على غرار غسيل الاموال وسلوك الطرق غير الشرعية لمضاعفة الارصدة في بنوك خارجية مسجلة باسماء ذوي الشأن والنفوذ في اشباه الدول ، انتقل الغسيل ليشمل العقول والادمغة ، لتسخير اشخاص باعمار وجنسيات مختلفة من اجل تنفيذ عمليات محددة لصالح جهات ارهابية او مخابرات دولية ، وللاعلام دور في عملية الغسيل باصرار فضائيات ومواقع الكترونية على اطلاق مفردة الاستشهاديين على الارهابيين ، بوصفهم ينفذون "عمليات جهادية" ضد المحتلين والغزاة واعداء الامة العربية والاسلامية .
نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي ، وعلى خلفية تنفيذ عشرات العمليات الانتحارية في الارض المحتلة ، استفتت مجلة عربية تصدر في لندن القراء العرب لبيان مدى رفضهم او تأييدهم لتلك العمليات ، ومكتب المجلة في بغداد كلف بتوزيع الاستمارة الخاصة للاستبيان بين اوساط حملة الشهادات الجامعية ، فكانت النتيجة التأييد المطلق ، مع توصية بتغيير مفردة الانتحاري الى استشهادي تقديرا لموقفه البطولي في الدفاع عن قضايا امته المصيرية ، وبعد حادث الحادي عشر من سبتمبر ، اعادت المجلة الاستفتاء ، فحصلت على نتائج تفيد بان معظم الاوساط الشعبية في البلاد العربية ترفض الارهاب ، باستثناء من تبنى مواقف انظمة تنظر الى الحادث بوصفه انتقاما من الرب ضد الامبريالية، ممثلة بممارسات الولايات المتحدة الاميركية .
يتم انتقاء الاشخاص واخضاعهم لعمليات غسل الدماغ عادة من بيئة منغلقة ، رفعت شعار العداء للحضارة ، ترفض الانفتاح على الاخرين ، ومواصفات الاختيار تبدأ عادة من المساجد ومنتديات تزعم انها ثقافية ، لكنها في حقيقتها ، تتولى رصد اشخاص يتقبلون الفكر المتشدد ، ويتمسكون بوصايا وارشادات دعاته ومروجيه ، وكانت صحيفة محلية سعودية ، وفي اطار تنفيذ مشروع " المناصحة " نشرت تحقيقا موسعا تحدث فيه شباب عن محاولات تعرضهم لغسل الدماغ ، تبدأ بمراحل القاء المحاضرات وعرض مصورات وافلام ، ولقاءات مع اصحاب تجارب ، وتنظيم رحلات الى دول مجاورة للقاء عناصر ينتمون لجماعات مسلحة ، ثم الدخول في معسكرات تدريب لتعلم اساليب تفجير العبوات والاحزمة الناسفة ، وحين يستكمل "المغسول دماغه " كامل استعداداته يكلف بتنفيذ عملية انتحارية ، ليضمن الدخول الى الجنة .
اعتاد العراقيون حين يعبرون عن استيائهم من امر ما قول" لا يامغسول" بحق الشخص اذا ارتكب "مكسورة" او اقترف ذنبا يخترق الاعراف وقواعد السلوك الاجتماعي السائد ، والمفردة مشتقة من "المغيسل " مكان غسل جثث الموتى قبل دفنهم ،و" مغسول البخت والحظ " شخص يثير المتاعب لعائلته واقربائه فيعد بنظرهم ،مصدر اثارة شغب ، ومشاكل ، لا ينفع معه النصح والارشاد ، فتفرض عليه العزلة عندما تفشل محاولات اصلاحه ، والمغسول دماغه وكل خلاياه وجد في اشباه الدول ميدانا لتنفيذ وصايا اسياده ، باختيار الموت الانتحاري من دون المرور الى "المغيسل" لا يا مغسول .
مغسول البخت
[post-views]
نشر في: 16 نوفمبر, 2014: 09:01 م