ثمة فرق بين دم ودم، أحدهما يسعى لتأسيس سلالة زرقاء، وآخر بدون لون، يُدفع ثمناً لطموحات مريضة، يحملها قادمون من أدنى درجات السلم الاجتماعي، ويتسلقون بصفاقة ودون أي مقومات تؤهلهم لذلك، كل أدراج السلم ليتربعوا على قمة الهرم، وفي هذا الإطار يمكن فهم الترتيبات لحفل زفاف يوصف بالأسطوري، لـ"بنان حسين كامل المجيد" حفيدة صدام حسين، وقد نشرت العروس صور "حفل الحناء"، ومراسم عُرسها، وهي ترتدي ثوبًا زهريًا مطرزا بخيوط فضية، كما نشرت صوراً لبطاقة الزفاف، الذي يقال إنه سيتم في قاعة فندق الفورسيزون الفخم في العاصمة الأردنية.
لا أحد بهذه المناسبة يتذكر اسم والد العروس، الذي قتله جدها لأمها، رغم أنه من أقرب المقربين وكان وزيراً للتصنيع الحربي، لكنه فر عام 1995 من العراق مع زوجته رغد، وطلب اللجوء السياسي من الراحل الملك الحسين، وظل مقيماً في الأردن ما يقرب من عام، لكنه عاد إلى بلده بعد حصوله على عفو رئاسي، لم يكن أكثر من خدعة رخيصة، ليلقى حتفه مع كل أفراد عائلته، باستثناء ابنة الرئيس التي لم يمسها سوء من الصولة الجهادية ضد زوجها المغدور، ومعها أحفاد الرئيس.
حملت بطاقات الدعوة اسم أمها "الأرملة"، ورغم أن المعروف عن وسائل الإعلام الأردنية، اهتمامها بهكذا أخبار، خصوصاً إن تعلقت بابنة "القائد الضرورة"، فإنها تجاهلت هذا الخبر، لما في ثناياه من بذخ زائد عن الحد، خصوصاً وأن الظروف الاقتصادية للأردنيين تضغط على تفاصيل حياتهم، وأن ظروف العراقيين لا تحتمل كل هذا التفاخر، الذي وصل حد أن تحمل بطاقة الدعوة الكبيرة الشعار الجمهوري، المتجسد بطائر النسر يتوسطه العلم العراقي المعتمد في عهد جدها، ويحمل جملة كتبها بخط يده رغم ما فيها من أخطاء، وكأن الدعوة رسمية لحفل حكومي أو متعلق بنشاط ترعاه الدولة.
في ليلة "الحنة" الباذخة تقمصت رغد شخصية والدها حين قلدت ابنتها شريطًا عريضًا يشبه أوسمة الضباط والقادة، مستعيدة صور والدها أمام من كان يضع لهم "أنواط الشجاعة"، أما بوفيه الحلويات فقد زينت كؤوسه شعار صدام الجمهوري، مزركشة بالدانتيل الأبيض، وبدت الأم الأرملة وقد جددت شبابها بعمليات تجميل خضعت لها خلال إقامتها في الأردن، واستثارت أنباء الزفاف الاسطوري حفيظة الكثير من الناس، وسأل البعض هل هذه هدية تقدمها عائلة صدام، تعاطفاً مع عشائر الأنبار التي تذبحهم داعش بالالاف، ورأى البعض أن من وضع شعار الدولة المنحلة في حفل حناء أو زواج، كان يفكر بأنه ما زال يحكم العراق أو يستعيد صور اجتماعات أعضاء البعث الحزب المنحل، وكأن مثل هذه الأحلام تغير واقع الحال.
الأبرز أن حناء وعرس حفيدة صدام بكل ما فيه من بذخ تفاخري جوبه بانتقادات قاسية من عشيرته التي رأت إنه بذخ لا لزوم له، وينم عن عدم احترام مشاعر النازحين والمهجرين، واضاف أحد شيوخ العشيرة أنه كان من الافضل أن تكون حفلة حنة عادية وعرساً عادياً تضامناً مع الأهل في العراق، وسألهم هل نسيتم انكم عراقيون؟ وهل كان من الضروري نشر الصور الاستفزازية بدل المحافظة على شعور الفقراء والنازحين الذين يسكنون الخيم في هذا الشتاء القارص، ودون حساب لشعور أهالي الشهداء في مختلف أنحاء العراق، وختم بإعلان البراءة مما يفعله هؤلاء.
وبعد، يقال إن الولد سر أبيه، وبما أنه لم يعد حياً أي من أبناء صدام، فإن ابنته تقمصت الدور ليصدق عليها القول البنت سر أبيها، وقد تربّت على أنها من سلالة أصحاب الدم الأزرق، مع أنه يبدو أنها بلا دم.
ليلة حنّاء صدّامية
[post-views]
نشر في: 24 نوفمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو اثير
هذا هو ألأسفاف بعينه فهذه العائلة عاشت في عنفوانها بأسفاف وعاشت في خزييها بأسفاف منحط وهي تريد أن تثبت للعالم أن دورها لا زال باقيا رغم غياب بريقها وهذه هي عقدة هذه العائلة التي جاءت من العدم لتجد نفسها وسط السلطة والمال والشهرة .ا
د عادل على
ان ممارسات العائله الصداميه تنبع من الممارسات الاجتماعيه فى قرون السيطرة العثمانيه---التظاهر بالثراء اللصوصى لعائله صدام وقتل صدام لازواج بنتيه مثالان برهانان للتخلف الفكرى والاجتماعى لمافيا العوجه الدين كانوا اشد فقرا ثم اثرت باستيلائهاعلى كل الثروة الوط