القول "يغرد خارج السرب " يقابله أحيانا في القاموس الشعبي الشائع والمتداول "يخوط بصف الاستكان ، ويثرد بصف اللكن ويركع بصف البنجر " وسجلت للكاتب والناقد المتخصص بالشعر الشعبي العراقي كاظم غيلان براءة ابتكار مصطلح "نزل على الترابي " في إشارة الى الرغبة في التمرد ورفض الإذعان والرضوخ لضوابط ، فرضتها عوامل سياسية واجتماعية ، والنزول على الترابي، يتطلب الجرأة ، وامتلاك قدرة المواجهة وتشخيص الأخطاء ، فيوم كانت السلطة تلاحق معارضيها ، و"تسوك" الملايين نحو مصير مجهول ، بإعلان دعوة المواليد لأداء الخدمة العسكرية، هناك من يرفض الاستجابة فيختار الطريق الترابي والسير بالاتجاه المعاكس ، لشعوره بان التحليق مع السرب سيؤدي الى عواقب وخيمة ، فيحاول البحث بشتى الطرق والوسائل عن ملاذ آخر ، او الاختفاء والانتقال الى مكان بعيد ، لحين انتهاء موسم قيادة السرب.
في دول العالم المتقدمة السرب يسير باتجاه يرسمه النظام نحو مستقبل افضل ، الجميع يحلق من مسؤولين وقادة أحزاب ونخب سياسية على وفق دستور ثابت وقوانين غير قابلة للجدل ، وفي المنطقة العربية المعروفة باضطراباتها الأمنية والسياسية ، تكون السماء خاضعة لسيطرة السلطة ، ووحدها تمتلك بوصلة قيادة السرب ، ومن يحاول الخروج ويغرد خارج الجوقة ، تكتشفه الرادارات ومنظومة الإنذار المبكر ، فتوجه اليه نيران احدث الأسلحة ليكون درسا للبقية ، وإنذارا مباشرا موجها لمن يحاول النيل من تماسك وحدة الأمة ، ويشق صفوفها خدمة لمصالح الأعداء .
الأرض العراقية ، تحولت ولأسباب معروفة الى بيئة مناسبة للخلافات والنزاعات ، والصراعات تتمحور بهدف واحد، يتلخص بالوصول الى السلطة ، وبعد مرور سنوات على كتابة الدستور وإجراء انتخابات تشريعية واخرى محلية ، لم يدرك بعد قادة الطوائف سبل انقاذ البلاد من الانحدار نحو منزلق خطير ، وكل واحد منهم يريد قيادة سربه نحو أهداف تحقيق مكاسبه ومصالحه بعناوين مذهبية ، وطائفية ، ومن هنا اصبح" النزول على الترابي " موقفا وطنيا بحسب من يراهن على الإرادة الشعبية في تجاوز الاصطفافات والانقسامات المجتمعية ثم الشروع ببناء مؤسسات الدولة ، حين تتوفر نخب سياسية مؤمنة بدولة المواطنة ، وبخلاف ذلك ستنتقل الأزمة المزمنة الى الأجيال اللاحقة .
يقال ان رجلا سكن في سلف شيخ عشائري كان يتمتع بنفوذ كبير ، الرجل تعرض الى اعتداء من قبل احد اشقاء الشيخ الثلاثة ، لان ابنة الرجل وكانت معروفة بجمالها تعرضت الى تحرش من احد الأشقاء حاول في ليلة التسلل الى خيمتها ، وحين اخبرت الرجل توجه الى المحفوظ ، فسأله الاخير: من المعتدي ، فاخبره بان البنت شخصت أوصافه ، ولاحظت انه اثناء هروبه من الخيمة كان يعرج ، فقال صاحب النفوذ ، جميع اشقائي أصيبوا بالكساح من الصغر ، وكلهم يعرجون ، فأي اعرج منهم اعتدى على ابنتك؟ بعد ايام غادر الرجل السلف متوجها الى مكان اخر، وشالوا ما بعد نلكاهم.
مواقف "ابو الجنيب"
[post-views]
نشر في: 22 نوفمبر, 2014: 09:01 م