TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > عاش وحيدا ... ومات وحيدا

عاش وحيدا ... ومات وحيدا

نشر في: 16 نوفمبر, 2014: 09:01 م

بغداد / المدى عمره تجاوز السبعين ... عاش حياته مثل كتاب مفتوح أمام جيرانه واقربائه واصدقائه ... ولكن فجأة انقطعت اخبار هذا الرجل عن الجميع وغاب وجهه عنهم ايضا ... ومع ذلك لم يشك احد في اختفائه ... ربما كان مشغولا ... وربما اصابته وعكة خفيفة جعلته يخ

بغداد / المدى

عمره تجاوز السبعين ... عاش حياته مثل كتاب مفتوح أمام جيرانه واقربائه واصدقائه ... ولكن فجأة انقطعت اخبار هذا الرجل عن الجميع وغاب وجهه عنهم ايضا ... ومع ذلك لم يشك احد في اختفائه ... ربما كان مشغولا ... وربما اصابته وعكة خفيفة جعلته يختفي عن الجميع ... ولكن الاحداث لم تسر في هذا الاتجاه ! شيء ما كان يختفي خلف باب داره !.. صديق عمره منذ دخولهما الحياة العسكرية وهما لا يفترقان ... في الجامع وفي المساء يلتقيان ويتسامران ...

