محمد سعيد الصكار mohammed_saggar@yahoo.fr كانت القصيدة تضيء مثل الحباحب، تلك الحشرة الليلية التي تومض وتغيب لتعود فتومض وتغيب لتملأ المساء بذلك الرونق الساحر الذي لا يدوم طويلاً . كانت القصيدة تحبو على الورق الألكتروني الذي استبدلنا إياه بورق الكتابة الحميم الذي رافقنا عمراً يمتد لقرون سلفت .
كانت القصيدة تدعوني، كعادتها، بعد صمت طال، وحين مهّدتْ لي الدرب إليها بعد شوق طويل، وطفح بنا الوجد، والتهبت المجسّات، وتكوكب العالم في انتظار تلك النقرة السحرية التي تنقل الدنيا من مكان إلى مكان، وتشعّ لتمنح الحضور معني جديداً، حدث الدويّ الذي مسح كل معالم الهناء والبراءة، وكل ملامح الوجد الذي كان يطفح على وجه الورقة، وظل صوت الدويّ يدفع بي خارج دائرة الموت صارخاً : خذ قصيدتك وامشِ ! إلى أين أروح؟ هم أهلي، وما عندي لهم غير هذه القصائد، وهذه الكلمات . وإذ كانت الأحلام و الآمال تتهاوى مع كل دويّ قاتل، كانت الحباحب تغيب إلى الأبد، والقصيدة تتلعثم، ولم يبقَ منها غير غبار الثلاثاء الملوّث بخيبتنا واعتدادنا بجدوى الكلام، ووراءنا الصوت الرهيب : خذ قصيدتك وامشِ !
خـــذ قـصـيــدتــك وامــــشِ !
نشر في: 12 ديسمبر, 2009: 03:41 م