TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العرض المسرحي والوسائط المتعددة

العرض المسرحي والوسائط المتعددة

نشر في: 17 نوفمبر, 2014: 09:01 م

في الآونة الاخيرة برزت محاولات خجولة للاستفادة من التكنولوجيا الجديدة وتوظيفها في العروض المسرحية في بلدنا .ومن تلك الصور المنعكسة على الشاشة او تلك التي تسمى (داتاشو – اي عرض الوثيقة) او الشريط السينمائي، ونذكر هنا ان فرقة المسرح الفني الحديث كانت سباقة في مثل هذه المحاولة عندما استخدمت الفيلم السينمائي الذي يصور معارك حرب فيتنام وصورا اخرى منعكسة آثارها المؤلمة وذلك في مسرحية يوسف العاني (الخرابة) التي قام باخراجها سامي عبدالحميد وقاسم محمد عام 1970 وقدمت في قاعة الخلد، وفي عام 1977 اخرج (ابراهيم جلال) مسرحية عادل كاظم (المتنبي) واستخدم في افتتاحيتها شريطاً سينمائياً يصور حصاناً يركض من جهة يمين المسرح الى يساره لكي يدلل على الحرية والاندفاع والتمرد وهي من الصفات التي تميزت بها شخصية الشاعر العربي الكبير (ابو الطيب المتنبي).
العام الماضي او قبله استخدمت (عواطف نعيم) صوراً منعكسة على الشاشة وعلى الجدران وكانت غير واضحة وغير متقنة في التنفيذ وذلك في مسرحيتها (دائرة العشق البغدادية) المقتبسة من مسرحية بريخت (دائرة الطباشير القوقازية) . وقبلها استخدم (عماد محمد) شريطاً فيلمياً في احدى مسرحياته وبعدها استخدم (هيثم عبدالرزاق) الداتاشو في مسرحيته (موت مواطن عنيد) وفي جميع الحالات المذكورة سلفاً وربما غيرها يظل التساؤل قائماً: هل كان استخدام التكنولوجيا الجديدة ضرورياً؟ وما مدى اهمية ذلك الاستخدام؟ وهل كان استخدامه متقناً معززاً للعناصر الدرامية؟
تاريخياً ، ظهرت عروض الوسائط المتعدة المسرحية مع توجهات المسرح الطليعي الاوروبي – الأميركي وما سمي بعد ذلك بـ(المسرح الشامل) . وكذلك كان لتوجهات (البارهاوس) الالماني وهو معهد للفن والعمارة دوره في رفع الحواجز بين الفنون المختلفة . ومن تلك التوجهات استفاد المخرج الألماني (اروين بسكاتور) في عروضه المسرحية الملحمية كما في (راسبوتين) عام 1927 عن قصة لتولستوي، وقد استفاد من الارشيف السينمائي عن التاريخ، وبذلك جمع ذلك المخرج المبتكر بين وسائط الاتصال التكنولوجية والعرض الحي الذي يؤديه الممثلون.
استخدمت (الواقعية) التي ظهرت خلال الخمسينات والستينات من القرن العشرين والتي اسسها عدد من الرسامين والنحاتين صيغة من صيغ العرض متعدد الوسائط باضافة لانتاجات من الفنون التشكيلية والفنون السينمائية والفيديو والنشاط الحياتي اليوم، يوظف فنانو عروض الوسائط الجماهيرية (الميديا) امثال مجموعة (ووستر) و (ليبيغ) واحدى الفرق اليابانية – الخرساء، الفيديو والتكنولوجيا الجديدة الليزر والديجيتال في عروضهم الحية، ان مثل هذا التوظيف للوسائط المتعددة في المسرح يخلق فضاءً ادائياً غير محدد بمصطلح (هنا والآن) واستبداله بفضاء أدائي لمصطلح (لاهنا ولا الآن).
اذا كانت هذه احدى توجهات البعض من المسرحيين في مجال الابتكار والتجديد والتي ظهرت في القرن العشرين، فهناك توجهات اخرى وقفت بالضد منها واعتبرت ان ادخال وسائط التكنولوجيا الجديدة انحراف في جوهر الفن المسرحي الذي يعتمد بالدرجة الاولى على اداء الممثل من غير مساعدة تأتي من الزي او الماكياج او المنظر او الاضاءة، فالممثل لوحده يستطيع ان يعوض عن كل تلك التقنيات المضافة والغريبة عن فن المسرح وكان البولوني (جيرزي غروتوفسكي) اول المدافعين عن التوجه الآخر المضاد لتوجه استخدام الوسائط المتعددة وذلك من خلال آرائه المطروحة في (نحو مسرح فقير) الذي ترجمه الى العربية أستاذنا (كمال نادر).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أحلام المشهداني

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

قناديل: بغدادُنا في القلب

عنوانان للدولة العميقة: "الإيجابية.. و"السلبية"

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram