عادت الى شوارع مدننا، وبخاصة العاصمة بغداد، ظاهرة القتل وخطف الأشخاص واحتجازهم بقصد الابتزاز والحصول على المال، بعدما تراجعت نسبياً في السنوات السابقة، بيد ان العودة تبدو قوية هذه المرة، فالقصص المتداولة تدلّ على قدر من الانفلات في هذه الأعمال الإجرامية.
صديق وزميل حدّثنا منذ يومين عن محاولة لخطفه وابتزازه في احد شوارع العاصمة بما يناظر أفلام المغامرات الهندية والمصرية.. وقفت له عصابة في عرض الشارع ومثلّ أفرادها عليه تمثيلية في الهواء الطلق مفادها انه صدم أحدهم بسيارته، ونقلوا "المصدوم" الى أحد مستشفيات وسط بغداد، ليتموا تمثيليتهم بإخراج "المصدوم" ملفوفاً بكتلة من اللفائف الطبية البيضاء وباستخراج أشعة أكس وتقرير طبي، تفيد كلها بإصابة "المصدوم" المزعوم بإصابات خطيرة.. وهنا بدأ خيط المساومة.. أن يدفع "تعويضاً" مالياً كبيراً في الحال أو "يُجرجر" الى مركز الشرطة وتثار ضده، بالإضافة إلى ذلك، "قوامة" عشائرية!! .. وتبيّن لاحقاً ان أمر حادث الصدم لم يكن سوى تمثيلية متقنة ومرتبة سلفاً للإيقاع بالصديق وابتزازه، وهي تمثيلة ما كان لها ان تجري بدم بارد في الطريق لولا وجود تواطؤ بين افراد العصابة وعناصر في سلك الشرطة بحسب تقديرات الزميل.
الصديق الزميل كان سعيد الحظ لأنه كشف اللعبة ووجد في الوقت المناسب مكاناً مناسباً يلوذ به ويُبعد الشر عنه، لكنّ العشرات من منحوسي الحظ يدفعون حياتهم أو تحويشات أعمارهم، في الأقل، ثمناً للانفلات الأمني العائد إلى الشوارع.
اللافت ان هذا الانفلات الأمني مقترن بالنشاط الملحوظ لجماعات مسلحة (ميليشيات معروفة وأخرى غير معروفة) تستخدم سيارات ومعدات تشبه الى حد كبير السيارات والمعدات التي تملكها مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية وتسيّرها في الشوارع: رباعية الدفع ومظللة، ومدجج ركابها بأسلحة خفيفة لكن قاتلة.. القياديون في هذه الجماعات يتنقلون في مواكب شبيهة بمواكب الوزراء والقادة العسكريين والأمنيين.. وعناصر هذه الجماعات يتصرفون في الشوارع وفي الأسواق كما لو انهم تابعون لمؤسسة أمنية حكومية، وفي بعض الأحيان يتعاملون مع الآخرين كما لو انهم دولة فوق الدولة، فيُجبون الأموال من الناس بحجج وذرائع ومسوّغات مختلفة ويسيئون معاملة الناس، بمن فيهم أفراد الأجهزة المكلفة بتطبيق القانون وحفظ الأمن والنظام العام، الشرطة والجيش، أنفسهم.
هذه ظاهرة خطيرة للغاية لا ينبغي التهاون معها بأي حال من الأحوال .. أي تهاون يعني انفلات زمام هذه الجماعات، وانفلات زمامها يعني طغيانها على الدولة والمجتمع في نهاية المطاف، وهو ما يقود عادة إلى حرب أهلية ضروس وطويلة الأمد.
تعاظم أمر الميليشيات وسواها من الجماعات المسلحة غير النظامية يتعارض كلياً مع أمر بناء الدولة، بل انه عامل هدم وإبادة لكيان الدولة.. راجعوا تجربة لبنان .. راجعوا تجربة الصومال... انظروا الى ما يجري في ليبيا واليمن، إن كنتم غافلين.
جميع التعليقات 3
بشير مري
ان المهمة الاولى للدولة هي صيانة وضمان امن المواطن وممتلكاته وانها تحتاج لذلك قوة امنية رادعة لكل مظاهر الخروج على القانون والتطاول على حقوق وامن الاخرين من دون هذه القوة التي يجب ان تنشط في اطار القانون حصرا وتحت اشراف القيادة السياسية لايمكن بناء دولة م
عادل زينل
في الوقت الذي نخاف على انفسنا وعوائلنا من نير وبطش هذه العصابات فاننا لا نتردد لحظة في اعتبار الضباط والشرطة ممن يدعمون ويقفون وراءها بانهم هم انفسهم ممن حاولوا ويحاولون فتح أبواب بغداد امام عصابات داعش ... القضية خطيرة جدآ سيماان عرفنا ان كاتبآ اخرآ مع
عبدالرزاق علي حاجم
اخبرني صديق عن قوة عسكرية كانت قد اقتحمت بيته في غيابه واعتقلوا ابنه ثم استقبل مكالمة يطلبوا فيها مبلغ من المال ولم يتمكن ان يوفر كل المبلغ فكان رد من حدثه انها لاتسد ايجار العربة العسكرية والملابس والاسلحة