اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > "التبرعات الطلابية" تمنعها التربية وتفرضها مدارس

"التبرعات الطلابية" تمنعها التربية وتفرضها مدارس

نشر في: 28 نوفمبر, 2014: 09:01 م

لم تشتكِ عبير البالغة من العمر 11 عاماً من حدة الألم كأي حالة هيجان عصبي جعلتها برغم سنها تتغاضى عنها في بادئ الأمر حتى قضت الليل ما بين الألم والأمل حتى بزوغ شمس النهار وما أن دبّت الحياة كعادتها راحت توقظ جميع مَن في المنزل فبدأ صوتها يرتفع ألماً،

لم تشتكِ عبير البالغة من العمر 11 عاماً من حدة الألم كأي حالة هيجان عصبي جعلتها برغم سنها تتغاضى عنها في بادئ الأمر حتى قضت الليل ما بين الألم والأمل حتى بزوغ شمس النهار وما أن دبّت الحياة كعادتها راحت توقظ جميع مَن في المنزل فبدأ صوتها يرتفع ألماً، والدتها كانت خائفة عليها ونقلت الى اقرب مستشفى لمعرفة سبب هذا الألم الذي تبين من خلال التحاليل والأشعة أنها مصابة بمغص كلوي نتيجة استخدامها الماء البارد في تنظيف الصف المدرسي بعد أن قامت مرشدة الصف بتقسيم العمل بين الطالبات لمرحلة الخامس الابتدائي، هذه الحادثة هي التي جعلتنا نقوم بإجراء هذا التحقيق الصحفي الذي اختلفت الآراء حوله بين مَن يؤيد هذه الفكرة وبين مَن يمنعها وأطراف أخرى فضَّلت الحل الوسط وهو ان يتعلم الطالب النظافة والحرص على المكان الذي يتعلم فيه وهذا يكون بمشاركته بحملة التنظيف التي تبدأ من مقعده الدراسي.

 

عبير ليست الطالبة الوحيدة التي يُطلب منها تنظيف الصف إنما زميلاتها ايضا على ان يجلبن معهن الفرشاة والمكانس والأقمشة الخاصة بمسح الأرض) والدة عبير قالت: إن المعلمة تطلب من الطالبات تنظيف الصف لأن عاملة الخدمة لا تستطيع القيام بالعمل لوحدها ، والأمر لا يتوقف على ذلك إنما يُطلب منهن جلب سلة مهملات وماسحة تنظيف وقطع قماش لتنظيف الزجاج في بداية كل عام دراسي جديد .

أولياء أمور يواجهون إدارات مدارس
وتقول والدة رؤى (طالبة في المرحلة الابتدائية) ايضا: تفاجأت عندما دخلت ابنتي حيث كان منظرها مختلفا تماما، فالتراب يعلو شعرها والحزن يعلو وجهها، وطلبت عدم الذهاب الى المدرسة كل يوم ثلاثاء تحديدا، والسبب هو أن المعلمة أجبرت الطالبات على القيام بدور منظفات لصفوفهن وعاملات الخدمة يقدمن الشاي والكعك الى الملاك التدريسي.
اما بتول كاظم باحثة اجتماعية قالت لـ "المدى": الأمور التربوية مع الأسف في الوقت الحاضر اختلفت كثيرا عن السابق وبحاجة الى إصدار تعليمات وقوانين جديدة من اجل النهوض بالواقع التربوي في العراق، هناك أمور جعلت مع الأسف الطلاب يرفضون الذهاب والتعلم في المدارس بشكل خلـَّف أرقاماً مخيفة من المتسربين من الطلاب والأميين وكانت لا فائدة من دخول المدرسة وطلب العلم حاليا ، وبكل صراحة التوعية التربوية والإرشاد التربوي اصبحا مهمتين في هذه المرحلة خصوصا للملاكات التدريسية وإعطاء محاضرات تساعدهم على كيفية التعامل مع التلاميذ في كل المراحل الدراسية تماشياً مع الوضع الراهن في العراق .
مجلس بغداد: ممنوع إشراك الطلبة في التنظيف
رئيسة لجنة التربية والتعليم في مجلس محافظة بغداد غروب العزاوي قالت في تصريح لـ (المدى): هناك قرارات لوزارة التربية تمنع التبرعات وضرب الطلاب وحتى قيام الطلاب بالتنظيف في المدارس حيث يشكل مجلس الآباء في بداية كل سنة دراسية داخل المدرسة ويكون له رئيس ومساعدان اثنان يتولون الأمور الخاصة لحل مشاكل الطلاب بالتعاون مع الإدارة كأن يريد أولياء الأمور راغبين بتصليح أنابيب المياه والمشاركة في ترميم جزء بسيط من المدرسة ،واستدركت العزاوي في حديثها قائله : هناك سلفة مخصصة لكل مدرسة مقدارها خمسة ملايين دينار ويكون صرفها من قبل إدارة المدرسة لسـد الاحتياجات الخاصة وقد يتأخر صرف السلفة بسبب الإجراءات والوصولات والروتين الطويل لصرف المبالغ اما الآراء بين 
في ما يخص طلب بعض إدارات المدارس قيام التلاميذ بتنظيف المدرسة هذا أمر مرفوض بشكل تام وهناك كُتب تؤكد ذلك صادرة من وزارة التربية تمنع ان تقوم إدارات المدارس بالطلب من الطلاب جمع التبرعات بأي أشكالها والقيام بالتنظيف والحصر يكون فقط على الجانب الدراسي ورفع المستوى العلمي، أما في ما يخص كثرة أعداد التلاميذ في الصف الواحد الذي يصل في اغلب المدارس الى 60 طالبا نتيجة قلة المدارس وكثرة الطلاب؟ 
أوضحت العزاوي: قلة الأبنية المدرسية تؤدي الى زيادة أعداد الطلاب في الصف الواحد ومع الأسف هناك أراضٍ ومتبرعون يرغبون بالتنازل عنها وبناء مدارس ،لكن يحتاج الى مراجعات ومعاملات تشمل 14 وزارة ،فمن المتبرع الذي يقبل بهذا الأمر؟! وجميعا نعلم كم من الوقت الذي يحتاج له التنازل عن الأراضي، وبدورنا أكدنا اكثر من مناسبة على ان يخفف هذا الروتين من اجل توفير أبنية مدرسية تستوعب الأعداد المتزايدة من الطلاب أفضل من ان يذهبوا الى المدارس الأهلية .
التربية: إدارات المدارس بحاجة الى التوعية
بينما أكد مدير الإشراف التربوي في تربية الرصافة الثالثة صباح البهادلي في تصريح لـ(المدى) قائلاً: ان ظاهرة طلب التبرعات المالية من الطلاب والقيام بالتنظيف أمر مرفوض وهناك إيعازات وكتب رسمية تؤكد ذلك، إضافة الى كتب صادرة عن مكتب وزير التربية تحفز المشرفين التربويين على توعية إدارات المدارس بعدم مطالبة التلاميذ بأية تبرعات او القيام بأعمال تخرج عن الواقع العلمي إضافة الى مديرية تربية الرصافة الاولى تسجل عن طريق مشرفيها بان عمال الخدمة هم من يقوم بأعمال التنظيف واذا ثبت غير ذلك تسجل الحالة وترفع الى الوزارة لمحاسبة المقصر .وفي ما يخص زيادة عدد الطلاب في المدارس وخصوصا في مناطق معينة مثل منطقة الأورفلي مدارسها تكون بواقع الدوام الثلاثي خصوصا في القطاعات 50 التي تحتاج حقيقة الى بناء هيكلية كاملة من المدارس لاستيعاب الطلاب فهذا الأمر هو من يزيد من الضغوطات على الطالب والإدارة إضافة الى الحاجة المستمرة في التنظيف، اذاً الأمر يحتاج الى توعية تربوية ، ولا يمكن السماح لإدارات المدارس بتشغيل التلاميذ بتنظيف المدرسة والصفوف لأي سبب كان لان ذلك يسيئ للعملية التربوية قبل ان يسيئ للتلميذ الذي جاء طالباً العلم والثقافة، لا ان يصرف جهوده وطاقته في أعمال ليست من اختصاصه، فهذا العمل مرفوض قطعيا، وأية إدارة مدرسة تقدم شكوى ضدها تثبت انها طلبت من تلاميذها القيام بالتنظيف ستعاقب بشكل مباشر
مدير المدرسة يتهرب من الدوام
والد الطالب مروان علـَّق: ابني يعود دائما متسخ الملابس وكلما نسأله يقول: لدينا درس شاغر والمعلمة طلبت منا تنظيف الصف وهو في مرحلة الثاني الابتدائي لماذا يستثمر المعلمون دروس الفنية والرياضة بالتنظيف، اين معلمة الرياضة ولماذا لا تقوم بعملها الصحيح وتقوم ببناء جسم سليم للطالب من اجل زيادة استيعابه العلمي؟! حقيقة ابني عندما يحضر جدوله المدرسي ويقرأ درس الرياضة يبدأ بالتذمر ويقول (هم راح أنظف)،هذه الحالة جعلتنا نستذكر الحادثة المؤسفة التي حصلت قبل سنتين للطلاب في احدى المدارس في منطقة الصدر ، حين امر مدير المدرسة بجمع النفايات ، واجبر الطلاب على حرقها قرب سياج المدرسة الخارجي ، وبسبب وجود أعتدة قديمة كانت مدفونة في باحة المدرسة الخلفية حدث انفجار رهيب راح ضحيته عددا من الأطفال ، وهدم جزء كبير من المدرسة ، وهرب المدير بلا عودة ، خوفاً من انتقام الأهالي !
المتحدثة الرسمية لوزارة التربية سلامه الخفاجي قالت في تصريح لـ(المدى): موضوع طلب التبرعات المالية والقيام بالتنظيف من قبل إدارات المدارس ممنوع منعا باتا وبكتب رسمية صادرة من وزارة التربية ومعممة الى مديريات التربية في جانبي الكرخ والرصافة اضافة الى ان العقوبة التي تطبق على مدير المدرسة في حالة إثبات ذلك هو العزل ،لأنه وبكل صراحة لا يمكن إثقال كاهل العائلة العراقية وهناك تعليمات الى المشرفين والمدراء العامين بضرورة محاسبة من يقصر بالعملية التربوية وتعيين عمال خدمة يقومون بأعمال التنظيف ولايطلب من الطلاب القيام بذلك. الى ذلك قامت وزارة التربية بإصدار كتب رسمية لجميع مديرياتها تتضمن منع تشغيل التلاميذ بالتنظيف وان من يقوم بتلك المهمة هم عمال الخدمة.
بينما قال عبد المحسن الموسوي مدير تربية الرصافة الأولى في تصريح لـ(المدى) قائلاً: في حالة إثبات تورط إدارة مدرسة بجمع تبرعات مالية من الطلاب من اجل تصليح البناية او الأبواب ... الخ يكون العزل والمحاسبة القانونية ،لان هناك سلفة مستديمة مقدارها خمسة ملايين دينار مخصصة لنثريات المدرسة وهذه السلفة سنوية ويتم إنفاقها بوصولات ويشكل رسمي وأصولي من قبل الإدارة فلماذا تطلب تبرعات من الطلاب فجمع التبرعات والقيام بالتنظيف من الأمور التي تؤثر سلبا على العملية التربوية ،اضافة الى ان الكتب الصادرة عن وزارة التربية تؤكد على منع كل الأمور التي يمكن ان تسيئ الى العملية التربوية والنهوض بالواقع العلمي .
الاتصال بلجنة التربية والتعليم في مجلس النواب كانت غير مجدية والوعود بالحديث مع احد الأعضاء طال كثيرا ولم نستطع الحصول على تصريح منهم حول هذا التحقيق ولانعلم ماهي الأسباب وراء ذلك .
هذا واكد مسؤول تربوي في الكرخ رفض الكشف عن اسمه: ان هناك تعليمات تمنع قيام الطلاب بأي أعمال تنظيف او حتى جمع تبرعات رغم قلة موظفي الخدمة لكن هذا لا يمكن ان يطلب من الطالب لأنه عندما قدم الى المدرسة لطلب العلم وليس للقيام بأعمال تنظيف كما توجد تعليمات بكتب رسمية تؤكد على منع جمع التبرعات حتى وان كانت لعامل خدمة ومن يثبت تورطه من مدراء المدارس يعاقب بالعزل الوظيفي
مدراء المدارس يدافعون عن انفسهم
في حين صرح مدير احدى المدارس ورفض ذكر اسمه قائلاً: اذا طلب من الطالب التنظيف فما الضير في ذلك وهو تعليمه المحافظة على المكان الذي يجلس فيه اما الطرف الاخر مديرة مدرسة النرجس الاهلية قالت من اولى الاهتمامات لنا في المدارس الاهلية هو المحافظة على النظافة وتعيين عمال خدمة لتوفير الاجواء المناسبة للطلاب لتلقي العلم .
ونشر موقع وكيبيديا عن منظمة اليونسكو قولها أن العراق في فترة ما قبل حرب الخليج عام 1991 كان يمتلك نظاما تعليميا يعتبر من أفضل أنظمة التعليم في المنطقة ، تقدّر نسبة المسجلين في التعليم الابتدائي بما تقارب الـ 100%، كذلك نسبة عالية للقادرين على القراءة والكتابة، وكادت الحكومة تقضي على الأمية تماماً في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الفائت، لكن التعليم قد عانى الكثير بسبب ما تعرض له العراق من حروب وحصار وانعدام في الأمن، حيث وصلت نسبة الأمية حاليا إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ التعليم الحديث في العراق. وتحاول الحكومة العراقية الحالية تدارك هذه الأزمة، بعد أن خصصت 10% للتعليم من ميزانيتها السنوية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram