فعلا، ليس في الحياة ما هو الذّ من العافية. لكننا لا نحس طعمها إلا وقت الوجع. إنها كمطربة الحي لا نشكرها ولا نداريها ولا نستمع لها. هكذا تذكرت عافيتي وشدني اليها حنين دامع وانا في طريقي للمستشفى ممددا على "السدية" في سيارة الإسعاف ليلة السبت الفائت. المهم زال الخطر بعد يومين وظلت التوابع. وتوابع الوعكة كتوابع الزلزال تتطلب وقتا لتهدأ او قد تكون أسوأ من الزلزال ذاته.
من توابع المرض زيارات الأصدقاء وغير الأصدقاء والجيران، وكمّ طيّب من الهواتف يتفقدك. كان من بين عوّادي البارحة، صديق لم أره منذ اكثر من عشرين عاما جاء بصحبة صديق له لم اعرفه. قدّمه لي على انه صاحب مسؤولية "ثقافية"، جاء ضمن وفد الى مصر.
بلّش صاحب صاحبي بالحديث معترفا بأنه يتابع ما اكتبه وانه كان معجبا بي في أيام ظهوري على الشاشات قبل السقوط وفي أول أيامه حسب مصطلحاته. سألته: وهسّه بعدك معجب لو بطّلت؟ تردد بالإجابة او لغمطها كما يقولون. همست بأذن صديقي القديم: صاحبك طائفي مو؟ كلش.
يبدو ان المعجب بي سابقا، والممتعض مني حاليا، حدس ما همست به لصاحبه فانطلق مغردا: "بصراحة هذا مو بس رأيي بل رأي الكثير من المثقفين العراقيين لأن اغلب ما تكتبه يستهدف المالكي فقط". قاطعته مصححا: لا بل كل ما اكتبه ضده وليس أغلبه. استشهد اخونا بأحدهم انه قال، او كتب عني، باني لو كنت انتقد النجيفي وعلاوي وبارزاني لكنت "خوش زلمة". ضحكت ورددت قول ذلك الريفي في احدى المسرحيات العراقية "ضحكتني وأنا موش طويّب". وهذا شنو شغله أبو "خوش زلمة"؟ أجابني باختصار انه شاب شاعر ومثقف! أشاعر ومثقف وشاب أيضا، ويضع شروطا على كاتب .. لا بل ويعتمد "زلمة" معيارا للحكم؟
طلبت ان يناولوني حبة الدواء التي فات وقت تناولها بفعل النقاش، مع توصية بان يجلبوا لي كتاب "المثقف والسلطة" لإدوارد سعيد. فتحت له الصفحة 24 من الكتاب وقلت له أسمِعني هذه الجملة لو سمحت، فقرأ: لا توجد قواعد لدى المثقف تحدد ما يقوله وما يفعله.
ليتك تعود لهذا "المثقف" وتعطيه هذا الكتاب هدية مني مع دعائي له بالشفاء من وعكته الثقافية ويعود كما كان "خوش اوليد".
وعكـــــة ثقافيـــــــة
[post-views]
نشر في: 17 نوفمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
بغداد
الحمد لله على السلامة انشاء الله خير . هذا الخوش وليد الشاب الشاعر المثقف هو من إفرازات وثاقافات الفوضى الهلاكة وديمقراطية شيش بيش وخوش وليد ؟! يا استاذ هاشم العقابي انتم الجيل الأخير اللي يحمل الأفكار والمبادئ الراسخة اما بعد احتلال العراق بعد ٢٠٠٣ امريك
حازم القيسي
سلامات ايها الوطني الشريف. وأود أن أقول لولا قلمك الشريف وأمثال جنابكم الكريم لفقدنا الأمل وقلنا الثقافة ماتت في عراقنا لأن أمثال زائرك الشاعر الشاب و أشباه المثقفين من الطائفيين أخليت المساحة الثقافية لهم مع الأسف. مع تمنياتي لجنابكم الكريم بالصحة والعاف
فالح ياسين الربيعي
استاذ هاشم اولاً نحمد الله على سلامتك متمنياً لك صحة دائمة ثانياً يبدو ان صاحب صاحبك متًأثر جداً بنجازات المالكي وما قدمه للشعب العراقي من خيرات الطائفية وامتلاء الشوارع بأكوام الازبال المنتشرة في كل مكان وانتشار الفساد المالي والاداري في كل مفاصل الحيا
ابو سدير
الاخ والاستاذ هاشم العقابي فقط اقول جملة استعرتها من اسم فلم وهو انتم اخر الرجال المحترمون ولنقرا على الدنيا السلام من امثال الشاب المثقف