احتفى نادي الشعر في اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين وضمن منهاجه الثقافي السبت الماضي بالكاتب والشاعر يحيى السماوي بمناسبة فوزه بجائزة جبران خليل جبران العالمية عن ديوانه الصادر حديثا "أنقذتني مني". وتضمن الاحتفاء حفل توقيع ولمحات من سيرة الشاعر وتجر
احتفى نادي الشعر في اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين وضمن منهاجه الثقافي السبت الماضي بالكاتب والشاعر يحيى السماوي بمناسبة فوزه بجائزة جبران خليل جبران العالمية عن ديوانه الصادر حديثا "أنقذتني مني". وتضمن الاحتفاء حفل توقيع ولمحات من سيرة الشاعر وتجربته. وقد ذكر مقدم الجلسة الناقد الدكتور جاسم بديوي ان المحتفى به كثير المشاركات في المحافل الأدبية والمهرجات الشعرية وهو حاصل على جائزتين الاولى لأفضل ديوان عام 1993 ومؤخراً فوزه بجائزة مهمة منحت سابقاً للجواهري وسميح القاسم وفاطمة ناعوت وغيرهم من الاسماء ولا سيما في الشعر العربي المعاصر، وهي جائزة جبران خليل جبران العالمية والتي تمنح من سدني، وقال: اذن شاعرنا السماوي على وشك السفر ليحتفى به هناك، خلف المحيطات والبحار، لذا ارتأى نادي الشعر في اتحاد الأدباء ان يحتفي به الوطن قبل العالم.
فيما التمس السماوي الحضور ان يجدوا له عذراً لو شاكسته دموع الطفل المختبئ تحت عباءة كهولته، مبتدئاً بالحديث عن أجوائه الأولى منذ وجد نفسه ابناً لأم قروية واب يبيع التفاح والبرتقال على أرصفة المدينة. ويتابع: لا اعرف كيف حبوت على رصيف الشارع، وقد مرت عليّ اكثر من خمسين دورة شمس ومازلت أحبو وسأظل. وقال: الشعر بالنسبة لي هو المرض الوحيد الذي يسمو على العافية، فهو الذي كاد يقودني الى حبل المشنقة، ومنحني عشيراً من الطيبين. والذي أتذكره اني بدأت خطوتي الأولى في الشعر مع اول صفة من شرطي الأمن. لافتاً الى انه غادر العراق لعدة مرات، بينها في عام 91 بعد فشل الانتفاضة الشعبانية التي جاءت مساهمته فيها انتقاماً لما يحمله في داخله من قيح عذابات السجون مع آخرين. وقال: لست متاكداً ربما كان لي الشرف في اطلاق اول رصاصة، لكني فتحت مشجباً وشاركت في توزيع الأسلحة على الثوار المنتفضين. ثم حدث ماحدث. مبيناً انه اعتقل لمرات عديدة وخضع لأنواع من التعذيب، لكنة لم يعامل الذين وقعوا بين يديه من السجانين بالمثل. وقال: لم أحاول ان انتقم حتى من الذين جاءوا بأخواتي ذات يوم الى المعتقل، ولكن أردت فقط ان اعلمهم المحبة والتسامح. مشيراً الى انه اصطحب احد الضباط لفتح واحد من تلك السجون السرية في حديقة الأمن العامة بالسماوة، فاطلع على شخص يهتف بسقوط البكر ولم يدر انه في زمن صدام، وامرأة طلبت منهم قتلها لأنها لا تعرف اباً للطفل الذي معها.
وفي مداخلته ، أشار الناقد علي الفواز ان الحديث عن السماوي يقود الى تجربة لم تحظ باهتمام نقدي أسوة بجيل السبعينات من الشعراء. مبيناً ان تلك المرحلة تثير صخباً يختلط فيه الحسي مع الايديولوجي والانساني والجمالي والتعبيري وما يمكن ان يقدمه من شكل شعري جديد. وقال: التجربة الستينية قد تركت وعياً قلقاً في التعاطي مع مفهوم التجربة الشعرية، ارتبط بمجموعة من الحركات والتحولات الفكرية المهمة. لافتاً الى ان يحيى السماوي كان واحداً من هذا الجيل المغترب فنياً ووجودياً بما انعكس عليه من تلك المرحلة، إلا انه انفلت من مسار جيله في منتصف الطريق. موضحاً انه بدأ مع نهاية السبعينات حين انكسرت الجبهة الوطنية وهو الشاعر المحمل بفكر ايديولوجي وانتماء عضوي بجعل قصيدته على نحو من التقليدية في بنائها التفعيلي والصوتي، ومازالت الى اليوم محافظة على قيمتها التي تتطلب الآن من الشاعر مهارات كبيرة.
فيما عبر الناقد فاضل ثامر عن سعادته بالجلسة واثنى على تفاعل الحضور مع أجوائها. موضحاً ان السماوي شاعر حقيقي يستحق منا هذه الحفاوة. واننا قد أهملناه ليس عن قصد وإنما هي محنة الشاعر المغترب الذي نشر أعماله في المنفى وبقي بعيداً عن الناقد والقارئ. وقال: لقد بقينا اكثر من عقد لم نحسم هذه الفجوة المعرفية التي تمثل جرحاً في الثقافة العراقية. مشيراً الى محاولة استكمال الصورة فيما يعرف بأدب الداخل وأدب الخارج، وان هناك الكثير من الأسماء المهمة في القصة والرواية والمسرح قد نفاجأ بها من دون ان نعرف عنها شيئاً.