إياد الصالحيللمواطنة حق في مساءلة الوطن عن جميع حقوقها المشروعة التي تؤمّن لها المعيشة الحرة بعز وأمان وكرامة لا تدنسها الأطماع والملذات والمغالاة في استملاك كل شيء بشراهة تخلّ بمبدأ المساواة والعدل بين الجميع . وفي الوقت نفسه ،
أليس للوطن حق علينا بأن نترفع عن كل ما يعرّضه الى التشهير الدولي بفضائح وصراعات واتهامات كالتي يتسابق بها ابناؤه بين الحين والآخر بذريعة الحرص على نزاهة أداء أحد الواجبات الوطنية مثل الانتخابات ؟ لا نرى ضرورة في ان نحمّل العراق ما لا طاقة له به ، فما ناله من نكران جميل في هذا الزمن الأغبر أكثر من وفاء الأجيال السابقة التي مشت على أرض ملغومة بالحروب والدسائس والخوف والقهر والمجاعة والأمراض واغتصاب الحقوق، ومع ذلك كانت رؤوسها مرفوعة لإيمانها بان الغد آت ودموع الصبر ليست إلا رذاذ مطر الحرية الذي زخّ بغزارة في العهد الجديد لكنه لم يغسل بعد قلوب المتعثرين في دروب المصالح من عبدة المال والجاه بأبشع صورهما ! دعونا نتمعن في استغاثة حسين سعيد أثناء اتصاله بزميلنا روان الناهي اول امس ومناشدته اساتذته وصحبه في المنتخبات الوطنية السابقة أن يبحثوا أزمة الكرة جدياً ويضعوا لها حلولا مناسبة تنهي التقاطعات وترفع عنها العقوبات الدولية ..أهي خلوة مع الضمير ترجمت الى نداء إنقاذ لعله يجد آذاناً مرهفة بالإصغاء ليس حباً بسعيد لاعب القرن في تاريخ الكرة العراقية في الأقل ، بل إكراماً لسمعة العراق الذي يبقى لنخيله ( تعويذة الحنين) سرّ اشتياق المغتربين لرائحة الكرامة ، فالنخلة تمرض وتواجه العواصف باستقامة ولا تنحني أبداً ( مثل العراق) مهما اشتدت الطبيعة عليه قساوة. والعكس صحيح ايضا ، فكثير من المواقف كان الوطن يستغيث بجهود حسين سعيد وزملائه الكبار في معارك كروية طاحنة وكان ابرزها ( موقعة كلكتا) بين العراق وقطر عام 1985 برسم تصفيات مونديال المكسيك . وعند عودتي لأرشيفي في جريدة (الجماهير) الكويتية العام المذكور كنت قد نشرت تقريراً حصرياً تضمن معلومة لم يكشف سعيد عنها حتى الآن !إن مواطناً سعودياً فتح معه خطاً هاتفياً من الرياض الى لندن حيث كانت ساقاه أسيرتي فراش أحد المستشفيات هناك ، واستمع لتعليق مباراة كلكتا 100 دقيقة بما فيها وصف المشاجرة التي اندلعت بين عدد من اللاعبين ، يومها بكى سعيد لأنه عجز عن مساندة المنتخب بسبب ظرفه الصحي وكانت نبضات قلبه تبعث اشارات القلق لئلا يفقد العراق أمل مواصلة المشوار نحو المونديال العالمي الذي تحقق فيما بعد. ان التضحية شعور متبادل يجب ان لا يقف عند رعد حمودي وحسين سعيد مفتاحي الدخول الى بوابة الحوار الحاسم لإنهاء الأزمة ، بل هي واجبة على شامل كامل وجمال صالح وفلاح حسن وباسل كوركيس وسلام علي ومهدي عبد الصاحب وكريم هادي واياد محمد علي وجميع المغتربين المعنيين بشؤون الكرة ، وهي فرصة لسماع قول العقلاء في ملتقى آخر يمتد يومين او ثلاثة يدعى إليه أعضاء اتحاد الكرة المنحل والهيئة المؤقتة وكل من له صلة بمشكلة الانتخابات للاتفاق على لائحة متكاملة لا غبار عليها ويُحدد موعد لإجرائها لن يكون أبعد من 30 كانون الاول الحالي ، عندئذ تخاطب اللجنة الاولمبية الوطنية فيفا معلنة التزامها بما أقرّ في مؤتمر إنقاذ الكرة العراقية من العقوبات مثلما اقترحنا إقامته بعد انتهاء الملتقى الحالي وترفع الاولمبية قرار الحل ليتسنى لفيفا المصادقة على اللوائح الجديدة وتستعيد اللعبة انشطتها المحلية والخارجية ويركب الجميع في قارب مصلحة العراق بعيداً عن الأجندة الخاصة التي تبقى تقلّب النزاعات والأحقاد والانقسامات في وقت يحتاج الى الوحدة حتى في أبسط مكوّن اسري يعبر عن انتمائه للجذور الوطنية وليس سطوحها. نأمل أن لا يهمّش نداء سعيد ، بل يفعّل باستجابة سريعة من رئيس اللجنة الاولمبية رعد حمودي الذي أعلن عدم وجود خط احمر لأي حلول واقعية تلامس لبّ الأزمة لا قشورها ، واعتقد ان توجه فلاح حسن وأخوته الوافدين من بقاع العالم لخدمة بلدهم سيكون فاعلا ومثمراً بتقريب القطبين المتنافرين واغتنام فرصة التأثير العقلاني والعاطفي والمهني بين نجوم الأمس ليسهموا في إزالة الضباب عن نافذة مستقبل الكرة العراقية ، ونحن متفائلون بذلك ، فعمل الخير .. الفعل الوحيد الذي لا ينتهي أوانه. Ey_salhi@yahoo.com
مصارحة حرة : من يستغيث بمن .. سعيد أم الوطن؟
نشر في: 12 ديسمبر, 2009: 05:55 م