TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > وعكـــــة ثقافيـــــــة

وعكـــــة ثقافيـــــــة

نشر في: 17 نوفمبر, 2014: 09:01 م

فعلا، ليس في الحياة ما هو الذّ من العافية. لكننا لا نحس طعمها إلا وقت الوجع. إنها كمطربة الحي لا نشكرها ولا نداريها ولا نستمع لها. هكذا تذكرت عافيتي وشدني اليها حنين دامع وانا في طريقي للمستشفى ممددا على "السدية" في سيارة الإسعاف ليلة السبت الفائت. المهم زال الخطر بعد يومين وظلت التوابع. وتوابع الوعكة كتوابع الزلزال تتطلب وقتا لتهدأ او قد تكون أسوأ من الزلزال ذاته.
من توابع المرض زيارات الأصدقاء وغير الأصدقاء والجيران، وكمّ طيّب من الهواتف يتفقدك. كان من بين عوّادي البارحة، صديق لم أره منذ اكثر من عشرين عاما جاء بصحبة صديق له لم اعرفه. قدّمه لي على انه صاحب مسؤولية "ثقافية"، جاء ضمن وفد الى مصر.
بلّش صاحب صاحبي بالحديث معترفا بأنه يتابع ما اكتبه وانه كان معجبا بي في أيام ظهوري على الشاشات قبل السقوط وفي أول أيامه حسب مصطلحاته. سألته: وهسّه بعدك معجب لو بطّلت؟ تردد بالإجابة او لغمطها كما يقولون. همست بأذن صديقي القديم: صاحبك طائفي مو؟ كلش.
يبدو ان المعجب بي سابقا، والممتعض مني حاليا، حدس ما همست به لصاحبه فانطلق مغردا: "بصراحة هذا مو بس رأيي بل رأي الكثير من المثقفين العراقيين لأن اغلب ما تكتبه يستهدف المالكي فقط". قاطعته مصححا: لا بل كل ما اكتبه ضده وليس أغلبه. استشهد اخونا بأحدهم انه قال، او كتب عني، باني لو كنت انتقد النجيفي وعلاوي وبارزاني لكنت "خوش زلمة". ضحكت ورددت قول ذلك الريفي في احدى المسرحيات العراقية "ضحكتني وأنا موش طويّب". وهذا شنو شغله أبو "خوش زلمة"؟ أجابني باختصار انه شاب شاعر ومثقف! أشاعر ومثقف وشاب أيضا، ويضع شروطا على كاتب .. لا بل ويعتمد "زلمة" معيارا للحكم؟
طلبت ان يناولوني حبة الدواء التي فات وقت تناولها بفعل النقاش، مع توصية بان يجلبوا لي كتاب "المثقف والسلطة" لإدوارد سعيد. فتحت له الصفحة 24 من الكتاب وقلت له أسمِعني هذه الجملة لو سمحت، فقرأ: لا توجد قواعد لدى المثقف تحدد ما يقوله وما يفعله.
ليتك تعود لهذا "المثقف" وتعطيه هذا الكتاب هدية مني مع دعائي له بالشفاء من وعكته الثقافية ويعود كما كان "خوش اوليد".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. بغداد

    الحمد لله على السلامة انشاء الله خير . هذا الخوش وليد الشاب الشاعر المثقف هو من إفرازات وثاقافات الفوضى الهلاكة وديمقراطية شيش بيش وخوش وليد ؟! يا استاذ هاشم العقابي انتم الجيل الأخير اللي يحمل الأفكار والمبادئ الراسخة اما بعد احتلال العراق بعد ٢٠٠٣ امريك

  2. حازم القيسي

    سلامات ايها الوطني الشريف. وأود أن أقول لولا قلمك الشريف وأمثال جنابكم الكريم لفقدنا الأمل وقلنا الثقافة ماتت في عراقنا لأن أمثال زائرك الشاعر الشاب و أشباه المثقفين من الطائفيين أخليت المساحة الثقافية لهم مع الأسف. مع تمنياتي لجنابكم الكريم بالصحة والعاف

  3. فالح ياسين الربيعي

    استاذ هاشم اولاً نحمد الله على سلامتك متمنياً لك صحة دائمة ثانياً يبدو ان صاحب صاحبك متًأثر جداً بنجازات المالكي وما قدمه للشعب العراقي من خيرات الطائفية وامتلاء الشوارع بأكوام الازبال المنتشرة في كل مكان وانتشار الفساد المالي والاداري في كل مفاصل الحيا

  4. ابو سدير

    الاخ والاستاذ هاشم العقابي فقط اقول جملة استعرتها من اسم فلم وهو انتم اخر الرجال المحترمون ولنقرا على الدنيا السلام من امثال الشاب المثقف

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram