TOP

جريدة المدى > تحقيقات > اختفاء الألبان العراقية من السوق .. ما لا يستخدمه "الجيران" يصدرونه إلينا

اختفاء الألبان العراقية من السوق .. ما لا يستخدمه "الجيران" يصدرونه إلينا

نشر في: 12 ديسمبر, 2009: 04:27 م

البصرة/باسم حسين في العشار وبالقرب من جامع الأمير كان هناك وقبل أكثر من ثمانين عاماً سوق شعبي عرف آنذاك بـ (سوق الألبان)، كانت النسوة، وهن أغلب الباعة في ذلك الوقت، يفترشن الأرض بعد أن أجهدن أنفسهن لعرض بضاعتهن المؤلفة من الاجبان والألبان الطازجة بالإضافة الى أجود أنواع التمور ويأتي (البرحي) على رأسها.
البضاعة المعروضة في سوق أيام زمان، والتي كانت تنال استحسان المتبضع البصري، تأتي من المناطق الواقعة شمال مدينة البصرة وتحديداً من القرنة والمدينة والهوير وكذلك من الهارثة، وهي مناطق معروفة حتى يومنا هذا بكونها ذات طابع ريفي يمتهن أهلها تربية الجاموس والأبقار وحيوانات داجنة أخرى تعد بالإضافة الى كونها مصدراً للربح الجيد لتلك العوائل ثروة تسد حاجة السوق المحلية من اللحوم والبيض والاجبان وما شاكل ذلك. كان اللبن أو ما يطلق عليه تسمية (الروب) معروضاً في أوان يسميها البصريون بـ(الكاشية) وهي صغيرة ومصنوعة أما من البلاستك أو السيراميك أو الفافون. في حين يفرش الجبن بأصنافه وأشكاله المتعددة على سطح (صوان) مغطاة بقماش ابيض يسمى (الململ) لحمايته من الحشرات والأتربة،أما البرحي والحلاوي والخستاوي و أصناف التمور البصرية الاخرى المشهورة بجودتها العالية فقد كانت هي الأخرى معروضة في ذلك السوق الصغير. اما عن نوعية وأسعار المواد التي كانت تباع في سوق الألبان (القديم) فيقول عنها عبد الرحمن عبد الخالق المرهون وهو من أقدم الباعة في ذلك الوقت: كان سعر الكيلو غرام الواحد من قيمر الجاموس يصل في ذلك الوقت الى دينار واحد فقط،اما قدح اللبن (الروب) زنة (ا) كغم فيتراوح سعره مابين 20- 50 فلسا،أما الحليب الطازج والذي لم يؤخذ سمنه ودهنه فتباع الـ(4) لترات منه بسعر نصف دينار،أي إن اللتر الواحد بـ (125) فلسا،ويضيف المرهون: أما الاجبان التي كانت تأتي إلى هذا السوق فيمكن تصنيفها إلى ثلاثة أصناف: الأول: جبن الجاموس ويكون ذا لون ابيض ويبلغ سعر الكيلو غرام الواحد منه (50) فلسا تقريبا الثاني: جبن البقر أو مايسمى بـ(جبن الهوش) والذي يكون ذا لون اصفر،هذا النوع من الاجبان يمتاز بدسومة عالية ويباع الكيلو غرام الواحد منه بذات القيمة التي يباع بها جبن الجاموس. النوع الثالث: يعرف باسم (جبن الكصايب)، ويصنع هذا النوع من الاجبان على شكل (كصيبة) الفتاة ومن هنا جاءت التسمية،بعد ان يتم اخذ الدسم كذلك منه،ويباع الكيلو غرام الواحد بذات السعر الذي يباع به النوعان السابقان. صناعة الألبان ومتغيرات السياسة العراقية! منذ ثمانينيات القرن الماضي أخذت الصناعة العراقية بالتراجع بعد ان كرست الحكومة آنذاك جل اهتمامها للصناعة الحربية،الا ان نقطة التحول كانت عام 1991 حيث فرض في العام المذكور مجلس الامن عقوبات اقتصادية قاسية بسبب غزو العراق للكويت الأمر الذي أصاب القطاع الصناعي بالشلل،ولقد كان من بين أهم وابرز المعامل التي تضررت جراء الحصار المعامل المتخصصة في الصناعات الغذائية ومنها معامل الألبان،ففي الوقت الذي تهتم فيه دول العالم بالصناعات الغذائية ومنها صناعة الألبان، لما تشكله تلك الصناعة من مردود ايجابي يساهم مساهمة فاعلة ومباشرة في تعزيز الوضع الاقتصادي للبلدان وخاصة النامية. لكن في العراق القضية تختلف تماماً،حيث تعرضت هذه الصناعة (صناعة الألبان) الى انتكاسة كبيرة خاصة إبان الحصار الاقتصادي، حيث توقفت المعامل العائدة للدولة كما هو الحال بالنسبة لمعمل ألبان البصرة في منطقة الحكيمية وبالتالي برزت معامل (أهلية) كمحاولة لسد النقص الحاصل في تلك المنتجات،الا ان أصحاب المعامل كانوا يفكرون في الأرباح التي من الممكن تحقيقها دون الالتفات الى القيمة الغذائية أو النتائج السلبية التي قد تنجم عن تناول مواد غذائية أقل مايمكن تسميتها بـ(غير صحية)،خاصة اذا كانوا أطفالاً وكبار سن!، من هنا يمكن ان نلاحظ الفرق بين المنتج السابق(الطازج) والمنتج المصنع في معامل اهلية تفتقر الى ابسط الشروط الصحية نتيجة غياب الرقابة وتفشي الرشوة في ذلك الوقت،فقد كانت هناك طرق وأساليب مختلفة للتحايل ومنها ان مادة الجبن التالفة يتم إعادتها من قبل أصحاب (البسطات) الى صاحب المعمل مرة أخرى علماً انها كانت قد تعرضت لساعات عدة لأشعة الشمس أو انها فسدت وتلفت بسبب غياب التيار الكهربائي في فصل الصيف خاصة الا ان صاحب المعمل يقوم باعادة تصنيعها مرة اخرى بعد ان يضيف اليها مواد جديدة ومن ثم تعاد نفس المادة الى الوسيط ومن ثم المستهلك!، هذه المرحلة التي حدثنا عنها عبد الجبار الكعبي (بائع ألبان) انتهت وأصبحت في طي النسيان حسب رأيه، الآن البان اليوم تواجه مشكله اخرى يحدثنا عنها المواطن عبد الله الفرطوسي قائلا: رغم اغراق السوق المحلية بأصناف مختلفة من منتجات الالبان المستوردة الا انها يبدو غير خاضعة لرقابة الجهات المختصة لهذا نجد ان أغلب المنتجات تالفة وخاصة اللبن (الروب) ولا نكتشف ذلك الا بعد ان نصل الى البيت و(الكلام لا يزال للمواطن) بعد ان نقوم بفتح العلبة او القنينة البلاستيكية او الزجاجية فأنه وفي مثل هذه الحالة يسقط حق المشتري في المطالبة باسترجاع حقه وما عليه الا ان يجرب بائعاً آخر ومنتجاً آخر ويضيف: في الدول لاسيما المجاورة للبصرة تشارف أصناف

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟
تحقيقات

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟

 المدى/تبارك المجيد كانت الساعة تقترب من السابعة مساءً، والظلام قد بدأ يغطي المكان، تجمعنا نحن المتظاهرين عند الجامع المقابل لمدينة الجملة العصبية، وكانت الأجواء مشحونة بالتوتر، فجأة، بدأت أصوات الرصاص تعلو في الأفق،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram