تتغير حياة الناس العاديين في زمن الحرب، فكيف كانت الأوضاع بالنسبة للبريطانيين خلال سنوات الحروب مع فرنسا.تقول الباحثة جيني اوغلو في بحثها ان الأمر لم يكن سهلاً، ففي عام 1815، امر الدوق ويلينغتون كافة القوات البريطانية للتقدم في معركة (واترلو)، كانت ا
تتغير حياة الناس العاديين في زمن الحرب، فكيف كانت الأوضاع بالنسبة للبريطانيين خلال سنوات الحروب مع فرنسا.
تقول الباحثة جيني اوغلو في بحثها ان الأمر لم يكن سهلاً، ففي عام 1815، امر الدوق ويلينغتون كافة القوات البريطانية للتقدم في معركة (واترلو)، كانت الحروب الفرنسية في خلال الثورة الفرنسية وفي مرحلة حكم نابليون بونابرت تعبر عن طموحات الحكام (ولم تكن تلك الحروب بقيادة نابليون الا ما بعد نهاية القرن السابع عشر)، وآنذاك شهدت المعارك أكبر واضخم الجيوش التي شهدها الغرب، وكلفت شعوبها خسارة كبيرة في الأرواح، لم تسجل من قبل عام 1914، عندما تغيرت الإمبراطوريات الأوروبية وثقافتها.
وكانت الخسائر الفرنسية اسوأ بكثير من البريطانية، خاصة ان المعارك التي خاضها البريطانيون كانت ضد القوة البحرية الفرنسية ومستعمراتها البعيدة، وفي تلك المرحلة كان واحد من كل ستة بريطانيين آنذاك يبلغ من العمر الـ 14 سنة قد انضم الى الخدمة العسكرية عبر الأعوام الـ 22 والتي استغرقتها الحروب، وتوسع الجبش البريطاني في تلك المرحلة الزمنية الى ربع مليون جندي، وان اضفنا الى ذلك المتطوعين والميليشيا وقوات البحرية وان تذكرنا ما قاله جورج ستينير آنذاك: "في كلمة مرة يتطلع فيها رجل او امرأة عبر سياج الحديقة فانه يرى حراباً تمر."
وكان امراً مألوفاً رؤية الجنود والبحارة في خلال ايام عطلتهم في شوارع المدن او في كل حانة وخان، اما الضباط فقد أضافوا شيئا من الحيوية الى المجتمع الرفيع وغيروا من أسلوب حياتهم، اما أولئك الذين تم اعفاؤهم من الخدمة او الذين أصيبوا خلال المعارك وفقدوا ساقاً او ذراعاً او عيناً، وتكاثر عدد المتسولين في كل زاوية وكذلك تكاثر عدد من يتجاوز القوانين في كل سجن، وكذلك الأمهات اليائسات.
ومن ابرز مظاهر التعبئة العسكرية البريطانية، ما تزال في الذاكرة البريطانية على الرغم من ان العام القادم، يؤشر على انقضاء قرن من الزمن على معركة واترلو، وستتم إعادة الذاكرة الى تلك الحرب، في التلفزيون او الكتب، او يتم تذكيرهم بنابليون بونابرت وويلينغتون، ولكن كتاب اغلو، قد صدر الى الأسواق خلال هذا الأسبوع، متقدماً على ما سينشر فيما بعد.
ولم تشأ الكاتبة الكتابة عن الشؤون السياسية آنذاك، لان الكتاب كتبوا الكثير عن ذلك في الأعوام السابقة، والكثير في صفحاتها مكرسة لحياة البريطانيين في تلك المرحلة ومن كل الطبقات: في كيفية تقبلهم الأخبار الواردة من الحرب، في ترافالغار او واترلو، على سبيل المثال، وعبر كافة طبقات الشعب المختلفة: نساء و رجال.
وتكتب المؤلفة بأسلوب رقيق، ومن بين ما كتبت ما روته عن 400 من النسوة كن يرتدين معاطفهن الحمراء الطويلة لصيد السمك واللواتي عرقلن تقدم الغزاة الفرنسيين بوقوفهن مثل تشكيلة فوج واقف في انتظارهم.
وأحداث الحرب وذكرياتها سحبت الكاتبة للبحث عن عالم الأسرة البريطانية آنذاك: الفلاحون وأصحاب البنوك والعمال ورجال الدين ومالكو الطواحين وصناع البيرة والجنود والبحارة، وبشكل اصح الى حياة الطبقة الوسطى وتجربتها في الحرب، وقد كتبت برقة ودفء عن تلك الأجواء.
وفي فصولها الحزينة، تتحدث عن ان الفقر في الوطن قد وصل الى حد الكارثة، بعد فشل حصاد عام 1795، ومع الحملات الفاشلة للحلفاء في أوروبا، جاءت أخبار جيدة من الخارج: لقد استولت بريطانيا على سيلان وايضاً كيب تاون من الهولنديين، وتلك الأخبار القادمة من بعيدة أسعدت الغني والفقير، وكان الحصاد قد دمره الجفاف في ذلك الصيف، وكان شتاء العام التالي بارداً، بحيث ان الحليب كان يتحول الى جليد.
وتتحدث الكاتبة عن تجربة المرأة في خلال أعوام الحروب آنذاك، وتعلمها دروساً مهمة في خلال غياب الرجل في الحرب، وبدأت نهضة جديدة للمرأة وتفكيرها، فظهرت آنذاك كاتبات وروائيات وشاعرات، والأمور البيتية التي انشغلت المرأة بها، أدت الى تغييرها وانتباهها الى أمور اخرى، غير منزلية فقط.
وكانت تلك المرحلة، جسراً الى حالة جديدة أشبه بثورة جددت المجتمع بكل طبقاته تقريباً.
عن: الغارديان