أحاول ان امنع نفسي من الضحك وانا أعيد تقليب صفحات كتاب يتضمن إرشادات عن كيفية استغلال الوقت، كتبه مؤلف أميركي لم تتسنَّ له زيارة العراق، ليدرك ان الوقت هنا بلا لون ولا طعم ولا رائحة. أقرأ نصائحه:"قرِّر الطريقة التي ستقضي بها وقتك، ولا تدع الآخرين أو الظروف أو العادات تقرر بالنيابة عنك".. اختنق غيضاً، إذا كان الآخرون يقررون بالنيابة عنا ويغيرون القوانين ويتدخلون في كل شيء، حتى وجدنا حزبا سياسيا لم يكتف بالاستيلاء على ممتلكات الدولة ، بل زادها بأن وضع شريطا على الرصيف المجاور للبناية ومعه لافتة تحذر:" يمنع مرور السافرات" اذن كيف تريد لنا ياسيدي أن نتحكم في أوقاتنا التي تضيع بين خطب الساسة وقرارات أحزاب قرقوش.
الأزمة أيها الكاتب العزيز أكبر بكثير من قراءة كتابك وتنفيذ نصائحك واتباع آخر الدراسات، فالوقت لم يعد عندنا كالسيف"إن لم تقطعه قطعك".
او كما قال"القائد الضرورة "يوما"إضاعة دقيقة من الوقت إضاعة لفرصة من التقدم"فكان ان أضاع حياة العراقيين في تنور الحروب الذي التهم الأخضر واليابس.
يذكرني كتاب الوقت بكتاب للراحل توفيق الحكيم اسماه"في الوقت الضائع" حيث سطر فيه عدداً من الأفكار التي كتبها أثناء مرضه الأخير أو مرحلة الوقت الإضافي الضائع من حياته كما أطلق عليه هو حيث أنه كان يرى أن حياته في الشوط الأخير، ولهذا قرر ان يعقد صداقة مع ملك الموت"عزرائيل".
أعود للمؤلف الأميركي الذي يخبرنا بان اليوم 24 ساعة، والساعة 60 دقيقة، والدقيقة 60 ثانية، يعني اليوم فيه 86400 ثانية بالتمام والكمال ومع ذلك لا يكفي حسب رأيه، لا يكفي ماذا؟.. ونحن نشعر بان حياتنا ضائعة.
تخرج في الصباح للذهاب إلى مكان العمل، فإذا كان مقر عملك في وسط بغداد، وتقطن في مدينة الصدر أوالأعظمية أو غيرها من مناطق بغداد، فعليك أن تستيقظ قبل موعد العمل بثلاث ساعات، لتستعد للنزول، متوقعاً أن تقضي ساعتين في الأقل في طريق قد لا يستغرق نصف ساعة في الأكثر، ناهيك عن حالة التوتر التي تصيبك من أصوات"منبهات سيارات الشرطة"، وحالة الصراخ التي تحيط بك عندما يمر مسؤول، والألفاظ النابية التي تتلقاها لو سولت لك نفسك بمضايقة موكب السيد المسؤول.
تصل العمل منهكا لتجد في انتظارك من لم يقرأ وصايا مؤلف"الوقت"فيبدا معك حديثا مملا مكررا، ليتحول بعد ذلك الى معاناة أشبه بمعاناة الطريق،، تحاول ان تنهي عملك وسط هذه المنغصات، حتى تستعد لرحلة العودة القاسية، ساعات أخرى ضائعة في متاهة الطريق إلى البيت.
اعرف جيدا أننا شعب لا يشعر بالوقت، لا يقدر قيمته، لا يهتم به، ولا يستثمره، نقضي أيامنا وليالينا نثرثر في كل شيء، لا نفعل أي شيء، نتحدث عن الدستور، والحكومة وكرة القدم والاقتصاد والمسلسلات والفقر، ثم نهز أيدينا وحين يحين وقت الانتخابات نذهب لانتخاب من يمثلنا طائفيا، لاوطنيا.. ونصر على نصرة أبناء عشائرنا قبل نصرة أبناء وطننا.
أعود للكتاب أقرأ فيه:
"اتخذ قراراً وقم بالعمل على ضوء هذا القرار"، حاضر ياسيدي.. سأغلق الكتاب وأستعد للعمل، طبعا يمكن للبعض منا ان لا يستجيب لوصايا المؤلف خصوصا اذا كانت في انتظاره على الطريق عصابة ترتدي ملابس حكومية وتتجول بسيارات مظللة، أو لافتة تقول لايسمح لغير أبناء هذه الطائفة بالمرور في هذا الشارع.
رجاءً.. لاتضحك
[post-views]
نشر في: 17 نوفمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
بغداد
اتعسهم اجتني الكآبة من قرأت حاطين شريط على الرصيف جنب العمارة ممنوع مشي السافرات ؟!!! يا ساتر يا رب هذا حكم قرقورووووش هل هذه هي الديمقراطية التي يتبجحون بها غلمان اوباما وبوش في اسطبل الخضراء ؟؟؟؟؟ والمصيبة غالبيتهم يحملون جنسيات بريطانية وامريكية وعوائل