اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حريم السلطان أردوغان

حريم السلطان أردوغان

نشر في: 28 نوفمبر, 2014: 09:01 م

تفضّل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتفسير ديني اجتماعي، مفاده أن لا مساواة بين الرجل والمرأة، ولا يمكن معاملة الرجل والمرأة بنفس الطريقة، لأن ذلك ضد طبيعة البشرية، ويذكر هذا بنظرة العقيد القذافي للمرأة في كتابع الأخضر، ولم يكتفي السلطان الجديد بذلك، فتعمد إهانة المرأة معتمداً على تفسيره للإسلام، فقال إن طباعهن وعاداتهن وأجسادهن مختلفة، وأنه لا يمكن وضع امرأة ترضع طفلها على قدم المساواة مع الرجل، باعتبار أن الإسلام حدد دور النساء بالأمومة، وليس في هذا غير أدلة على أن الرجل يفهم الدين كما يريد لا كما يجب، وأنه في آخر الأمر ومهما أحرز من نجاحات في اقتصاد بلاده، ومهما أعلن إيمانه بالديمقراطية والحريات الفردية والتعددية، وحقوق النساء، سيظل أسير نظرة ضيقة وبغيضة، تعتبر المرأة مجرد أداة للمتعة والإنجاب والخدمة في البيوت، وهو اليوم يستعيد بجدارة عصر الحرملك في قصور خلفاء بني عثمان بكل وضاعته، متجاهلاً أن أصوات النساء هي التي حملت حزبه إلى الحكومة، وحملته إلى منصب الرئاسة.
لم تمر تصريحات أردوغان المستهجنة دون إثارة ردود منددة من أحزاب المعارضة والمنظمات النسائية، التي اعتبرت أنه حرض علناً على الكراهية، وأنه لا يميز بين الإرهابيين والمدافعين عن حقوق المرأة، وأعلنت الجمعيات المعنية أنها وهي تدرك أن المرأة ليست على قدم المساواة من الناحية الفسيولوجية، فإن المساواة تقتضي أن تكون لها حقوق متساوية وفرص متكافئة، وأخذت عليه تعريفه للنساء فقط كأمهات، وهذا تمييز ضد جميع النساء اللاتي ليس لديهن أطفال، بينما هو سادر في معاداة الجمعيات النسوية بسبب آرائه حول جملة من القضايا لعل ابرزها دعوته التركيات في أكثر من مناسبة لإنجاب ثلاثة أطفال على الأقل، وبمعنى تحويلهن إلى مجرد أداة للتفريخ، والتفرغ لتربية الأطفال بدل المساهمة في بناء المجتمع، والانخراط في النشاطات الاقتصادية والسياسية والثقافية.
ليس مفهوماً كيف انتقلت تركيا في عهد أردوغان من بلد يسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إلى بلد يستذكر صباح مساء على لسان رئيسه فتوحات العثمانيين لمناطق في أوروبا، دون المرور على هزيمتهم عند أسوار فينا، ودون ملاحظة أن مشاعر مواطني الدول التي احتلتها جيوش الانكشارية، ما تزال حتى اليوم تحمل مشاعر الحقد على تركيا ومعها الإسلام، ولكنها مفهومة تلك النظرة البدائية للنساء، من زعيم تلبسته حالة من جنون العظمة، ربما بسبب قضاء فترة طويلة في الحكم، لا ننكر أنه حقق خلالها نجاحات بارزة، لكن المؤسف أنها حولته إلى دكتاتور يتمثل بسلاطين آل عثمان، وقد بنى لنفسه قصراً بلغت تكاليفه 650 مليون دولار، ويضم نحو ألف غرفة، والمهم أنه بني على أراضي غابات خضراء محمية، بما يشكل مخالفة للقوانين، مادفع معارضيه للقول إنه يبني لنفسه سلطاناً، في حين يوجد ثلاثة ملايين مواطن عاطلين عن العمل، بينما شبهات الفساد تشوب عمليات بناء القصر، الذي كان مخصصاً لرئيس الوزراء حين كان أردوغان يشغل هذا المنصب، لكنه تحول الى قصر رئاسي بعد أن بات أردوغان رئيساً، وبمعنى أن القصر بُني لفخامته شخصياً.
ليس سراً أن أردوغان فشل في بناء علاقات مثمرة سواء مع محيطه العربي الإسلامي أو حلفائه الغربيين، وها هو يتحول يفتعل معركة مع نصف شعبه من النساء، إضافة للكرد ومعارضيه السياسيين، وعندي فقط سؤال عن عدد الغرف المخصصة للحرملك في القصر الجديد؟.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    لاغرابة بذلك ياسيدي الفاضل كون جميع حكام المسلمين يبنون مثله او لربما اكبر وسرقة اموال المسلمين ويملىء القصر بالجواري الحسان من جميع حسناوات المعمورة فلا تستغرب من اردوغان اذا بنى قصرا

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram