TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > داعش في العراق غيرها في سوريا

داعش في العراق غيرها في سوريا

نشر في: 16 نوفمبر, 2014: 09:01 م

رغم أن التنظيم الإرهابي هو نفسه في سوريا والعراق ، وأن قيادته واحدة تنحصر بين يدي الخليفة البغدادي، وأن القتال ضده يتم اليوم في بلاد الشام والرافدين معاً، فإن من الصعب اعتبار أن النجاح ضده في واحدة من الساحتين الميدانيتين، يمكن تجييره للساحة الثانية، ويكمن السبب في طبيعة النظامين، وطبيعة تركيبة أعداء الدواعش والظروف المحيطة بالمعركة، حيث تدل المقدمات على أن الهزيمة الأولى ستلحق بالدواعش على الأرض العراقية، وهي تبدو قريبة نسبياً، بينما سيقوّي ذلك التنظيم على الأرض السورية، إن "هاجر" مقاتلوه من العراق إلى بلاد الشام.
ما تم حتى اليوم، أن داعش تلقت ضربات ساحقة من طيران التحالف الدولي، تزامنت أو أدت إلى تقدم قوات الجيش العراقي والبيشمركة والحشد الشعبي، في المناطق التي سقطت تحت سطوة التنظيم، إضافة إلى فقدانه الكثير من التعاطف الشعبي نتيجة تجبره و ولوغه في الدم، واكتشاف حاضنته الشعبية أنها خرجت من تحت الدلف إلى تحت المزراب، ما يؤكد أن هدف تحرير المناطق التي بسط سيطرته عليها لم يعد بعيد المنال، وأن نتيجة ذلك ستكون عودة التنظيم سيرته الأولى كميلشيا، ليس بيدها غير شن حرب عصابات تعتمد التفجيرات العمياء، التي تستهدف الأبرياء لإرهاب الآخرين، غير أن ذلك كله لن يمنع الحكومة العراقية، إن اعتمدت مساراً سياسياً مغايراً لما ساد خلال السنوات الثماني الماضية، وبحيث تنتهج سبل العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة، ومحاربة الفساد وضمان المشاركة السياسية لكل مكونات الشعب العراقي، من تحقيق النصر الناجز.
تختلف المعطيات والظروف في سوريا عن ما هو سائد في العراق، حيث تفتقر حالة بلاد الشام لخطة شاملة، كما تختلف طبيعة العلاقات بين أعداء داعش، حيث الكثير منهم يعادي الحكومة التي يفترض عداوتها الاستراتيجية لدولة الخرافة، كما أن طبيعة العمليات العسكرية تكاد تقتصر على الغارات الجوية، والاشتباكات على الأرض في كوباني، وعلى حدود دولة البغدادي هناك تركيا، بموقفها الغامض الرافض لتقديم أي دعم لمناوئي داعش، بينما تقدم إيران كل دعم ممكن لدحره في العراق، والمنتظر قريباً انسحاب الدواعش من العراق، إن استمرت وتيرة هزائمهم إلى سوريا، لتعضيد إخوتهم هناك، وهم لا يعتبرون أنهم هُزموا، لأنهم يقاتلون في أرض الخلافة العابرة للحدود الوطنية.
الحرب على الإرهاب عنوان مشترك في سوريا والعراق، لكن نتائجها متباينة، في العراق ثمة خطوات وإن كانت وئيدة، للتوصل إلى حلول سياسية ترضي الأطراف كافة، أما في سوريا فثمة غياب لأي تفكير عملي بحل سياسي، نتيجة تعنت أطراف الصراع، وسعيها لإلغاء الآخر بدل التعايش معه، وكل ذلك في ظل غياب قرار دولي وإقليمي، بمنع تدفق المقاتلين والمال والسلاح لداعش ومن هم على شاكلتها، ما يتيح الفرصة لفرض واقع جديد على الجميع لمحاربة الإرهاب، باعتبار ذلك المهمة الأولى للنظام ومعارضيه في آن معاً، ويستدعي ذلك بالطبع تضافر جهود القوى الإقليمية بدل تنافرها، لأن الواقع يقول إن خطر داعش يستهدف الجميع، وخطاب البغدادي الأخير خير دليل.
الاستنتاج المؤسف لهذا الواقع أن الحرب في سوريا ستطول، لأن أعداء داعش يكنون عداءً لبعضهم أكثر من الذي يحملونه ضد هذا التنظيم الإرهابي، ولأن رعاة أمراء الحرب الذين يتكاثرون كما الفطر، بمسميات معظمها إسلاموي وبفكر متطرف منغلق، لم يتفقوا بعد على إنقاذ سوريا من المصير المؤلم الذي تمضي إليه، وتجر معها المنطقة بأسرها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. د عادل على

    هناك اسئله صعب ان نجيبها-------قبل دخول الداعش الى العراق تركيا وامريكا كانايساندان داعش وكل انواع المقاومه ضد اسد---تركيا اعطت لداعش قواعد تدريب واسلحه ثقيله بتشجيع من امريكا--الداعش دخل العراق وتركيا رفضت ان تكون جزءا من القوات الدوليه واصرت على اسقاط

يحدث الآن

المنافذ تحقق أكثر من 2.2 تريليون دينار إيرادات جمركية في 2025

التشكيلة الرسمية لمنتخبنا الأولمبي لمواجهة عُمان ببطولة كأس الخليج

الأمم المتحدة: 316 مليون متعاطٍ للمخدرات عالمياً

القضائية تستبعد نجم الجبوري من مقاعد نينوى الانتخابية

ثلاثة منتخبات تحجز مقاعدها مبكراً في ربع نهائي كأس العرب 2025

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram