضاء مجلس التعاون على ثقة بأن القضايا العالقة مع قطر ليست شكلية ولا عابرة، وهي تمسّ الأمن الخليجي في الصميم، فإن القمة التي تراهن الدوحة على استضافتها لن تنعقد فيها، حيث كان منتظراً منها الوفاء بوعودها وعدم المراهنة على كسب الوقت، إلا إن كان هدف السياسات القطرية تدمير تجربة مجلس التعاون، لصالح دعم جماعة الإخوان المسلمين، امتثالاً لفتاوى شيخ الفتنة القرضاوي، والتشويش على النظام المصري الجديد، والتلويح بالتحالف مع طهران وتوقيع اتفاقيات دفاعية معها، بعد الفشل الذريع في سوريا ودعم حزب الله، والمضي في تسخير فضائية الجزيرة، لتحقيق أهداف بعيدة عن تطلعات الخليج والوطن العربي.
الشيخ القطري لا يكتفي باللعب في النار الخليجية التي ستحرق أصابعه، فيوجه العالم إلى طرق محاربة الإرهاب، ويقول إن علاج التطرف لا يمكن أن يكون بالقصف من الجو، وأنه لا بد من التخلص من الأسباب التي ساهمت في تشكيل بيئات اجتماعية حاضنة للتطرّف، وهو هنا يقع في شر أعماله وأعمال والده، فهما أكثر من سعى لدعم المتطرفين تحت ستار الإسلام، في مصر وسوريا، وهو المتحالف اليوم مع تركيا أردوغان، ويزاود على الجميع، بتأكيده أن موقف مشيخته هو الرفض القاطع والواضح للإرهاب، والمشيخة المثيرة للفتن تلبس هنا لبوس الناصح والواعظ والمعلم، مع أنها بحاجة لكل هؤلاء لتعود إلى الطريق القويم.
لاندافع عن مجلس التعاون ولا عن سياساته، لكننا نلاحظ بوضوح حجم الدور التآمري لمشيخة قطر ضده، وهي تلعب أدواراً أكبر من حجمها، فتتبنى جماعة الإخوان المسلمين العابرة للحدود، وتعادي معظم الدول العربية، مع أنها لا تتعدى في مساحتها أصغر محافظة في أي دولة عربية، ولا يتعدى عديد سكانها عدد سكان حارة من حواري القاهرة، لكنه المال الذي هبط فجأة، فأعمى العيون وأزاغ العقول.
مشيخة الفتنة
[post-views]
نشر في: 15 نوفمبر, 2014: 09:01 م