الحاج ابو محمد ارتاب في اختفاء صديقة وسأل نفسه .. اين ذهب هذا الرجل ...؟ في صباح اليوم التالي ذهب الحاج ابو محمد لزيارة صديقه ... طرق الباب عدة مرات ... جرس الباب يدق والكهرباء موجودة ولكن لم يرد احد ... عاد أدراجه وسأل الجيران عنه والذين اعتادوا زيارته والذي هو ايضا اعتبرهم كأولاده وخصوصا الشاب (ع) الذي يعتبره ابنه الذي سافر ولا يعلم عنه شيئا بعدما أخذته زوجته وهجرت العراق من أجله ! نفس الإجابة سمعها من الجيران ومن (ع) ... "لم نر الحاج ابو علي منذ ايام" . ازداد الشك في نفوس الجميع وساورتهم الظنون في انه مريض ... الساعة السادسة مساء .. الحاج ابو محمد يحمل ظنونه متجها الى مركز شرطة المثنى ... يحكي للمقدم حكاية صديقة ابي علي الذي اختفى عن الانظار ولم يعد احد يراه كما اعتادوا ... كان لابد من موافقة القاضي قبل اقتحام الدار لاستطلاع الامر ... المقدم قدم مطالعة للقاضي واخذ موافقته على كسر باب الدار والبحث عن الحاج ابو علي ... العاشرة والنصف من صباح اليوم التالي اتجهت مفرزة من الشرطة برئاسة مقدم المركز الى دار ابي علي ... طرقت الباب عدة مرات ... ولكن لم يجب احد ... كانت هناك رائحة غريبة تتسلل من تحت الباب ، ولكن كل الاحتمالات كانت مؤجلة في النفوس لفترة من الوقت ... كسر الضابط باب الدار ودلفوا الى داخله وكانت المفاجأة ... جثة الحاج ابي علي مسجاة على ظهرها والدماء الغزيرة قد تجمدت اسفل جسده ... لم يكن اختفاء ... وانما جريمة قتل ! الدافع كان لا يزال مجهولا ... بدأ رجال المفرزة البحث عن اداة الجريمة اولا ... ولكن لم يعثر احد عليها ... الكشف الاولي على مسرح الجريمة وعلى جثة القتيل اثبت بان القتيل اصيب بآلة حادة ... سكين مثلا ... ترك رجال المفرزة الجثة مؤقتا وبدأ في تفتيش باقي غرف البيت فعثروا داخل خزانة الملابس على مبلغ (500) الف دينار ... كما هي لم يمسها احد ... تعقدت الامور اكثر... فالدافع لم يكن بدافع السرقة وانما الانتقام... المنطق والشك الجنائي كانا يشيران الى هذا... ولكن المفاجآت أبت ان تتوقف عند هذا الحد ! معلومات مهمة ادلى بها اولاد الجيران الى الشرطة وهي اختفاء جهاز الفيديو وجهاز الموبايل من مسرح الجريمة ... ترى هل يكون اختفاؤهما هو الدافع للجريمة وان القاتل لم ير النقود التي كانت تنتظره في الخزانة وفي مكان واضح من السهل العثور عليها ... المعلومات التي بدأت الشرطة بتجميعها عن القتيل كانت تجيب عن سؤال واحد وهو ... ما علاقة الحاج ابو علي بالجيران ... وهل له اعداء .؟ بعد الاستفسار من عدة اطراف كانت اجابة الجميع ان علاقة المجنى عليه محدودة تنحصر بصديقة ابي محمد واولاد الجيران الذين كانوا يترددون على بيته باستمرار ... لكن هناك شاب اخر ذكره احد اولاد الجيران لضابط الشرطة ... ذكر بان هذا الشاب زار الحاج ابا علي مرة واحدة وزعم ان والده كان صديق ابي علي وهو ثري ويمتلك معرض للسيارات وبعدها اختفى هذا الشاب ولم يره احد حتى وقوع الجريمة !
الشرطة اهتمت بهذه المعلومة واخذت تلاحق هذا الشاب ومعرفة عنوانه وبعد جمع المعلومات عنه ثبت للشرطة انه شاب عاطل عن العمل وراسب في الثانوية طرده والده نتيجة رسوبه اكثر من عام في السادس الثانوي ويقيم عند خالته بعد ان طرده والده الذي يعمل موظفا وليس ثريا كما ادعى للحاج ابي علي ... المفاجأة الاخرى التي حصلت عليها الشرطة بان الجاني الشاب بات ليلة واحدة عند المجنى عليه بعد ان زعم له ان والده طرده من البيت ولا يوجد مكان ينام فيه ... و يبقى القبض على هذا الشاب ... تحركت مفرزة من الشرطة الى محل اقامته عند خالته ... طوقوا البيت وطرقوا الباب ... ففتح المتهم الشاب الباب ليجد رجال الشرطة في انتظاره .. وفجأة انهار القاتل باكيا ... انا لم اقصد قتله ... وقررت ان اسلم نفسي اليكم هذا اليوم ! وداخل غرفته عثروا على جهاز الفيديو وجهاز الموبايل الذي سرقه القاتل بعد ان قتل الحاج ابا علي ... واغلق ملف التحقيق في هذه القضية بعد اعتراف المتهم قضائيا امام قاضي التحقيق واجرت الشرطة له كشف الدلالة الذي اثبت انه قام بقتل المجنى عليه ... ولكن كانت هناك تساؤلات كثيرة كانت الشرطة تريد ان تعرف اسباب قتله للحاج ابي علي ... الشرطة وجهت له سؤالا ... لماذا ارتكبت جريمتك ... اجاب : ابي هو السبب ... لقد طردني من البيت ورفض اعطائي أي مصروف ... فكرت في سرقة الحاج ابي علي ... فحملت قطعة من الخشب كانت موجودة عند بيت خالتي وذهبت اليه وبمجرد ان فتح لي الباب ... انهلت عليه بالضرب على رأسه بواسطة القطعة الخشبية حتى سقط امامي على الارض مضرجا في دمائه ثم امسكت برأسه وضربتها في الحائط عدة مرات ... حتى تأكدت من موته ثم سرقت جهازي الموبايل والفيديو لكي ابيعهما وبثمنهما ادفع مصاريف المدرسة !... سألته الشرطة ... لكن هناك مبلغ قدره (500) الف دينار موجودة في الخزانة ... هل شاهدته ؟... نعم ولكن احسست وانا امد يدي لكي اخذ المبلغ وكأن الشلل اصابها عندما رأيت القرآن الكريم بجوار النقود ... خفت وتركت النقود وغادرت البيت بسرعة ! هكذا انتهت حياة الحاج ابي علي ... عاش وحيدا ومات وحيدا ايضا وقاتله الان يقبع خلف القضبان !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram