TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تفاؤل بالجيش والنفط

تفاؤل بالجيش والنفط

نشر في: 15 نوفمبر, 2014: 09:01 م

سعيد مرتين وانا اتابع الاصلاحات التي يقوم بها اعضاء حكومتنا الجديدة، رغم اننا لانزال نطالبهم باداء اسرع. سعيد مرة لان الاصلاح شيء مفيد ومهم، وسعيد ثانية لانني ممن راهنوا على امكانية التغيير ولو ببطء، وقد تعرضت لسخرية عريضة طويلة في هذا الاطار وعلى مدى السنتين الماضيتين بشكل خاص.
لم يكتف وزير النفط والسياسي البارز عادل عبد المهدي بابرامه اتفاقا اوليا حول النفط في اربيل، يضع حدا لجمود استمر سنوات. بل نطم السبت ورشة عمل في وزارته للمحافظات المنتجة للبترول ومشتقاته، ليناقش معه كيفية تطبيق اللامركزية واشراكهم في ادارة المنشآت النفطية والاموال وسياسات الاستثمار والتصدير. ولا استغرب هذا اليوم، فقبل ان يزور اربيل، ذهب عبدالمهدي الى البصرة، ليحاور حكومتها المحلية المنتخبة حول رغبة البصريين بان يشاركوا في القرار النفطي، وحول طلب تقدمت به البصرة واربيل طوال اعوام وتجاهله حسين الشهرستاني، حول اعادة تشكيل مجلس ادارة سومو (شركة تصدير النفط) ليمثل طبقا للدستور، المحافظات المنتجة.
المجيء برجل مثل عبدالمهدي يمكن ان يقوم بتسريع الامور ويصوغ تقاليد عمل جديدة. وعبد المهدي بموهبة بناء الضمانات التي يمتلكها ومهارات التفاوض التي تقنع الطرف الاخر بان المناخ ايجابي ويستحق صوغ التنازلات المتبادلة وصناعة القرارات الكبيرة، يقدم لنا نموذجا ممكنا للتقدم الداعي للتفاؤل. ولسنا نمتدحه هنا، بل نقوم بتحميله مسؤولية اكبر، لانه مستوعب وقارئ جيد للتاريخ السياسي والثقافي، ومنتقد كبير لسياسات المالكي، ومؤمن بالنظام الحديث في الادارة، ونتوقع منه اخطاء اقل، وسنحاسبه بنحو اقسى حين يقصر.
ان حيدر العبادي في هذه اللحظة يتقبل قواعداللعبة الجديدة بنحو يستحق الثناء ايضا. وحتى الان وفي كثير من الملفات، فهو لا يتصرف كممثل لحزب الدعوة، بل كعضو في التحالف الوطني، الذي اصر على تطبيق الاصلاحات. وبعد تغييرات العسكر التي شملت عشرات الضباط، ننتظر اجراءا مماثلا للهيئات المستقلة المهمة للغاية ولوضع شبكة الاعلام بالتاكيد، فهذه سيئة من سيئات العهدالماضي، تحتاج اعادة للمسار الدستوري الذي انحرفت عنه.
وننتظر كذلك اصلاحا لازما لشؤون القضاء، وتوضيحا بشان قانون مجلس القضاء الاعلى الذي اقره النواب بشجاعة العام الماضي، وفصلوا بموجبه بين الرئاستين، رئاسة مجلس القضاء ورئاسة المحكمة الاتحادية، لكن المحمود نقضه باشارة من المالكي، واستعاد احتكاره للرئاستين، في خلل جدي وفاضح وواضح. والقضاء المطعون باحكامه لن يمكنه بناء شرعية للعدالة وسيخرب اي اتفاقات سياسية هدفها التصالح الاجتماعي.
لكن الجيش والنفط يمثلان اساسا حيويا في التغيير، فحين نصحح الملف الامني، سنتحول الى شريك محترم ومسؤول في امن المنطقة وامن العالم. وبالضرورة سنحسن ترميم الثقة حين نضع ابناء الرمادي والموصل في المناصب العسكرية التي تحتاجها ايما حاجة، هذه المدن المرتابة من كل شيء حولها، والتي تجد نفسها متهمة ومحتلة ومقصوفة ومحاطة بمستقبل غامض.
اما النفط فهو اعادة تعريف للسلطة، ولمعنى الثروة، ولمعنى الادارة الحديثة، وحين نتقبل نمطا معاصرا من الادارة فاننا سنعيد وضع بلادنا على خارطة التجارة الدولية بعد ان اخرجتنا منها حماقات العهود السابقة.
لا احد سيحترم العراق بسهولة بعد فضائح استمرت نصف قرن، واظهرتنا بمظهر فاقد البوصلة المندفع واللامسؤول، سوى ان نكون شجعانا في المراجعة السياسية ونحن ننزف داخل خندق الحرب مع داعش. ولنفهم ان الحرب مع اخطائنا وعنادنا وتخلفنا السياسي، هي اشجع واهم من حرب داعش. جنود"الخليفة"لم يصبحوا شجعانا علينا الا حين كان رأس السلطة رافضا لنصيحة العقلاء. و"الخليفة"يصاب بالرعب حين يشاهد تقدم شبابنا من كل الطوائف في بيجي وجرف الصخر، لكنه سيصاب بترويع حقيقي حين يجد العبادي وعبدالمهدي والصدر قادرين على ادارة حوار مع اربيل والبصرة ونينوى، تسوده ارادة الاصلاح والتحديث وبناء عدالة جديدة. انني قادر على تذوق بعض التفاؤل الاضافي الان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. علي الخالدي

    احسنتم سيدي الكاتب ..اسمحو لي بنسخ مقطع من المقالة ونشرها.

  2. محمد سلمان

    الاخ العزيز بهذه الخطوة البسيطة جعلتك تشعر بسعادة بسيطة نحن ايضا نتمنى ان تسير جميع الاقوى باتجاه طريق بناء الشعب وتوفير جميع احتياجاته ويتم من خلال الاستاذ عادل وجميع من يلتقي بهم لحل جميع مشاكلنا التى جائت بسبب ماتم كتابته في الدستور منذ البداية فتصحيح

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram