TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قضية السادة "المعقّبين"!

قضية السادة "المعقّبين"!

نشر في: 24 نوفمبر, 2014: 09:01 م

أشك أعمق الشك في ان أحداً سيستجيب لدعوة غرفة العمليات في الأمانة العامة لمجلس الوزراء بعدم التعامل مع المعقبين في ترويج معاملات إصدار إجازات السوق "لتفويت الفرصة على المستغلين في ابتزاز المواطنين والتجاوز على طوابير المراجعة"، كما جاء في الدعوة.
الذين اقترحوا هذه الدعوة والذين كتبوا صيغتها والذين وقّعوا عليها وأمروا بإعلانها على الملأ يبدون لي جميعاً أن ما من علاقة لهم بمكانهم وبزمانهم.. يبدون كما لو انهم يعيشون في بلد آخر وقارة أخرى، أو في زمن سابق كثيراً على زمننا الراهن المارة عليه إحدى عشرة سنة ونيف.
عدم التعامل مع المعقبين المتعاملين مع دوائر شرطة المرور ومع سائر دوائر الدولة يعني عدم إنجاز أية معاملة، أو تأخرها أياماً وأسابيع وربما ضياعها أيضاً.. لهذا السبب يضطر الناس الى التعامل مع المعقبين المتمتعين بقدرة سحرية على انجاز المعاملات في ظرف دقائق أو بضع ساعات على أبعد تقدير . الناس يفكرون بان دفع عشرين الف دينار أو خمسين الفاً أو حتى مئة الف وأكثر، هو أوفر لهم ليس فقط في الوقت وإنما في المال كذلك، فتكاليف الرواح والمجيء مرات ومرات يمكن أن تتجاوز المئة الف دينار، عدا ان الدفع للمعقبين يحفظ الكرامة الإنسانية المهدورة على نحو سافر عند شبابيك المعاملات في المرور والتقاعد والضريبة والأحوال المدنية والجنسية والمصارف المخولة بيع الدولار.... والقائمة طويلة للغاية.
الأنكى من كل شيء، ان الأمر لا يقتصر على وجود المعقبين في دوائر المرور أو الضريبة أو هيئة التقاعد أو التجارة أو سواها، وانما يمتد نطاق الخدمة المأجورة غير القانونية الى دوائر الخدمات العامة الأساس، بما فيها المستشفيات.
في المستشفيات يمكن أن يتسبب عدم الدفع بموت المرضى، فثمة الكثير من أفراد الكادر الصحي تعلموا الآن الا يؤدوا واجبهم الوظيفي، فضلاً عن الإنساني، ما لم يتسلموا مبالغ مالية أو هدايا عينية من ذوي المرضى.. وتستوي في هذا حالات الأمراض العادية والإصابات الخطيرة المهددة للحياة.
في زمن الدكتاتورية الغاشمة وحروبها الداخلية والخارجية الطويلة والحصار الدولي المهلك، انهارت قيم إيجابية وترسخت في محلها قيم سلبية فاجرة ومتوحشة.
سقوط الصنم قبل إحدى عشرة سنة لم يوقف الانهيار القيمي، بل زاد منه وعمّقه.. لِمَ لا والناس ترى من يتحدث بالدين والشريعة والجنة والنار والخير والشر والمعروف والمنكر، ينتهك قيم الدين والشريعة وتعاليمهما في وضح النهار، فيزوّر الشهادات ليستحوذ على المنصب العالي، ويعيّن المحاسيب الجهلة بدلاً من أهل الشهادة العلمية والكفاءة والخبرة، ويسرق المال العام ويغسل المال الفاسد ليكنزه عقارات في الداخل وحسابات بنكية وأسهماً في العواصم الكبرى.
معقب معاملة المرور وسواه، ما كان له أن يوجد لو لم يكن في دائرة المرور وسواها ضابط أو موظف فاسد.. العلاج في إطاحة هذا الضابط أو الموظف وتقديمه الى العدالة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. ابو سجاد

    هذا سرطان استشرى في جسد الدولة ولا احد يستطيع استئصاله لا العبادي ولا الاكبر من العبادي كونها حكومات فاشلة بنيت على الحزبية والطائفية

  2. علاء

    سيدي الكريم سلمت يداك على ما كتبت و اود اضافه ان الموضوع ليس توفير الوقت و المال و انما حفظ الكرامه التي تمتهن في دوائر الدوله و المراجعه من الشباك و الانتظار تحت لهيب الشمس او المطر.

  3. ابو اثير

    300 دولار أو ما يعادلها بالعملة الوطنية العراقية هي فاتورة الحصول على أجازة السوق لحد تأريخ اليوم في بورصة ألأسعار الكائنة في مديرية المرور العامة وللراغبين في الحصول على أجازة السوق ألأتصال بالوكلاء المعتمدين في دوائر المرور المنتشرة في جميع ألمواقع وقوا

  4. ملاك

    أتابع بأحترام كل ماتتناوله بعمودك الغني بالصور والملاحظات وتشخيص كل ألاوجاع التي يتعرض لها العراق ولكن استغرب انتقاء صور دون أخرى ترى ماحقيقة تعيين أبنة السيد رئيس الجمهورية مستشارة له وما مدى ضرورة هذا الأجراء مع التقدير

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: صيف المالكي

العمود الثامن: براءة نور وتابعه هيثم !!

العمود الثامن: نشيد عالية وأخواتها!!

الذين يتمسحون بأذيال السيستاني

العمود الثامن: ألف حزب وحزب

العمود الثامن: من أين لك هذا ؟

 علي حسين ينظر المواطن المسكين مثل جنابي الى بلده العراق ، ويشعر بالأسى على بلدٍ كان يراد له أن يلتحق بقطار العصر، فارتدّ بهمّة خطب سياسييه، إلى الوراء، إلى مجرد احزاب سياسية تضحك...
علي حسين

كلاكيت: كيليان مورفي وأشياء صغيرة كهذه

 علاء المفرجي مثل مواطنه دانيال دي لويس، جاء الممثل الايرلندي "كيليان مورفي" الى السينما من بوابة المسرح، ومثل لويس تماما كتب أسمه بحروف ناصعة بين ممثلي السينما الكبار منذ أول دور له، حتى...
علاء المفرجي

الصوم.. في التحليل السيكولوجي

د.قاسم حسين صالح انشغل علماء النفس بدراسة الصوم بيولوجيا وسيكولوجيا وانتهوا بموقفين متضادين: ألأول، يتبناه كتّاب وأطباء نفسانيون عرب،يرون ان الصوم يؤدي الى انخفاض مستوى الجلوكوز في المخ،فينجم عنه اضطراب في عمل الدماغ، واختلال...
د.قاسم حسين صالح

إرباك هائل بسبب دراسة خاطئة

إبراهيم البليهي ليس أسهل من دفع الناس في اتجاه الخطأ خصوصا إذا خوطبوا باسم العلم والبحث العلمي وتم تخويفهم بأن صحتهم في خطر.. ففي عام 1951 نشر الباحث الأمريكي أنسيل كيتس دراسة زعم أنه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram